عيد المعلم أم عيد اللصوصية؟
كلما جاءت اللحظات السعيدة في حياة الأطفال فإننا نفرح كثيرا لذلك فان الطفولة في العراق قد عانت كثيرا من الأحداث المأساوية.
وقد كان الحجم الأكبر من المناسبات في العراق هي مناسبات محزنة والأطفال ليس لهم حصة كبيرة تناسب عقليتهم الطفولية ولذلك فان المناسبات السعيدة قليلة ومن المهم الحفاظ عليها من الضياع.
وعندما نفرح بالشرطة والجيش والمرور والأم ونحن نجد كل واحد منهم يقوم بدوره بشكل صحيح فان فرحنا سيكون كبيرا ويكون كل واحد منهم مستحقا للاحتفال، أما إذا وجدنا الجندي لا يحمي الشعب من الإرهاب والشرطي لا يحمي الناس من سطوة الكلاب والمرور لا يحفظ لنا حق الحركة والتوقف والأم لا تحمي أطفالها من الانحراف ... فهل يبقى هناك معنى للاحتفال بمن تخلى عن دوره وهو يعمل بالضد من دوره الذي يكافأ به.
وفي هذا اليوم يحتفل الأطفال بعيد المعلم والمعلم هو الشخص الذي جسد دور الأنبياء والأوصياء والعظماء وكانت سمعته من سمعتهم ومكانته من مكانتهم.
ولكن المشكلة أن الوضع قد تغير وأصبح المعلم في نظر الكثيرين مختلفا حتى الأطفال الذين كانوا اقرب الناس إلى الشعور بقيمة المعلم.
أما السبب وراء هذا الوضع الجديد فله أسباب مختلفة منها ما مرت به البلاد من أوضاع صعبة في زمن الحصار الظالم ومنها شعور المعلم بان الظلم الذي ناله لم يحصل لغيره من بقية المهن وهذا الأمر ليس بعيدا عن الواقع.
وبعد التغيير عادت القيمة التي فقدها المعلم بسبب الحصار وهي التقدير المالي الصحيح لعمل المعلم وانتعش الوضع العام للمعلمين والمدرسين وأساتذة الجامعات.
والنتيجة الطبيعية لمثل هذا الانتعاش أن يعود المعلم إلى عمله بشكل مهني بعد أن فقد المعلم دوره في زمن الحصار وأصبح مجرد مسخر لعمل التعليم بدون تقدير وكانت الحصيلة الطبيعية لهذا التسخير تخرج جيل كامل من الطلاب من عديمي التعليم.
ولما انتشر الفساد المالي في البلاد بسبب الأحزاب المتاسلمة أصبح التعليم الضحية الأولى له ولهذا ليس من الغريب أن تجد المعلمين ليس لديهم حديث عن أمر التعليم بل حديثهم عن السلف والمشتريات الجديدة التي نزلت إلى السوق.
وعندما يهتم الإنسان بشيء بعيد عن دوره الحقيقي فان دوره الحقيقي يتلاشى يوما بعد آخر وتضيع الأجيال التي تتخرج من يده.
ووصل الامر ان يكون اليوم الذي تحتفل فيه البلاد بعيد المعلم موعدا للسلب والنهب الذي تقوده إدارات المدارس الفاسدة لابتزاز التلاميذ والطلاب في وضح النهار بل وصل الامر ان يحدد المعلم الفاسد ما يريد نهبه من الضحية ومن الطبيعي ان ياتمر أولياء الأمور بهذه الطلبات لخوفهم من التاثير السلبي الذي سيتركه الرفض.
ومن المفروض ان يتم تسمية هذا العيد باسم عيد السلب والنهب وليس عيد المعلم فان المعلمة التي تقول للتلاميذ لا تاتون لي بشال فسوف اضعه في رقبتكم فهذه المعلمة لابد ان تكون من احفاد دواعش الفساد والإرهاب.
ونحتاج الى فتوى للقضاء على فساد الهيئة التعليمية التي تتاجر بالعلم وتحدد نوع الأشياء التي تسلبها وهي تجلس على مقعد التعليم والتربية.
جميل البزوني