2- على الحاج ان يلتفت في جميع المواطن ان حجه يتزامن مع حج صاحب الامر (ع) الذي هو امير للحاج في كل موسم .. فعليه بالاكثار من الدعاء بتعجيل الفرج ، وخاصة في مواطن الاستجابة : كالحطيم ، والمستجار ، وتحت الميزاب ، وخلف المقام ، وعلى الصفا ، وفي موقف عرفة ، وفي ساعات رقة القلب .. فهنيئا لمن رأه مولاه داعيا له بحرقة وحنين ، ولك ان تتصور ماهي عاقبة العبد الذي استجيب في حقه دعوة مولاه بين يدي رب العالمين ، وهو في موسم استجابة الدعوات ؟!
3- في الحج ولاية وبراءة ، ولا يكتمل احدهما الا بالاخر .. اليس في شهادة التهليل شق براءة متمثلة بـ(لا اله) وشق ولاية متمثلة بـ( الا الله) ؟.. وحتى حجارة الحرم فيها الشقان بصفتيهما.. فنقبل الحجر الاسود تارة اظهارا للولاية .. ونرمي بحجارة الحرم عند الجمرات اظهارا للبراءة تارة أخرى ؟!.
4- ان الاغتسال عملية رمزية ليقول العبد بلسان حاله : يارب!.. طهرت ظاهري بما امكن من الماء القراح ، فطهر باطني بماء التوبة الخالصة مصداقا لقولك : { ثم تاب عليهم ليتوبوا } اذ ان توبة عبدك بين توبتين منك !! .. ومن الملفت حقا ان العبد مأمور في الحج باغسال عديدة منها : عند الاحرام والميقات ، ودخول الحرم ، ودخول المسجد الحرام .. وكأنه يريد بذلك ان يجدد توبة بعد توبة ، ليلتقي اخيرا بمحبوبه خاليا من كل درن .
5- عندما تلبي في الميقات مرة او اكثر من مرة ، حاول ان تتذكر كم من المرات قلت لبيك للعباد : الصالحين منهم وغير الصالحين !!.. اولا يكفي هذا التذكر ان تلبي في الميقات وانت خجل من كيفية تلبيتك لله رب العالمين ؟!.. فلطالما لبيت نداء الاخرين بكل طواعية واخلاص ، وها انت تلبي فى الميقات حريصا على اداء مخارج الحروف فحسب ، من دون التفات الى جوهر التلبية !.. فعلى العبد ان يخشى من ان ياتيه النداء عند التلبية من قبل الرب المتعال قائلا : لا لبيك ولا سعديك!!.. وهذا الذي كان يجري به مدامع المعصومين (ع) عندما كانوا يقفون في الميقات ملبين برهبة ووجل .
6- هنالك تناسب ملفت بين المواطن الاربعة التي يخير فيها المصلي بين القصر والتمام وهي : مكة مركز ( التوحيد والالوهية ) ، والمدينه مركز (النبوة)، والكوفة مركز( الولاية ) ، وكربلاء مركز ( الشهادة ).
7- ان مكة ليست نقطة جغرافية فحسب بل هي تاريخ مطوي بكل آلامه وافراحه .. فلنتذكر ان هذا المكان هو محل المشروع الالهي الذي كان بانيه ابراهيم الخليل (ع) ، ومساعده اسماعيل الذبيح (ع) ، وامام مسجده النبي الاكرم (ص) ، ومحطم اصنامه علي (ع) .. وتذكر انه ما من موضع انملة الا وعليه موضع قدم نبي او وصي او ولي .
8- كم من الشبه بين ثوب الاحرام الابيض ، وبين الثوب الذي يلف به الطفل الوليد ، وبين الثوب الذي يكفن به الميت الطريح .. وعليه فان موقفك فى الميقات موقف بين الولادة والموت ، وقديما قالوا : قم واغتنم الفرصة بين العدمين!! .
9- في الميقات يتجرد الانسان عن كل المظاهر التي اكسبته وجاهة صورية لا واقع لها الا الوهم والخيال ، وذلك من اشكال الزينة في المظهر ، والملبس .. اوليس من الحري بالحاج ان يتجرد بموازاة ذلك عن كل اشكال الوهم والخيال الفاسد في الباطن كالخيلاء والعجب والرياء ، والذي لا يعلمه الا الله تعالى ، وكذلك العبد الذي جعله الله تعالى بصيرا على نفسه ولو القى معاذيره .
10- ان تروك الاحرام تعليم للعبد على مخالفة هوى نفسه ، وماهو المألوف في حياته كـ : التطيب ، والتدهين ، والاستمتاع بالنساء ، والتوقي من حرارة الشمس ، ودفع هوام البدن وغير ذلك .. ومن المعلوم ان الطريق الى الله عزوجل لايسلكه العبد الا بمخالفة مقتضيات طبعه ، والخروج عن مالوف عامة الخلق ..
