بسم الله الرحمن الرحيم
عمر الخيام
ولد العالم المسلم الفارسى ابو الفتح عمر بن ابراهيم الخيام عام 1047 ميلاديه فى نيسابور عاصمه خراسان ولم يكتشف العالم سر عبقريته الشعريه فى رباعياته الا بعد سبعمائه سنه من وفاته فى نيسابور عام 1123 ميلاديه.
وقد لقب بالخيام لانه كان فى بدايه حياته يصنع الخيام قبل ان تتغير حياته عندما صار صديقه الحميم نظام الملك
وزيرا للسلطان السلجوقى الب ارسلان ثم لحفيده ملك شاه حيث خصص له راتبا سنويا كبيرا من خزينه نيسابور ضمن له العيش فى راحه ورفاهيه وتوجه بعدها الى البحث والتفكير فى امور واسرار الحياه وكتابه الشعر , وقد عاش معظم حياته فى نيسابور وسمرقند وكان ينتقل بين مراكز العلم الكبرى مثل بخارى وبلغ واصفهان الى ان استقر به المقام فى بغداد .
وللخيام مؤلفات كثيره منها كتاب "الجبر والمقابله" باللغه العربيه وقد ترجمه العالم فرانز وبكه الى الفرنسيع ونشره
سنه 1851 فى باريس كما ترجمه الى الانجليزيه داود قصير سنه 1931 , ومن كتبه "شرح ما اشكل من مصادارات كتاب اقليدس" و" الاحتيال لمعرفه مقدارى الذهب والفضه فى جسم مركب منهما "وفيه طريقه قياس الكثافه النوعيه وله كتاب "رساله فى الموسيقى ".
وقد تمكن الخيام من حل معادلات الدرجه الثانيه واختراع "طريقه حساب المثلثات والمعادلات الجبريه "من الدرجه الثالثه , كما برع فى الفلك حيث يعتبر تقويمه الذى اعده والذى سمى بالتقويم الفارسى ادق من التقويم الجريجورى .
أهم اعماله
رغم شهرة الخيام بكونه شاعرا فقد كان من علماء الرياضيات في عصره، واشتهر بالجبر واشتغل في تحديد التقويم السنوي للسلطان ملكشاه ,والذي صارالتقويم الفارسى المتبع إلى اليوم .
وهو أوّل من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط ,وهو أول من أستخدم الكلمة العربية "شي" التى رسمت في الكتب العلمية الإسبانية (Xay) ومالبثت أن استبدلت بالتدريج بالحرف الأول منها "x" الذي أصبح رمزاً عالمياً للعدد المجهول، وقد وضع الخيام تقويما سنوياً بالغ الدقة، وقد تولى الرصد في مرصد اصفهان.
إسهاماته العلمية
ترجع شهرته إلى عمله في الرياضيات حيث حلَّ معادلات الدرجة الثانية بطرق هندسية وجبرية. كما نظم المعادلات وحاول حلها كلها، ووصل إلى حلول هندسية جزئية لمعظمها. وقد بحث في نظرية ذات الحدين عندما يكون الأس صحيحاً موجباً، ووضع طرقاً لإيجاد الكثافة النوعية. ولم ينبغ الخيام في الرياضيات فحسب، بل برع أيضاً في الفلك. وقد طلب منه السلطان "ملكشاه" سنة 467هـ/1074م مساعدته في تعديل التقويم الفارسي القديم. ويقول "سارطون" إن تقويم الخيام كان أدق من التقويم الجريجوري.
رباعيات الخيام
الرباعيات هى عبارة عن مقطعات من أربعة أشطار، الشطر الثالث مطلق بينما الثلاثة الأخرى مقيدة، وهى تعرف بإسم الدوبيت بالفارسيه , وقد ألفها بالفارسية رغم أنه كان يستطيع أن يصوغها بالعربية. كان في أوقات فراغه يتغنى برباعيات في خلوته، وقد نشرها عنه من سمعها من أصدقائه، وبعد عدة ترجمات وصلت لنا كما نعرفها الآن. ويرى البعض أنها لاتنادى إلى التمتع بالحياة والدعوة إلى الرضا أكثر من الدعوة إلى التهكم واليأس، وهذه وجهة نظر بعض من الناس، وقد يكون السبب في ذلك كثرة الترجمات التى تعرضت لها الرباعيات، بالإضافة إلى الاضافات، بعد أن ضاع أغلبها.
