العصبيّة
العصبِيَّةُ الزَّائدةُ عاطفةٌ قويّةٌ جدّاً تَنشأُ من مشاعرَ وأسبابٍ مُتعدِّدة، وتَختَلفُ شِدّتها من فردٍ لآخر؛ فالبعضُ يعبِّرُ عنها بإنزعاجٍ خَفيفٍ، والبَعضُ يُعبَّرُ عنها بِغَضبٍ كبيرٍ أو عصبيَّةٍ زائِدةٍ، لِذا على الفردِ فهمُ مُسبّباتِها وكَيفيَّةِ التَّعامُلِ معها، والتّعبيرِ عَنها بالطَّريقَةِ السَّليمةِ، حيثُ يستطيعُ الأشخاصُ التَّفاهُم فيما بينَهُم لِتُفهَم هذِه العَصبيَّةِ والغضبِ وبالتَّالي حلُّ المُشكلاتِ وإنهائها.
معنى العَصبيَّةِ الزَّائدةِ
العَصبيَّة الزّائدة (أو الغضبُ) استثارةٌ فسيولوجيةٌ ومجموعةٌ من الأَعراضِ الانفعاليَّةِ النّاتجَةِ بسببِ الشُّعورِ بالإحباطِ، تَهدفُ لإيذاءِ ومُعاقبةِ النّفسِ أو الآخرين، وتُصاحِبهُا مظاهرُ نفسيّةٌ وجسديّةٌ. للغضبِ مُرادفاتٌ أُخرى في اللغة، كالعِدائِيَّةِ، والعُنفِ، والعَصَبيَّةِ.
أسبابُ العَصبيَّةِ الزّائِدَة
هنالك عدّةُ أسبابٍ للشُّعورِ بالعصبيَّةِ الزّائدةِ ولها عدَّةُ أنواعٍ هي:الأسبابُ الجِسميَّةُ العُضويَّة الأسبابٌ الجسديَّةٌ العضويَّةٌ قد تَكونُ خارجةً عن إرادةِ الفردِ وتُؤدَّي بِه إلى العصبيَّة الزّائدةِ، وهذه الأسبابُ هيَ:سُوءُ التَغذِيِّةِ. نَقصُ الحديدِ في الجِسمِ. المرضُ، مثلُ الرَّشحِ والصُّداعِ. انخفاضُ السُّكرِ في الدَّم. زيادَةُ إفرازِ الغُدُّةِ الدَّرقيَّةِ. أُمورٌ تخصُّ المرأةَ، كالتَّغَيُّراتِ الهرمونيَّةِ المُرتبطةِ بالطَّمثِ. الإرهاق الجسديّ.
الأسبابُ النَّفسيَّةِ
من الأسباب النفسيّة للعصبيّة الزّائدة ما يأتي: الاضطِراباتُ النَّفسيَّةُ. خبراتُ الفَشل المُتكرّرةِ والشُّعورِ بالإخفاقِ. كَثرةُ الجدالِ والمُشاحنَاتِ. المُزاحِ السَّخيفِ. الحرمانُ وعدمِ إشباعِ رغباتِ الحُبِّ والحنانِ والاهتمامِ.
الأسبابُ التَّربويَّةُ أو الاجتماعيَّةً
من الأسباب التَّربويَّة والاجتماعيَّة للعصبيّة الزّائدة ما يأتي:عدمُ التَّوافُقِ والتَّفاهُمِ بينَ الأزواجِ. أساليبُ التَّربيةِ الخاطئَةِ؛ كالقَسوةِ الزّائِدةِ، أو الدَّلالِ المُفرطِ. التَعرُّضُ لنَموذَجٍ عصبٍّيٍ، كأن يَكونُ أحدُ الأبوينِ عَصَبيَّاً، أو المُعلِّمُ عصبِّيٌ. عدمُ إشباعِ حاجاتُ الطِّفلِ من العطفِ والحُبِّ. تسلُّطُ أحدِ الأبوينِ على الأبناءِ وعدَمُ إعطائِهم مساحةً من الحريَّةِ أو الاستِقلاليَّةِ. المُقارنةُ بينَ الطِّفلِ وأقاربِهِ أو أقرانِهِ. شعورُ الطِّفلِ بالإحباطِ أو الحرمانِ المُتكرِّرِ خلالَ طفولتهِ قد يجعلُ منهُ شخصاً عصبيّاً.
