بالفيديو والصّور: غمرته الثلوج 3 أيام... لن تتخيلوا من أنقذه!
صحيح أنّ المغامرات الشتوية ممتعة، لكنها قاسية وخطرة في الوقت نفسه. فكيف اذا كانت مغامرة على الثلج وفي العاصفة؟! هذه حال الشاب اللبناني فريدي معلوف الذي يهوى المغامرات في العواصف الثلجية وعلى أعلى قمم الجبال اللبنانية. فهل سلم هذه المرّة؟
لقد اعتاد معلوف، عاشق الثلوج، على هواية الـ snow caving، التي تتطلب التخييم في وسط العاصفة. فاتجه هذه المرّة برفقة كلبه، منذ أسبوع تقريبا الى القرنة السوداء، قمة ترتفع 3096 م عن سطح البحر في شمال لبنان، حيث كانت الحرارة متدنية جدا وتصل الى 15 درجة تحت الصفر. لم يكن يملك أي أطعمة لأنه كان بانتظار صديقه الذي سيجلب معه المأكولات ليمضيا عطلة نهاية الأسبوع في العاصفة الثلجية المرتقبة.
مضى يومي السبت والاحد على خير، لكن صباح الاثنين وقعت الكارثة! فالعاصفة المرتقبة، والتي تفترض أن تكون ممتعة، كانت أشبه بشبح الموت على معلوف اذ اصطحبها انهيار ثلجي قوي ورياح باردة تنخر العظام. فغمرت خيمته واقتحمته بالكامل تماما كالافلام السينمائية...
أمضى الشاب فريدي برفقة كلبه ليلة سيئة للغاية، اذ انه "رأى الموت بعينيه" على حدّ تعبيره. وحاول الكلب أن يحفر حفرة في الثلج ليخرجوا من تحت الثلوج التي غمرتهم، بانتظار فجر اليوم التالي.
وفجر الاثنين، حاول معلوف الانتقال من مكانه الى مكان آخر يجد فيه إرسال للاتصال بالجيش وطلب المساعدة. فنصب خيمة أخرى وبقي في مكانه. حينها بدأت رحلة البحث عنه رغم الظروف المناخية القاسية التي كانت تعيق التفتيش.
وهنا يخبرنا "ملك الجرد"، نافذ طوق وهو شاب لبناني ابن منطقة بشري القريبة من القرنة السوداء، والذي يعرف المنطقة "زاوية زاوية"، بأنه سمع على التلفاز ليلا، خبر شاب مفقود في العاصفة الثلجية وأن عناصر الجيش والصليب الأحمر يقوموا بمسح المنطقة للتمكن من انقاذه. وكان طوق متأكدا أنه هو من سيتمكن من انقاذه، لأنه يعلم جيدا المكان. لكنه كان يبيت بالقرب من العاصمة بيروت، اذ يستغرقه الوصول لمكان الحادثة حوالي الساعتين. فرفضت عائلته أن يتركهم في هذا الطقس السيئ. لكن طوق، الذي يعلم مرارة العاصفة، لم يتحمل الانتظار، فصعد برفقة أخيه، فجر الثلاثاء الى القرنة السوداء.
استخدم طوق مركبة الثلج المعروفة بالـ "سكيدو" وبدأ رحلة البحث في صحراء من الثلج. ويتحدث طوق للسومرية، قائلا: "كنت خائفاً عليه وكنت أتوقع أن أصل إليه وأجده في حالة يرثى لها." لكن العناية الالهية كانت أقوى من الظروف المناخية، يضيف طوق.
وصل طوق الى المكان فرأى الكلب بالقرب من الخيمة، وما هي لحظات الا أن مدّ الشاب المفقود يده من الخيمة ليقول أنه بخير. وعلى الحال، قام طوق بالاسعافات الاولية اللازمة وألبسه معطفا لتدفئته، ويصف الحالة قائلا: "كان مصقع وجوعان وتعبان... بس منيح على قيد الحياة." ثم نقله وكلبه وأغراضه الى جهة آمنة، حيث كانت القوى الأمنية تقوم بعملها، وسلّمهم إياه حيّاً.
صحيح أنّ معلوف خاض مغامرة سيئة، لكنه جعل طوق يخوض تجربة رائعة في إنقاذ حياة شاب مفقود. ففي هذه الايام التي قلّت فيها الاخلاق والغيرة والعونة، لا يزال هناك رجال يتسمون بالشهامة والنخوة والاندفاع.