في آب من عام 1952 اندلعت انتفاضة آل ازيرج القبيلة الزبيدية المعروفة والتي تسكن في مدينة الميمونة والقرى والاهوار الملاصقة لها، التمرد لم يكن من اجل كرسي ولا زعامة بل من اجل الخلاص من سياط الاقطاع وظلمه المرير! اناس يكدحون من الصباح حتى المساء ولايحظون بما يستحقون من المحاصيل الزراعية. لقد كانت ثورة بدوافع غير قبلية وان كانت قد سميت باسم قبيلة آل ازيرج وذلك لان معظم سكان مدينة الميمونة وما حولها هم من تلك القبيلة. الاقطاعيون كانوا يبيعون الدغار الواحد "وهو وحدة قياس للمحاصيل الزراعية اكثر بقليل من الطن الواحد" للحكومة باربعين دينارا ويعطون الفلاح عوضه خمسة دنانير تخصم منها الجباية، قهوة المضيف، اجرة الكاتب، ومضافات اخرى! وهذه كانت خطيئة كبرى في تاريخ الحكم الملكي الذي كان يسير في خطين متناقضين يصعب جدا الجمع بينهما، فالنظام الملكي نظام مدني بامتياز في المدينة وكان يؤسس لدولة حديثة وبنية تحتية ممتازة بالنسبة للعراق، ولكنه في المناطق الريفية يسير في اتجاه آخر مختلف تماما عن الاول لانه يؤسس للقبيلة العشائرية وبشكلها الاقطاعي الذي يسحق الفلاح والطبقات العاملة وهذا كان احد الاسباب المهمة وراء هروب الناس الى المدينة في تلك الفترة العصيبة من تاريخ العراق. انطلاقا من تلك المعطيات وما سبقها جاءت انتفاضة آل ازيرج، وبعد مواجهات مع الاقطاعيين دخلت الاجهزة الحكومية لتقف الى جانب الشيوخ الاقطاعيين حينها مالت الكفة لهم مما اجبر الثوار الى اللجوء الى مناق الاهوار الملاصقة لمدينة الميمونة وهي الجزء الشمالي من الاهوار الوسطى، لتكون الاهوار مرة اخرى ملاذا للثائرين. تلك الوقائع دفعت النواب لتخليد تلك الاحداث من خلال جملة من القصائد منها قصيدة "غيلان أزيرج" وغيلان هذا هو سفّان في منطقة آل ازيرج كان متعاطفا مع الثوار آنذاك. القصيدة جاءت على لسان صبيّة تعشق احد الّذين التجأوا الى الاهوار وتنتظر سفينة غيلان كي تسال عن حبيبها، من هذه الزاوية اراد مظفر تخليد الموقف:
زلمنه تخوض مي تشرين حدر البردى تتنطّر
زلمنه اتحز ظلام الليل تشتل ذبحة الخنجر
زلمنه الماتهاب الذبح تضحك ساعة المنحر
يساكًي الشمس من عينك ابعز الشمس حب اخضر
لون حلت نسمة ليل شعرك تنشك العنبر
أحط الحجل للثوار كمره زغيره على المعبر
وأشيم أترف النجمات فوك شراعكم تسهر
سفن غيلان ازيرج تنحر الذارى
لون ودت سفنهم يمك أخباري
وحك عيني احط الروح عل السارى
وأقل الحسره بشليلك واشوفك ازغر اسراري
وأفك الشبكه من ابعيد أغله شراع
أشبكك شبكة النسمات للنعناع
ليش الروح يامدلول يمك تنشره وتتباع
زلمنه اتخوض مي تشرين الأول
حدر البردي تتنطّر زلمنه تغني والخنجر يشك الروح
لون كل الكصب غنه بحنيني لشوفتك يا أسمر
يسيل الكصب سل اصفر واظن المأى يتمرمر
واظن حته النجم يطفى زراكه ولا بعد يسهر
سفن غيلان ازيرج تضوى بالعبره
ياغيلان كلبي شيصبره
اخذ كل الزلم وأملى السفن ياعيني الله وياك
وفد جلمه عشك حلوه اظن الها مجان هناك
ذبها بسكتة الغبار ياغيلان
خلها اتعانك السكان ياغيلان
شارة نصر للسفان ياغيلان
يامعود دخيل امروتك السمره
دخيل الشوك احب جفك
احب ايديك وشوف شفاف لو جمره"
وجاء لمظفر في ذات السياق من قصيدة اخرى بعنوان "جد ازيرج" كتبت في عام 1961:
"يا جد الكَصب والخير والعنبر
يا جدي ، اللي كَلبك طير يحب الماي والبيدر
اخذها ، لهورك ..