11- ان من مصاديق الفرار الى الله تعالى فى قوله تعالى : { ففروا الى الله} هى الحركة الباطنية اليه ، ولكن الحج حركة ظاهرية للفرار ايضا .. فاذا دخلت المسجد الحرام فتصور نفسك انك عبد آبق ارتمى في احضان مولاه داخل بيته ، وخاصة عند الدخول الاول ، وخاصة في الحجة الاولى فانها مشاعر لا تتكرر في اي بقعه من بقاع الارض .. و على الحاج ان يعيش مشاعر متنوعه عندما يدخل المسجد الحرام .. منها : الاحساس بان هذا بيت ربه الودود ، ومنها انه بيت ابيه ، اذ جعل القران الكريم ابراهيم ابا لهذه الامة ، حيث قال تعالى : {ملة ابيكم ابراهيم } ، ومنها انه بيت الامن والامان حيث قال تعالى :{ ومن دخله كان امنا} ، ومنها انه بيت الحرية حيث انه البيت العتيق ، ومنها انه بيت البركة حيث قال تعالى : { ببكة مباركا }
12- من المعروف - وان لم يكن من الماثور - ان للحاج في الحجة الاولى دعوات مستجابه .. وهذا الامر ليس بغريب اذا ان للضيف في اول ساعات الضيافة اكرام خاص لا يتكرر في الزيارات المقبله ، اذ ان عدم قيامه بلوازم الادب في بيت المضيف في السفرات السابقه ، قد يحرمه بعض العطاء في الزيارات اللاحقة .. بينما الضيف في زيارته الاولى لم يرتكب اي تقصير في هذا المجال .
13- على الحاج ان ينظر الى من حوله من حجاج بيت الله الحرام على انهم ضيوف رب العالمين ، والله تعالى سريع الانتقام لمن يخل بحقوق ضيوفه مهما كانت عناوينهم السابقة من حيث المعصية .. إذ أن الحاج عندما يأتي للبيت العتيق يتجرد عن كل سوابقه ، ليكتسب حصانة في تلك الديار الامنة.. فلا تنظر الى الحاج بمنظار الصداقة والقرابة ، وانما بمنظار الوفادة على الله تعالى.
14- إن الهدية سنة حسنة لو التزم بها وفاد بيته الحرام .. ولكن ليحذر الحاج من الاسراف والتبذير ، والمباهاة ، في هذا المجال .. ولا ينبغي ان تكون هذه السنة المحبوبة لمولاه ، شاغلة له عن وظائف العبودية في تلك اللحظات الحاسمة .. وكم من القبيح ان يشتغل العبد بذلك ، والمنادي ينادي (حي على الفلاح) وهو في بلد الصلاح والفلاح !!.
15- ان فى الحج تخليدا لذكرى من بذلوا شيئا او تحملوا شيئا في سبيل الله تعالى ، فها هي امة غريبة مجهولة القدر ، تحملت السكنى بواد غير ذي ذرع ، امتثالا لامر ولي امر زمانها ، المتمثل بابراهيم الخليل (عليه السلام) ، واذا برب العالمين ، يعوضها في الدنيا قبل الاخرة ، من انواع التكريم ما لا يخطر ببال بشر!.. والحاج يهرول حيث هرولت ، ويشرب من الماء حيث زمت ، ويتحاشى الطواف على قبرها ، وكأنه جعل جزءا للبيت العتيق.
16- لو ارادت جهة من جهات الارض ان تجمع هذا الجمع الغفير في تلك البقاع ، التي ليست فيها اغراءات الطبيعة الخلابة ، والمياه الجارية ، والنسمات العطرة لما استطاعت ، ولو بذلت ما بذلت !! .. ولكن نداء من ابراهيم الخليل (عليه السلام) قبل الآف الاعوام ، جذبت هذه الجموع من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ، وليطوفوا بالبيت العتيق.. اليس هذا مصداقا من مصاديق مباركة المولى جل وعلا في دعوة من يحب ؟!..
17- إن الحاج ممنوع من حمل السلاح في حال الاحرام ، لئلا يكون وجوده وجودا مهيبا باعثا على الذعر والخوف .. ولكن البعض قد لا يحمل السلاح لا في الحج ولا في الوطن ، ولكنه يبعث الذعر في النفوس - وخاصة في المستضعفين حوله من الاهل والولد - بتقاسيم وجهه ، ونبرات صوته ، والحال ان المسلم ، من سلم المسلمون من يده ولسانه.
