صنع مولدا كهربائيا يعمل بلا وقود و «شحاطة» تشحن الهواتف..
لم يكن بهاء الموسوي، ذو الثلاثين عاما، والذي يسكن قضاء الهندية التابع لمحافظة كربلاء، يعلم أن حاجته لطريقة "غش" مغايرة، في أداء الامتحانات التي لم يستعد لها بشكل جيد، ستقوده لهواية غريبة تجعل منه "مخترعا" ومطورا لأجهزة إلكترونية.
ففي عام 2001 بدأ أولى تجاربه، فأبتكر "القلم الغشاش" حين كان في إعدادية الصناعة، حيث اعطى القلم المبتكر لأحد زملائه الاذكياء، ليقوم بهمس الحلول عبر القلم، فتصل إلى بهاء خلال لاقط صغير يضعه في القميص.
وفي عام 2007 عندما كان متوجها إلى كلية السياحة بكربلاء والتي اصبح طالبا فيها فيما بعد، شاهد رجال الأمن ينزلون في حفرة لفحص المركبات من الأسفل، فصنع جهازا يسهل الأمر عليهم ويتم التحكم به عن بعد.
وحين غفل عن الاعتناء بابن أخيه الصغير وتأخر عن اسكات بكائه، صنع له جهازا ملحقا بسريره، يعمل مع بكاء الطفل لإطلاق موسيقى ويقوم بهز السرير.
الشاب بهاء والذي يلقب نفسه بـ"الجامعي"، كانت له كثير من الابتكارات، آخرها "شحاطة" لشحن الموبايل تعمل على الحركة أثناء المشي.
وقال بهاء فيصل الموسوي في حديث مع "العالم"يوم الأربعاء، "كنت في أيام النظام السابق، المعيل الوحيد لعائلتي الكبيرة، إذ كان أخوتي وأبي يؤدون الخدمة العسكرية، لذا أضطررت للعمل منذ صغري، لكني كنت ادرس صباحا واعمل مساءً، ما اثر على مستواي الدراسي، فدخلت إعدادية الصناعة، وفي عام 2001 تحديدا كنت في المرحلة الثالثة توجب عليً النجاح، وإلا سأكون مهددا بالسوق للخدمة العسكرية، لذلك فكرت بطريقة انجح من خلالها".
وتابع بهاء "بعد تفكير عميق قررت أن اصنع مايكرفونا يرسل الموجات الصوتية عبر موجات الـ FM باستخدام راديو صغير، ففكرت بالقلم كي لا يكشف الاساتذة أمري"، مواصلاً "ذهبت لبغداد وجلبت المواد اللازمة للخطة واذكر أنها كلفتني 25 ألف دينار (اي ما يعادل 9 دولار في حينها)، وكان مبلغا كبيرا انذاك، وقمت بصناعة "القلم الغشاش" الذي اعطيته لأحد زملائي الاذكياء، وكان يضعه قرب فمه ويتحدث بالحلول عندما يبتعد عنه الاستاذ، وكنت استقبل الكلام عبر هيدفون صغير أثبته على يدي بحجة أنها مجروحة، وبعدها طورته على شكل زرار للقميص، حيث كنت اضع يدي على الطاولة وكأني متكئ عليها في حين أني كنت استمع للحلول من زملائي".
واعتبر بهاء أن "هذا الإنجاز بالرغم من كونه كاشفا لمقدرتي على صنع ما احتاج، إلا أنه ليس مصدر فخر بالنسبة لي، إذ جعلني غشاشا كبيرا".
واضاف ابن قضاء الهندية، أنه "في عام 2007 شاهدت رجال الأمن ينزلون بحفرة لفحص المركبات من الاسفل، ففكرت بصنع جهاز يسهل الأمر عليهم ويتم التحكم به عن بعد، وكوني أعمل حدادا صنعت جهازا من الحديد والخشب والالمنيوم، وهو عبارة عن كاميرا متحركة تتصل بذراع متحرك يتم التحكم بها عن بعد؛ تنقل صورتها لشاشة تلفازية، ثم صنعت جهازا آخرا يحمل باليد، ويستخدم لكشف الأماكن العالية أو الضيقة برأس صغير متحرك، كما استخدمت للجهازين كاميرات ليلية لتتمكن من كشف المركبات أو الأماكن ليلا ونهارا".
وأوضح بهاء الجامعي "حدث أن أتت زوجة اخي ووضعت طفلها الصغير بجانبي، وكان الصغير يصرخ ولكني لم اسمعه، وبعد أن نبهتني فوجئت ببكائه الشديد، لذلك قررت تعويضه عن اهمالي، بصنع جهاز ملحق بسريره، يعمل حال بكائه فيقوم بإطلاق موسيقى ويهز السرير، وكانت الفكرة رائعة ونالت اعجاب الصغير وأمه".
وواصل بهاء "صنعت مولدا للكهرباء يعمل على جريان النهر، إذ ان محل عملي يقع بجانب جدول (بني حسن) في قضاء الهندية صنعته في ربيع 2003، وهو بـ 5 مراوح تعمل كالناعور، وضعته على طوافات كي لا يتأثر بارتفاع وانخفاض منسوب المياه" لافتاً إلى أن "المولد الكهربائي ينتج 4 امبيرات، كما أنه سهل الاستخدام".
وافاد الموسوي أن "آخر ما قمت بابتكاره، شحاطة لشحن الموبايل تعمل على الحركة اثناء المشي، وقد فكرت بها لكثرة ما رأيت حاجة الزائرين الوافدين إلى كربلاء لشحن هواتفهم النقالة اثناء سيرهم على الاقدام لمسافات طويلة، وحاولت بادئ الأمر بصنعها على شكل حقيبة صغيرة توضع باليد وتشحن على حركتها، إلا أني لم أوفق بالعثور على المواد اللازمة، وأنا لا اعرف شيئا بصناعة الالكترونيات، لذلك استفيد من كل ما متاح لي من لعب أطفال أو أجهزة كهربائية أخرى لما أريد القيام به، لذا استخدمت (الشحاطة) لوجود المواد اللازمة لصناعتها، وقمت بتجربة الشاحنة العام الماضي حيث قطعت المسافة سيرا على الاقدام ونجحت وما زالت تعمل بكفاءة وتشحن النضائد الموجودة بها".
وحول إذا ما تبنت إحدى الجهات الحكومية أو المدنية احتضان موهبته، قال بهاء "لجأت لمؤسسات دينية وأخرى حكومية تتبنى الإعجاز والابتكارات العلمية، لكن على ما يبدو ان لا احد يهتم بالشباب العراقي وافكاره، فالمؤسسات الدينية طلبت اعجازا عدديا أو لفظيا، والحكومية اخبروني أن الغرب توصل لما اتيت به، وطالبوني بتطويره، علما أني اخبرتهم أن لا مختبر لدي، ولا ورشة خاصة، فكيف اطور الأمر دون مساعدة"