الضميت بيه جروحنه من سنين
ضمها لصدرك التعبان .. وِخض جفوفها من الطين"
مضافا الى ما تقدم هناك الكثير من النصوص الشعرية التي كتبها الشاعر مظفر النواب إثر تداعيات التمرد الذي قام به آل ازيرج والعشائر المتحالفة معها ضد الاقطاعيين وبقاياهم.
مَيْلَن..
لا تنكطن كحل ..
فوك الدم
ميلن،
وردة الخزامه تنكط سَمْ
جرح صويحب ،
بعطابه،
ما يلتم
لاتفرح ابدمنه .. لا يلطكطاعي
صويحب من يموت المنجل يداعي
حاه..
شوسع جرحك !
ما يسدّه الثار ،
يصويحب ..
وحكَ الدّم ،
ودمك حار
من بعدك،
مناجل غيظ ايحصدن نار
شيل بيارغ الدم، فوكَ يلساعي
صويحب من يموت المنجل يداعي
مَيْلن..لا تغيظنّه ..
بِجَه صويحب
وبجفنه النِدي ،
نجم الكحل ..
غايب
لو يشرِك اردود
المسج،
ونعاتب
عتب النده ، بروح البردي ، يلناعي
وملامع عيون انعجه ، للراعي
لَتْفِزعَن ، نثايه العين..
شِدّنه
ميلن وردة الخزامة ، على الحنّه
صويحب..
مامِشْ صويحب أبد ...مِنّه
هّا ايشان ، ماينذل للأكطاعي
وبليل الخناجر ، منجله، يداعي
ودَّن على المكاحل
يامضايف هيل
غطنّه،
بكحل دخله..
ومحبة ليل
عكبك سجّه يصويحب..
هجرني الريل
لتشيلك مذله الريل يكطاعي
من ريل ((الرميثه)) المنجل يداعي
هاي انه اللحضنك
لاتلم روحك
اضمك بالكصايب
عين لتْلوحك
يصويحب..
أفيِّ الفيّه..
لجروحك
يتلاكن عيون الذيب بشراعي.
واحاه اشكبر،ضحجات الاكطاعي
صويحب على العكِل،
صندوكَ عِرسْ..
اجبير
حزمه من الحصاد..
أيلفها..طيب جثير
وين الي يكلي..
((فلان))..
وين ايصير
أوصلِّه وادكَ شراعه بشراعي
صويحب من يموت المنجل يداعي
صدور الغيظ..
اينفثن نار،
عل المشركَ
وجفوف الفِلِح،
لمة شمس... تحرك
ها..يلحكم!
هاي شرايع، اتمزلكَ
والخنزير، يزلكَ بيها ، يلراعي
وصويحب يموت ، ومنجله يداعي
حا .. يصويحب ..
الكات ، ايفتحن دم
وبشيمة عطش..
تِندَه اليشامغ ..
سم
يلنجمك حَمَر..
عِدّه ، العكل تلتم
طَيبْ الذات ، خاوه الذيب والراعي
وتوالم عرس وَاويّه واكطاعي
طِشن .. طِيب ..
وخزامات..
ورِزْ عنبر،
وحسن الكصايب، حنّن المعبر،
ماهي جروح،
يصويحب..
نكشن خنجر
حِسَّك حِسَّك .. اتنبّر يهل الناعي
صويحب من يموت المنجل يداعي
صويحب..،
هاي حبتك..
لاتطول الموت
من تسمع شجية الفلح..
رِد الصوت
هاي الدنيه
عيب يضيج بيها الفوت
اِلْبِدْ..البد..ابدمك..يلكطا عي
كل بيدر وراه المنجل ايداعي