أساليبُ التّعبيرِ عن العصبيَّةِِوالغَضبِ
يمكن التّعبير عن العصبيّة بعدّة طرق منها:التَّعبيرُ البنَّاءُ: وهو مُحاولةُ جعلِ الموقفِ أفضل، عن طريقِ مُناقشةِ الشَّخصِ المُسبّبِ للعصبيَّةِ أو الغَضبِ، أو القيامِ بتهدئةِ النَّفسِ قبلِ القيامِ بخطوةٍ نابعةٍ من العصبيَّةِ. التَّعبيرُ المُدمِّرُ أو المباشِرُ: وهو التَصرُّفُ بعداءٍ مع الشَّخصِ المُسببِّ للعصبيَّةِ وإخراجُ مشاعرِ الغضبِ والتَّعبيرُ المباشرُ عنهُ. التَّعبيرُ غيرُ المباشِرِ: وهو كبحُ جماحِ العصبيَّةِ وكبتُ الغضبِ، كاستخدامِ التّعبيرِ عن الغضبِ عن طريقِ التخيُّلِ، فيتخيَّل الشَّخصُ أنَّهُ يصرخُ أمامُ الشَّخصِ المُسبّبِ للعصبيَّةِ ولكنَّه لا يقومُ بذلك حقاً.
التَّعامُل مع العصبيَّةِ الزّائِدةِ عندَ الآخرينَ
إنَّ التّواصُل الطبيعيَّ بينَ أيِّ طرفينِ يكونُ عن طريقِ إصدارِ الأوَّلِ لرسالةٍ لفظيّةٍ أو غيرِ لفظيّةٍ للآخر ليردَّ عليها، ويتواصلُ الطّرفانِ ويتحاورانِ، لكنَّ الشخصَ الغاضبَ أو الذي يشعُرُ بالعصبيَّةِ يُطلقُ الألفاظَ والرّسائلَ السلبيَّةَ للآخر دونِ أن يعطيهِ الحقَّ بالردِّ، مع أنَّ الطّرفَ الآخر قد يقومُ بالردَّ السلبيِّ أيضاً، ممّا قد يزيدُ جوّ المُشاحناتِ والعصبيِّةِ الزّائدةِ لكلِّ الأطرافِ، وفي حال كانَ ردُّ الطّرفِ المُقابِلِ إيجابيّاً أو هادئاً فقد يُفسِّرُهُ الإنسانُ الغاضبُ على أنَّهُ إهانَةٌ أو استخفافٌ بهِ وبغضبِهِ، وبهذا فإنَّ دائِرةَ العصبيَّةِ الزّائِدةِ ستتَّسعُ وتكبُر وتُصَّعِّدُ مواقفَ الخلافِ، ومنَ الممكنِ تجنُّبُ ذلكَ عن طريقِ الخطواتِ الآتيةِ:الحُكمُ على السُّلوكِ لا على الشَّخصِ، حيثُ يوجَّهُ الانتقادُ نحو التَصرُّفِ المُزعجِ وتأثيرهِ، والبدائِلِ عنهُ دونِ مُهاجمةِ الفردِ والانتقادِ السلبيِّ لهُ والحكمُ على شخصيَّتهِ. اختيارُ اللُّغةِ المُناسبةِ واستخدامُ رسائلِ الأنا، حيثُ إنَّ التحدُّثَ بصيغةِ (أنا) يُعتبرُ أسلوباً لوصفِ المشاعرِ تجاهَ المُشكلةِ وأثرِها بَدلاً من استخدامِ كلمَة (أنت) وتوجيهِ الاتّهاماتِ، ممّا قد يزيدُ من العصبيَّةِ عندَ الشَّخصِ. الإصغاءُ الجيّدُ، إنَّ شعورَ الشَّخصِ الغاضب أو العصبيِّ بأنَّ الطّرفَ الآخَر ينصتُ له ويحاولُ فَهمهُ والتَّواصُلَ معهُ يجعلهُ يشعرُ بالهدوءِ. استخدامُ الأسئلةِ المفتوحَةِ، حيثُ إنَّ سؤالَ الشَّخصِ الأسئلةَ التي تحتاجُ لشرحٍ بكلماتٍ مثلِ كيفَ وماذا وأينَ، والَتي لا يمكنُ الإجابةُ عنها بنعمٍ أو لا، تُساعِدُ الشّخصَ الغاضبَ على التَّعبيرِ، وبالتّالي الشّعورِ التدريجِّيِ بالهدوءِ.
