زعيم وطني، كان أول المطالبين بالاستقلال عن فرنسا منذ العشرينيات، وهو مؤسّس أول حزب سياسي وطني “نجم شمال إفريقيا” سنة 1926، تحوّل إلى حزب الشعب الجزائري في مارس 1937، ثم إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية ثم أسّس الحركة الوطنية الجزائرية.
إنّه مصالي الحاج الملقب بـ “أبي الوطنية”، ولد بمدينة عين زعطوط بالرحيبة بتلمسان في 16 مايو 1898، من أب إسكافي، وتوفي بالعاصمة الفرنسية باريس في 3 جوان 1974، ودفن بمقبرة الشيخ السنوسي بمسقط رأسه.
تمسّك بالنضال السياسي ومحضرا للنشاط المسلح، جنّد في الحرب العالمية الأولى ثم استقر في فرنسا، سجن مرات عديدة في فرنسا والجزائر، نفي إلى برازافيل عام 1945، كانت عائلته تشتغل في الحرف والفلاحة، تلقّى تكوينا يحترم التقاليد ومبادئ الدين الإسلامي، وكان من الطريقة الدرقاوية، حيث جنّد لأداء الخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي عام 1918، وشارك في الحرب العالمية الأولى في الجيش الفرنسي ثم عاد إلي الجزائر عام 1921.
تلقّى صعوبات في الحصول على العمل، فاضطر العودة إلى فرنسا في أكتوبر 1925 وهو في سن الخامسة والعشرين، وهناك زاول بعض الأعمال في مصانع باريس، وبدأ نشاطه من خلال النقابات، واكتسب تجربة العمل السياسي مستفيدا من خبرات الإدارة والتنظيم والاتصال والقيادة، وفي هذه الفترة اقترب من الحزب الشيوعي الفرنسي.
في جوان عام 1926 أسّس مصالي الحاج حزب نجم شمال أفريقيا، وتولى منصب الأمانة العامة وآلت إليه رئاسة الحزب في العام الموالي 1927، كان حزب النجم مفتوحا أمام أقطار المغرب العربي الثلاثة، وعلى رأس المطالب التي رفعها حزب نجم شمال إفريقيا الاستقلال الوطني لأول مرة عام 1927، ولذلك اعتبر مصالي الحاج رائدا للاستقلال، والجملة الشهيرة التي أطلقها مصالي الحاج: “هذه الأرض الجزائر ليست للبيع”.
ونتيجة ذلك تعرّض مصالي الحاج للسجن أكثر من مرة، وتمّ حل حزبه في نوفمبر 1929، قبيل بضعة أشهر من احتفال فرنسا بمائوية احتلالها للجزائر، فتحوّل الكثير من أعضائه إلى العمل السري. وفي تلك الفترة وجّه مصالي الحاج مذكّرة إلى عصبة الأمم كشف فيها اعتمادا على الأرقام عن فشل الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وقد قامت جريدة الحزب “الأمة” بنشر هذه الوثيقة، وفي عام 1933 أضيفت عبارة (المظفر) إلى اسم حزب النجم، وعاد إلى النشاط من جديد وأصبح نشاطه يقترن مع نشاط مصالي الحاج.
في فيفري 1934 شارك النجم في المظاهرات المضادة للفاشية التي نظّمتها القوى اليسارية والعمالية الفرنسية، وألقي القبض على مصالي الحاج يوم 1 نوفمبر من نفس السنة وحكم عليه بستة أشهر، وقع حل الحزب ليسمى الاتحاد الوطني لمسلمي شمال إفريقيا، وانتخب مصالي الحاج رئيسا له في فيفري 1935، ومثل أمام القضاء من جديد في ماي من نفس السنة، ثم فرّ إلى سويسرا حيث تعرّف على شكيب أرسلان.
وقد تعرّض مصالي الحاج للسجن مرة أخرى عام 1937 لمدة عامين وأطلق سراحه يوم 27 أوت 1939، وفي الشهر الموالي وقع حلّ حزب الشعب الجزائري، وألقي عليه القبض من جديد وحوكم بست عشرة سنة أشغالا شاقة من قبل حكومة فيشي، وفي 23 أفريل 1943 وضع من قبل قوات الحلفاء تحت الإقامة الجبرية مع الوعد بإطلاق سراحه بعد شهرين.
ولكن هذا لم يتم، وفي عام 1944 ضم حزبه المحظور إلى حزب حركة أصدقاء البيان والحرية لفرحات عباس. وبعد مجزرة سطيف عام 1945 أسّس مصالي الحاج عام 1946 حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي قامت بتأطير نضال الشعب الجزائري، وفي هذا الحزب سيتلقى العديد من الشبان تكوينهم الوطني وسيفجّرون الثورة الجزائرية.
عندما اندلعت الثورة المسلّحة في 1 نوفمبر 1954 ضد الاستعمار الفرنسي، كان موقف مصالي الحاج معارضا للكفاح المسلّح متمسّكا بالعمل السياسي، وفي هذا الإطار أسّس عام 1954 الحركة الوطنية الجزائرية وهي الحزب الوحيد الذي لم ينخرط في الثورة، وحصلت مواجهات دامية بين هذا الحزب وحزب جبهة التحرير الوطني سواء بالجزائر أو بفرنسا.