على الأرجح لم يتسبب ركوب القطار النفقي أو “المترو” بأية مشكلة رهاب أو انزعاج من قبل. ومع أن معظم محطات المترو تحت الأرض لا يتعدى عمقها أدوارًا معدودة للأسفل، إلا أن هناك بالفعل من يصاب بنوع خاص للغاية من الرهاب المتعلق بالقطارات. رهاب القطارات العاديSiderodromophobia يشمل الإصابة بنوبات هلع، وزيادات مفاجئة في معدل ضربات القلب، كما قد يعاني من يختبرها من برودة العرق ومشاكلَ هضمية وفد يقوم بعض المصابين بالبُكاء وأحيانا بالفرار. لم يبتكروا اسمًا لاتينيا فخيما لرهاب القطارات النفقية بعد، مع أنه جدير بواحد معقد يوحي بالجدية والخطورة تمامًا.
ثم تأتي الطبيعة لتلعب دورًا في جعل الأمر أسوأ بمراحل، لتضطر المهندسين إلى الهبوط بمحطات القطارات النفقية إلى أعماق كبيرة للتغلب على تحديات الموقع أو جيولوجيا الأرض؛ وهو ما حدث مع محطة مترو أرسنالنا Arsenalna بالعاصمة الأوكرانية كييف.
تقع محطة مترو أرسنالنا على عمق 105 متر تحت سطح الأرض، ما يجعلها أعمق محطة مترو في العالم. مع هذا العمق، يمكنك وضع تمثال الحرية بأكمله طوليًا وسيتبقى لك أكثر من 12 مترًا أخرى حتى تصل لرصيف قطار أرسنالنا النفقي! لهذان يتوجب على الركاب المسافرين عبر محطة أرسنالنا أن يستقلوا سلمين متحركين ينحدران من مدخل المحطة العلوية حتى رصيف القطار النفقي بالأسفل؛ وهي رحلة تستغرق ما يقارب 5 دقائق كاملة!
يعزى العمق غير المعتاد لمحطة أرسنالنا إلى طبيعة عاصمة البلاد كييف الجغرافية؛ حيث يقع مدخل المحطة على سطح وادي منبسط ويجري على مقربة منها نهر دنيبر Dnieper والذي ترتفع ضفافه بشكل كبير عن الأراضي المحيطة. هكذا، لم يجد المهندسون حلًا إلا الغوص عميقًا أسفل صفاف النهر لبناء محطة مترو كييف ومنها ينطلق القطار بشكل مستقيم إلى المحطة التالية في دنيبرو Dnipro والتي تقع محطتها أعلى سطح الأرض! هل تتخيلون معي مدى ارتفاع ضفاف نهر دنيبر؟!
في الواقع، ومع رؤية الصور بالأعلى، ومع تخيل كل هذا العمق أسفل الأرض ومع مشهد الجدران الكالحة والهواء الساكن والصمت المدوي، أعتقد أنني قد أصبت برهاب القطارات النفقية بالفعل!