طُرق التَّخلصِ من العصبيَّة الزّائدةِ
يُمكن التخلّص من العصبيّة الزّائدة بإحدى الطّرق الآتية أو بمجموعة منها:[١] تمارينُ التنَّفُسِ التي تُعدُّ من إحدِى الحلولِ السِحريَّةِ للتَخلُّصِ ومُعالجةِ العصبيَّةِ عندَ الوقوعِ في العديدِ من المشاكِلِ أو ضغوطٍ مُتراكِمةٍ، والتي تكونُ من أسبابِ العصبيَّةِ. يمكنُ القيامُ بتمارينِ التنفُّسِ عن طريقِ أخذِ نفسٍ عميقٍ ومن ثمَّ إخراجُهُ دُفعةً واحدةً، هذا يُساعدُ في إخراجِ طاقةِ العصبيّة والغضبِ من الشَّخصِ، والتخلُّصِ من الطّاقَةِ السلبيَّةِ المُتراكمةِ من المشاكلِ والضّغوطِ. البعدُ عن سببِ العصبيَّةِ، وأفضلِ علاج العصبيّة هو الابتعادُ عن السّببِ المُؤدّي إلى المشاكلِ والضُّغوطِ النفسيَّة والعصبيّةِ، وهي طريقةٌ جيّدةٌ ومثاليّةٌ للتغلّبِ على العصبيَّةِ. التّركيزُ على حلِّ المشكلةِ، وعدمُ التّفكيرِ في المواقفِ المُسبِّبَةِ للعصبيَّةِ، والعملُ على إيجادِ حلولٍ مُثلى لأيِّ مُشكلةٍ قد تواجهُ الشّخصَ وتُسبّبُ له المشاكلَ والقلقَ والاكتئابَ. الضَّحكُ والفرحُ، حيث إنَّ الغضبَ والعصبيَّةَ عبارةٌ عن طاقةٍ سلبيّةٍ تجمَّعت في الشَّخصِ، وينبغي عليه تحويلُ هذهِ الطَّاقةِ إلى طاقةٍ إيجابيّةٍ، والتي تتمُ عن طريقِ الضَّحكِ. التَّعبيرً الايجابيُّ عن الغضبِ والتَّعبيرُ عن الذّاتِ بهدوءٍ وباستخدامِ كلماتٍ مُناسبةٍ لعدمِ الوُصولِ إلى الغضبِ والعصبيَّةِ الزّائدةِ. مُمارسة الرّياضةِ، حيث إنَّ من شأن ذلكَ أن يُحسّن المزاجَ والحالةَ النفسيّةَ. تجنُّبُ استخدامِ العقاقيرِ المُنشّطةِ أو الكحوليّاتِ التي تُقلّلُ من كفاءةِ الإنسانِ في حلِّ مُشكلاتهِ والتّعاملِ مع الإحباطِ. الاستعانةُ بدعمِ الآخرين، حيثُ إنّ دعمهمُ والتَّحاورَ معهم ومُناقشةَ الأفكارِ ومشاعرِ الغَضبِ يُساعدُ الشّخصَ على حلّها. مُحاولةِ الشّعورِ مع الآخرينَ، وفهمِ مواقفهم ومشاعرهم عندَ إسقاطِ الغضبِ عليهم. تطويرُ مهاراتِ الاستماعِ، حيث إنّ الاستماعَ الجيِّدَ من شأنِهِ أن يُقلّلَ من سوءِ الفهمِ الذي قد يؤدِّي للغضبِ.