عمرو بن غزية بن عمرو بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه، صحابي مشهور، شهد بيعة العقبة الثانية وبدرًا وأحدًا، وفيه نزل قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].

عمرو بن غزية اسمه ونسبه

عمرو بن غَزِيَّة بن عمرو بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غَنْم بن مازن بن النجار تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، من بني مازن من الخزرج، المازني النجاري الخزرجي الأنصاري[1].

ذكر ابن منده أن اسمه "عمر بن غزية"[2]، قال أبو نعيم الأصبهاني: وهو عمرو بن غزية الأنصاري، عقبي، (وروى الحديث المذكور في بيع التمر)، ثم قال: عمر بن غزية، وهو وهم [3]، يقصد "عمرو" بفتح العين، وفي آخره واو، بدل "عمر" بضم العين. قال ابن الأثير: والحق معه [أي مع أبي نعيم]، وقد ذكره ابن منده أيضا في عمرو، وذكر القصة بحالها، ولا شك أنه غلط من ابن منده، والحق مع أبي نعيم، فإن عَمرا يشتبه بعمر على كثير من الناس [4].

وضبط ابن حجر العسقلاني اسمه، فقال: عمرو بن غَزِيَّة: بغين معجمة مفتوحة ثم زاي مكسورة وتحتانية ثقيلة [5]. وقال ابن حبان: كنيته أبو حَبَّة، بينما قال الذهبي: كنيته: أبو حيَّة [6]، وهذا ليس بصحيح، وإنما أبو حبة كنية: أبو حبة زيد وقيل عمرو بن غزية بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار، وأبو حبة وأبو حية، قال فيهما ابن الأثير: : أبو حبة الأنصاري الأوسي البدري، ويقال: أبو حية بالياء تحتها نقطتان، وأبو حنة بالنون، قاله أبو عمر، وقال: صوابه حبة- يعني بالباء الموحدة ..، واسمه: عامر بن عمير بن ثابت بن كلفة ابن ثعلبة بن عمرو بن عوف الأكبر بن مالك بن الأوس [7].

أسرة عمرو بن غزية

قال ابن سعد: أمه هند بنت عمرو بن جعبر الجهضمية، من الأزد[8].

تزوج رضي الله عنه من الصحابية الجليلة أم الحارث سُلَيْمَة بنت الحارث بن ثعلبة بن كعب بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار الخزرجية الأنصارية [9]، فولدت له: الحارث بن عمرو بن غزية صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكبر أولاده [10]، وعبد الرحمن بن عمرو بن غزية [11].

وله من الولد: الحجاج بن عمرو بن غزية، قال البخاري: له صحبة [12]، وأوس بن عمرو بن غزية، ولبابة بنت عمرو بن غزية؛ وأُمُّهم: أم الحجاج بنت قيس بن رافع بن أُذينة من أسلم، وأمَّ موسى بنت عَمرو، وَأخوات لها؛ وأمُّهن هنيدة بنت قيس بن سعد بن مالك بن عوف بن عمرو بن كعب بن خزاعة، وزيد بن عمرو؛ وأمه مِن جهينة، وسعيد بن عمرو بن غزية لا عقب له [13].

إسلام عمرو بن غزية وجهاده

كان عمرو بن غزية بن عمرو بن ثعلبة رضي الله عنه من الصحابة السابقين في الإسلام، شهد بيعة العقبة الثانية في روايتهم جميعًا [14]، وشهد رضي الله عنه غزوة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم[15]، بينما لم يذكره ابن سعد فيمن شهد بدرًا، بل فيمن شهد غزوة أحد [16].

حديثه ومواقفه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

روى البخاري في صحيحيهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فأنزلت عليه {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]. قال الرجل: ألي هذه؟ قال: "لمن عمل بها من أمتي" [17]. وفي صحيح مسلم عن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني عالجت امرأة في أقصى المدينة، وإني أصبت منها ما دون أن أمسها، فأنا هذا فاقضِ فيَّ ما شئت. فقال له عمر: لقد سترك الله، لو سترت نفسك. قال: فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا. فقام الرجل فانطلق، فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم، رجلًا دعاه، وتلا عليه هذه الآية {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]، فقال رجل من القوم: يا نبي الله، هذا له خاصة؟ قال: "بل للناس كافة" [18].

ذكر أهل التفسير والحديث أن الرجل المقصود في تلك الآية، هو عمرو بن غزية بن عمرو رضي الله عنه، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه في قوله عز وجل {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] قال: نزلت في عمرو بن غزية الأنصاري كان يبيع التمر، فأتته امرأة تبتاع منه فأعجبته، فقال: إن في البيت تمرًا أجود من هذا، فلما دخلت وثب عليها، فلم يترك شيئًا مما يصنع الرجل بالمرأة إلا أتى، إلا أنه لم يجامعهما، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فنزلت فيه هذه الآية {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] [19].

وعند أبي نعيم بسنده عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114]، قال: نزلت في عمرو بن غزية الأنصاري، وكان يبيع التمر، فأتته امرأة تبتاع منه تمرا فأعجبته، فلما وقعت في نفسه، قال: في البيت تمر أجود من هذا فانطلقي معي حتى أعطيك منه، قال: فانطلقت معه المرأة، فلما دخلت معه البيت وثب عليها، فلم يترك شيئا مما يصنع الرجل بالمرأة إلا قد فعله، إلا أنه لم يجامع، وقذف شهوته، فلما قذف شهوته ندم على صنيعه، ثم اغتسل وأتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا أَدْرِي مَا أَرُدُّ عَلَيْكَ"، فحضرت العصر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العصر، فلما فرغ من صلاته، نزل عليه جبريل عليه السلام بتوبته، فقال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] الآية [20].