ومن جهة أخرى هناك اختلاف على كون الرباعيات تخص عمر الخيام فعلا، فهى قد تدعوا بجملتها إلى اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية، إلا أن المتتبع لحياة الخيام يرى أنه عالم جليل وذو أخلاق سامية، لذلك يعتبر بعض المؤرخون أن الرباعيات نسبت خطأ للخيام وقد أثبت ذلك المستشرق الروسى زوكوفسكى فرد 82 رباعية إلى أصحابها فلم يبقى إلا القليل الذي لم يعرف له صاحب .
قبر الخيام فى نيسابور بإيران
إتهامه بالإلحاد
فسر البعض فلسفته وتصوّفه على أنه إلحاد وزندقه وأحرقت كتبه، ولم يصلنا منها سوى الرباعيات لأنّ القلوب أحبّتها وحفظتها من الضياع، غير أن الخيام كان عالماً عبقرياً وملماً ومبدعاً أكثر بكثير من كونه شاعراً، وضياع كتبه فى الرياضيات والفلسفه حرم الإنسانية من الإستفادة من الإطلاع على ماوضعه في علوم الجبر والرياضيات تعتبر تهمة الإلحاد والزندقة من المسائل الجدلية في التاريخ الإسلامي ففي حين أن هذه التهمة أثبتها فريق كبير من الناس على الخيام إلا أن هناك فريق كبير آخر يقر له بأنه مات على الإسلام .
'يقول' عمر الخيام :
أفنيتُ عمري في اكتناه القضـاء
وكشف ما يحجبـه في الخـفاء
فلم أجـد أسـراره وانقضـى
عمري وأحسست دبيب الفـناء
ويقول في رباعياته:
لبستُ ثوب العمر لـم أُسْتَشَـرْ
وحرت فيه بيـن شتّـى الفكـر
وسوف أنضو الثوب عني ولـم
أدركْ لمـاذا جئـتُ أيـن المقـر
لـم يبرح الداء فؤادي العليـل
ولـم أنل قصدي وحان الرحيـل
وفـات عمـري وأنا جاهـل
كتاب هذا العمر حسم الـفصول
وهو يعجب لهذا الفناء السريع للشباب والحياة 'فيقول':
تناثرت أيّـام هـذا العـمر
تناثـر الأوراق حول الشـجر
فانعم من الدنيـا بلذّاتـهـا
من قبل أن تسقيك كفّ القدر
أطْفِىءْ لظى القلب ببرد الشراب
فإنمـا الأيام مثــل السحاب
وفي موضع آخر يتدارك نفسه فيقول :
يا عالم الأسرار علـم اليقين
يا كاشف الضرّ عن البائـسين
يا قابـل الأعذار فئنــا إلى
ظلّك فاقبـل توبـة التائبيـن
من هنا نرى أن رباعيات الخيام تتراوح بين الإيمان والالحاد وبين الدعوة للمجون والدعوة للهو وبين طلب العفو من الله عزّ وجلّ وإعلان التوبة، لذا اختلف العلماء في تصنيف عمر الخيام والأرجح أنه لم يخرج عن المألوف إنما هي صرخة في وجه الظلم والأمور الدخيلة على الدين الإسلامي في عصره .
ومن رباعياته ايضا ما يدعو إلى الاصلاح الاجتماعي وتقويم النفس البشريه حيث يقول :
صاحب من الناس كبار العقول
واترك الجهال اهل الفضول
واشرب نقيع السمِّ من عاقلِ
واسكب على الارض دواء الجَهول
ومن الرباعيات ذات الدلاله إلى اتجاهه الديني ايضا تلك التي ينشدها قائلاً :
إن لم اكن اخلصت في طاعتك
فإني اطمع في رحمتك
وإنما يشفع لي أنني
قد عشت لا اشرك في وحدتك
ولم يفكّر أحد ممن عاصره في جمع الرباعيات، فأوّل ماظهرت سنة 865م أي بعد رحيله بثلاثة قرون ونصف، وأوّل ترجمة للرباعيات كانت للغة الإنجليزية، وظهرت سنة1859 ، أما الترجمة العربيه من الفارسيه فقام بها الشاعر المصرى احمد رامى وهناك ترجمة أخرى للشاعر العراقى احمد الصافى النجفى .
تحياتي...