ما السيناريو؟ أهو دليل الفيلم ام خطوطه العريضة؟ أهو الخطة أم مخطط العمل؟ أهو سلسلة مشاهد على شكل حوار أو وصف؟ أهو صور متسلسلة على الورق؟ أهو مجموعة أفكار؟ أم حلم في افق كامل؟ مالسيناريو؟
السيناريو قصة تُروى بالصور
السيناريو مثل (الاسم) في علم النحو يُطلق على (شخص) أو شخص في (مكان) أو امكنة وهو يؤدي (دوره) ونرى ان كل السيناريوهات تتقيد بهذا المبدأ الاساسي.
أن الصور المتحركة هي وسط مرئي ينقل على نحو درامي الاحداث الرئيسية في قصة ما وبغض النظر عن نوع القصة لابد ان يكون للسيناريو بداية ووسط ونهاية.
ولو اننا اخذنا اي سيناريو وعلقناه على الحائط كلوحة فنية وأمعنا النظر فيه فسيبدو كالرسم التخطيطي انظر الشكل رقم (1)
وهو بناء خطي اساسي تعتمده كل السيناريوهات.
هذا النموذج من السيناريو يعرف بـ(المخطط) وهو بحق نموذج أو نمط أو خطة تقوم على افكار محددة.
فـ(مخطط) طاولة ما على سبيل المثال هو لوحة خشبية تحملها اربع قوائم. وضمن هذا المخطط قد تكون لدينا طاولة مربعة أو مستطيلة أو مستديرة وقد تكون طاولة مرتفعة أو منخفضة وقد تكون مثلثة وقد تكون قابلة للتحوير ضمن هذا (المخطط) فتأخذ الشكل الذي نريده نحن، لكنها تبقى لوحة خضبية تحمل على اربعة ارجل وهذا (المخطط) ثابت لا يقبل التغيير.
اذاً الرسم التخطيطي في الشكل رقم (1)هو (مخطط) السيناريو الذي سنعلاف الآن تفاصيله.
◄ الفصل الاول أو التمهيد (Set up)
يقع السيناريو القياسي في مائة وعشرين صفحة تقريباً أو ساعتين، وتقاس كل صفحة بدقيقة، ولايهم اذا كان نك حواراً أو حركة أو الاثنين معاً.
القاعدة ثابتة صفحة من السيناريو تقابل دقيقة من الوقت على الشاشة. البداية هي الفصل الأول ويشار إليه بـ(المدخل)، لأن لديك ثلاثين صفحة تقريباً لبناء هيكل قصتك. فلو ذهبت لمشاهدة فيلم ما فأنك عادة ما تتخذ قرارا أما عن وعي أو عن غير اكتراث – فيما اذا كان الفيلم قد (اعجبك) أم (لم يعجبك). لكن اذا قررت ان تذهب لمشاهدة فيلم ما مرة ثانية جد كم من الوقت تحتاج لاتخاذ قرار فيما إذا كان الفيلم قد اعجبك أم لا. ستجد ان هذا سيستغرق عشر دقائق أي عشر صفحات من نصك، وهذا ايعني انه عليك ان تكسب قارئك على الفور.
لديك عشر صفحات تقريباً لتجعل قارئك يعرف (من) هي (شخصيتك الرئيسية) و (ما) هي فكرة القصة و(ما) الحالة التي يريد تناولها.
في "الحي الصيني" على سبيل المثال، نعرف من الصفحة الاولى ان "جيك غيتس" (جاك نيكلسن) مخبر خاص مبتذل متخصص في (قضايا تتطلب قدراً كبيراً من الكتمان). وفي الصفحة الخامسة نتعرف على السيدة "مولري" (دايان لاد) التي تريد ان تستاجر "جيك غيتس" لتعرف (من هي المرأة التي يقيم زوجها علاقة بها). هذه هي المشكلة الرئيسية في السيناريو التي تعطي دفعاً درامياً للقصة بأتجاه خاتمتها.
في نهاية الفصل الاول، هناك (موضوع حبكة) والتي قد تكون حدثاً صغيراً أو كبيراً، يدخل على القصة ليغير مجرى الاحداث فيها.
