أن يدرك الإنسان عظمة الله وكبريائه وجبروته، وفي ونفس الوقت أن يدرك ذلّته وفقره وحاجته ومسكنته أمام عزة الله وغناه، هذا الادراك هو من الآداب القلبية في العبادات، وهو من الأمور المهمّة لكي يستطيع الإنسان التقرّب من الله ومعرفته. بل كمال الإنسان ونقصه من حيث إنسانيته مرتبط وتابع لهذا الادراك، فكلما كان الإنسان محبّا لنفسه أنانيّا، لا يرى أكثر من أفق نفسه، مستغرقا في حبّ ذاته وعشقه، كان بعيدا عن كمال الإنسانية وبالتالي بعيداً عن معرفة الله وحبّه وعشقه. وحب النفس ورؤيتها هو أكبر وأضخم الحجب وأظلمه، إذا لم يخرج الإنسان منه لا يستطيع أو من الصعوبة أن يخرج من الحجب الأخرى التي تحجب الإنسان عن معرفة الله تعالى. فالانتصار على هذا الحجاب هو مقدّمة للانتصار على الحجب الأخرى، فهو أول الطريق وأول شرط للسلوك إلى الله تعالى. فجهاد النفس ورياضتها لا تنجح ولا تؤتي أكلها إذا لم يعرف نفسه ويقدّرها التقدير الواقعي أمام ربّ العالمين الغني الذي يتصف بكل الصفات الكمالية.