قَيِّدْ فَضَائِيْ.. وهَبْ لِي مَسلَكًا وعَصَا
أَو خُذْ جَنَاحِي ودَعنِي أَهجُر القَفَصَا
.
خُذ كُلَّ شِعرِي.. وهَب لِي مَوطِنًا يَدُهُ
تَكفِي لِإِيقاظِ حَرفٍ داخِلِي نَكَصَا
.
وانزَعْ مِن الحِبرِ رُوحِي, فالشَّقَاءُ بها
كالبئرِ, يَزدَادُ عُمقًا كُلَّمَا نَقَصَا
.
يا مُمْسِكِي مِن ذِرَاعِي لَم أَعُدْ حَدَثًا
مَرَّتْ ثَلاثُونَ.. دَعنِي أُهدِر الفُرَصَا
.
مَرَّت ثلاثُونَ مِنّي فَجأَةً.. فَمَتى
يَرتَدُّ عُمري على آثارِها قَصَصَا !
.
لا أَطلُبُ الخُلْدَ.. إِنِّي كُلَّمَا سَقَطَت
تُفَّاحَةٌ صَدَّ جُوعِي جُوعَهُ, وعَصَى
.
لَم أَقتَرِفْ بَعدُ إِلَّا دَمعَةً جَرَحَت
قلبي, ورَمْيَةَ صَبٍّ ظِلَّهُ اقتَنَصَا
.
ولا تَمَنَّيتُ إِلَّا أَن أَكُونَ على
صَدَى الحُرُوفِ خَرِيرًا يُطفِئُ الغُصَصَا
.
أُخبِرْتُ مُذْ كُنتُ طِفلًا أَنَّ لِي وَطَنًا
أَحلامُهُ آثِمَاتٌ تَجتَدِي رُخَصَا
.
وأَنَّهُ كان يُخفِي جُرحَهُ خَجَلًا
وما يَزالُ, ويَهوى كُلَّ مَن خَرَصَا
.
وحِينَمَا شَدَّ يَومًا فَجرَهُ وَقَعَت
ذِرَاعُهُ, ثُمَّ قالُوا: ليتَهُ فَحَصَا!
.
واسْوَدَّتِ الأَرضُ.. حَتَى أَخرَجَت قَمَرًا
وأَنجُمًا شَاحِبَاتٍ تُشبهُ البَرَصَا
.
ما أَغزَرَ الشِّعرَ.. لَولا أَنَّ بي وَجَعًا
مِن غَيمَةٍ كَافَأَتنِي بالدُّمُوعِ حَصَى
.
يا آخِرَ الشَّوطِ.. ها قَد صِرتَ مائدَةً
لَو كُنتَ عَدْلًا لَكَانَت حِصَّتِي حِصَصَا
.
.
.
.
.
في النَّفسِ شيءٌ.. ولكنْ لَن أَبُوحَ بهِ
يَكفِي الذَّبيحَ عَزَاءً أَنَّهُ رَقَصَا
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
يحيى الحمادي