ويقع هذا الحدث بين الصفحتين 25-27، ففي "الحي الصيني" وبعد ان تسرب الموضوع إلى الصحيفة التي زعمت بأن السيد مولري قد ضُبط في "وكر حب"، تذهب السيدة مولري الحقيقية (فاي دوناواي) مع محاميها إلى غيتس وتهدده بالمقاضاة. فإذا كانت هذه السيدة مولري (الحقيقي) فمن هي السيدة التي استأجرت جاك نيكلسن؟ و(من) الذي استأجر السيدة مولري (المزيفة) و(لماذا)؟. هذا الحدث يغير مجرى احداث القصة في اتجاه آخر، وعلى نيكلسن الذي تصبح المسألة بالنسبة إليه قضية حياة أو موت ان يعرف من اوقع به و(لماذا؟).
◄ الفصل الثاني أو المجابهة (Confrontation)
يضم الفصل الثاني مجمل قصتك، وهو يقع بين الصفحتين 30-90 ويصطلح عليه الجزء الخاص بـ(المجابهة) من السيناريو لان (الصراع) هو اساس كل عمل درامي. فما ان تحدد ملامح الشخصية التي تريد رسمها، أو بمعنى آخر ان تكتشف ما تريده تلك الشخصية من خلال السيناريو، وان تكتشف ما هدفها، حتى يكون بوسعك حينئذ ان تصنع عقبات اما تحقيق تلك الحاجة وهذا يولد الصراع، وفي "الحي الصيني" التي هي قصة بوليسية، يتناول الفصل الثاني صراع جاك نيكلسن مع القوى التي لاتريده ان يميط اللثام عن المسؤول في جريمة قتل مولري وعن فضيحة البحيرة. فالعقبات التي ذللها جاك نيكلسن هي التي املت (الفصل الدرامي) على القصة.
غالباً ما تقع الحبكة في نهاية الفصل الثاني بين صفحتين 85-90، وفي "الحي الصيني" تقع الحبكة في نهاية الفصل الثاني عندما وجد جاك نكلسن الاقداح في حوض السباحة حيث قتل مولري انها اقداح مولري أو اقداح الرجل الذي قتل مولري الامر الذي يقود إلى ايجاد حل للقصة.
◄ الفصل الثالث أو الحل (Resolution)
يقع الفصل الثالث عادة بين الصفحتين 90-120 ويوصل إلى حلٍ للقصة. وكيف تصل القصة إلى نهايته؟ ماذا يحدث للشخصية الرئيسية؟ اتبقى على قيد الحياة ام توافيها المنية؟ هل تنجح ام تفشل؟ ان ايجاد نهاية متينة لقصتك ام مهم لكي تجعلها مفهوم ومتكاملة. فأيام النهايات الغامضة قد ولت.
تتقيد كل السيناريوهات بهذا البناء الخطي الاساسي
ويمكن تعريف البناء الدرامي على انه ترتيب خطي لاحداث متلة يقود إلى حل درامي.
ان الطريقة التي توظف بها هذه المكونات البنائية هي التي ستحدد شكل فيلم. "أني هول" على سبيل المثال هي قصة تروى بأسلوب استرجاع الاحداث (Flash back) مع ذلك فللقصة بداية ووسط ونهاية وهكذا الحال بالنسبة إلى فيلم "العام الماضي في مارينباد" و"المواطن كين" و"هيروشيما حبيبتي" و"كاوبوي منتصف الليل".
هنا نرى ان (النموذج) يحقق النتائج المطلوبة . انظر الشكل رقم (1)
الشكل رقم (1) نموذج أو نمط أو خطة ذات مفاهيم لما يجب ان يكون عليه السيناريو الجيد ذلك إنه يعطي فكرة، عامة عن كيفية بناء السيناريو. فاذا عرفت شكل ذلك البناء فسيكون بوسعك عندئذ ان "تُضمنه" قصتك بسهولة.
ولكن هل ينطبق هذا (النموذج) على (كل) السيناريوهات الجيدة؟ الجواب هو نعم.
المصدر: السيناريو/ تأليف: سيد فيلد/ ترجمة: سامي محمد – دار المأمون للترجمة والنشر بغداد 1989/ وزارة الثقافة والاعلام.