قال النووي: قالوا: وعمرو هو الذى أصاب من امرأة أجنبية كل شىء سوى الجماع، ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم تائبًا، فصلى العصر، فأنزل الله تعالى توبته: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، والحديث مشهور فى الصحيحين، لكن لم يعين اسمه فيهما [21].

وقال ابن حجر في الإصابة: ووردت القصة لنبهان التمَّار، ولأبي اليسر كعب بن عمرو، وأغرب الثعلبي في تفسيره [22]، فسمَّى أبا اليسر عمرو بن غزية، كأنه رأى القصة وردت لهما، فظنه واحدًا، فإن كان ضبَطَه حُمِل على أن عمرو بن غزية كان يكنى أبا اليسر أيضًا، فيستدرك على مصنّفي المشتبه، فإنهم لم يذكروا من الصحابة إلا أبا اليسر كعب بن عمرو [23].

وعقب ابن حجر في فتح الباري بقوله: وأما قصة ابن غزية فأخرجها ابن منده من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: "وأقم الصلاة طرفي النهار"، قال: نزلت في عمرو بن غزية وكان يبيع التمر فأتته امرأة تبتاع تمرا فأعجبته .. الحديث، والكلبي ضعيف، فإن ثبت حمل أيضا على التعدد، وظن الزمخشري [يقصد الثعلبي في تفسيره] أن عمرو بن غزية اسم أبي اليسر فجزم به فوهم [24].

___________________

[1] ابن هشام: السيرة النبوية، ج1/ ص458. ابن سعد: كتاب الطبقات الكبير ج4/ ص338. وعند ابن سعد في نسب ولده الحجاج رضي الله عنه: الطبقات الكبير، ج7/ ص263، الطبقات الكبرى ج5/ ص267. أبو نعيم الأصبهاني: معرفة الصحابة، ج4/ ص2025. ونسب مازن بن الخزرج: ابن السائب الكلبي: نسب معد واليمن الكبير، ج1/ ص390، 400.
[2] ابن منده: المستَخرجُ من كُتب النَّاس للتَّذكرة والمستطرف من أحوال الرِّجال للمعرفة، ج2/ ص254.
[3] أبو نعيم الأصبهاني: معرفة الصحابة، ج4/ ص1950.
[4] ابن الأثير: أسد الغابة، الناشر: دار الفكر – بيروت، 1409هـ / 1989م، ج3/ ص683.
[5] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج7/ ص437.
[6] ابن حبان: الثقات، ج1/ ص415.
[7] ابن الأثير: أسد الغابة، ج5/ ص65. ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج4/ ص1627. موفق الدين ابن قدامة المقدسي: الاستبصار في نسب الصجابة من الأنصار، ص85. ابن ناصر الدين الدمشقي: توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم وألقابهم وكناهم، ج3/ ص84.
[8] ابن سعد: كتاب الطبقات الكبير، ج4/ ص338.
[9] ابن سعد: كتاب الطبقات الكبير، ج4/ ص338، ج10/ ص407 - 408. ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج8/ ص438. ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج14/ ص319.
[10] ابن سعد: كتاب الطبقات الكبير، ج4/ ص338، ج10/ ص408. ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج8/ ص438. ابن قانع: معجم الصحابة، ج1/ ص180. موفق الدين ابن قدامة المقدسي: الاستبصار في نسب الصجابة من الأنصار، ص87.
[11] ابن سعد: كتاب الطبقات الكبير، ج4/ ص338، ج10/ ص408. ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج8/ ص438. ابن الأثير: أسد الغابة، ج3/ ص374. الذهبي: تجريد أسماء الصحابة، ج1/ ص353. ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج6/ ص536 – 537.
[12] ابن سعد: كتاب الطبقات الكبير، ج4/ ص338. ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج5/ ص267. البخاري: التاريخ الكبير، ج2/ ص370. ابن حبان: الثقات، ج3/ ص87. ابن قانع: معجم الصحابة، ج1/ ص194. أبو نعيم: معرفة الصحابة، ج2/ ص727. ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج1/ ص326 – 327. ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج2/ ص481- 482.
[13] ابن سعد: كتاب الطبقات الكبير، ج4/ ص338.
[14] ابن هشام: السيرة النبوية، ج1/ ص458. ابن سعد: كتاب الطبقات الكبير، ج4/ ص338. ابن منده: المستَخرجُ، ج1/ ص105. ابن أبي عاصم: الآحاد والمثاني، ج3/ ص400. الطبراني: المعجم الكبير، ج17/ ص37. ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج3/ ص1197. ابن الأثير: أسد الغابة، ج3/ ص757. ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج7/ ص437.
[15] ابن حبان: الثقات، ج3/ ص271. ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج3/ ص1197. ابن الأثير: أسد الغابة، ج3/ ص757. ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج7/ ص437.
[16] ابن سعد: كتاب الطبقات الكبير، ج4/ ص338.
[17] صحيح البخاري (4410) صحيح مسلم (2763).
[18] صحيح مسلم، (2763).
[19] ابن منده: المستَخرجُ، ج1/ ص105 – 106.
[20] أبو نعيم: معرفة الصحابة، ج4/ ص2025. وانظر: ابن الأثير: أسد الغابة، ج3/ ص757.
[21] النووي: تهذيب الأسماء واللغات، ج2/ ص33.
[22] الثعلبي: الكشف والبيان عن تفسير القرآن، ج5/ ص193.
[23] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، ج7/ ص437 – 438.
[24] ابن حجر: فتح الباري ج8/ ص356.
- قصة الاسلام