18- كما ان المال منه رزق مقدر من الله تعالى كعطاء خاص منه ، ومنه مال ممنوح للعبد على حسب مقتضيات قواعد الكسب والتحصيل، وكذلك الحج : فمنه حج عطائي بدعوة خاصة من مالك المالك ، ومنه حج يتحقق ببذل شيء من المال لاصحاب قوافل الحج ، من دون ان يكون هناك نظرة خاصة لصاحب تلك الديار اليه !!.
19- ما اجمل هذا التعريف للحج من فقيه من فقهاء الامامية ، وهو صاحب جواهر الكلام ، حيث يقول عن الحج انه : ( رياضة نفسانية , وطاعة مالية ، وعبادة بدنية ، قولية وفعلية ، وجودية وعدمية ).. ومن الممكن لكل حاج ان يتأمل في الحج ، ليكتشف تعريفا جديدا للحج ، لم يخطر ببال احد ، فللحج اسرار تفتح على القلوب الملتفتة المتعطشة للحقائق .
20- من التعابير الرائعة عن الحج ما ورد عن علي عليه السلام كما في نهج البلاغة : ( يألهون اليه ولوه الحمام ) ، أرأيت اسراب الحمام الظامئة وهي تحط بجانب الغدير ؟.. فكم يكون حرصها على التزود منها قبل ان تطير الى القاحل من البقاع ؟.. فعلى الحاج ان يرى نفسه كمثل هذا الحمام الذي ساقه العطش الى غدير الحرمين الشريفين ، ليرجع بزاد العام كله ، فهل كل الحجاج كذلك ؟..
21- ان من ثمار الحج الكبرى ان يعود الانسان من الحج بحالة من السكينة والطمأنينة تبقى معه بعد رجوعه من الحج، وهذه علامة من علامات تميز حجه. فكما انه بذكر الله تطمئن القلوب، فكذلك بالحج تسكن القلوب كما روي عن الامام الباقر(عليه السلام) حيث قال: (الحج تسكين القلوب) البحار ج 75 ص 183.
22- يبلغ الاكرام الالهي مداه في موسم الحج عندما يقف الانسان بعرفة ، مقرا بالذنوب بين يدي ربه وحينها تغمره الرحمة بحيث يرجع من ذلك الوادي ولا ذنب له .. والملفت في هذا المجال- كما تدل عليه الروايات - ان الذي يشك في المغفرة فقد وقع في الخطيئة ، لانه استخف برحمة مولاه الذي لايعقل الرجوع من فنائه بالخيبة والخذلان .. ومن هنا لزم على الحاج ان يتفنن في الدعاء في ذلك الموقف العظيم الذي لا نسك ولا عمل فيه سوى الدعاء والالتجاء .
23- ان الله تعالى آلى على نفسه ان يكرم زوار بيته الحرام حتى فى مجال التعويض المادي في الدنيا ، مقابل الدريهمات التي ينفقها في كسب الاجر المخلد الذي لاحساب له .. ومن هنا تعددت الروايات في ان الحج من موجبات الاستغناء ونفي الفقر ، مثل هذه النصوص المباركة : ( حجوا تستغنوا ) و ( تتسع ارزاقكم ) و ( الحج ينفي الفقر ) .
24- ان بعض بركات الحج مما لا تتجلى الا في الحياة الاخرة ، ولو علم الناس بها في الحياة الدنيا لاتوا البيت ولو حبوا على الثلوج ، وزحفا على الركب .. الا يكفي في هذا المجال هذا الحديث الوارد في مستدرك الوسائل في جواب موسى (عليه السلام) حينما سال الله تعالى عن ثواب من حج هذا البيت بنية صادقة ونفقة طيبة ؟!.. فقال تعالى: ( اجعله في الرفيق الاعلى مع النبييين والصديقين والشهداء والصالحين ) الوسائل ج 8 ص 102 .. اوهل هنالك جزاء فوق هذا الجزاء ؟!.
25- هنالك الكثيرون ممن يمكنهم الحج الواجب وكذلك المستحب ، ولكنهم يبذرون اموالهم في ما لايحل ولا يجمل .. ولو ادخروا شيئا من اموالهم لهذا السفر العظيم ، لاستطاع الكثيرون التمتع ببركات هذه السفر الالهي .. فيقول الصادق(عليه السلام) : (ان استطعت ان تأكل الخبز والملح ، وتحج في كل سنة فافعل) الوافي ج 4 ص 280.
26- ليس الحاج هو المستفيد الوحيد من زيارته لبيت الرب ، بل ان كل منتسب اليه تشملههذه الرحمة الغامرة .. وقد ورد عن الصادق (عليه السلام) : ( ان الحاج ليشفع في ولده واهله وجيرانه ) المستدرك ج 2 ص 10 .. فاذا كان هذا عطاء الله تعالى بالنسبة للمقربين اليه فكيف بالعطاء لنفسه ؟
27- تدل بعض الروايات على ان الحاج يعيش اجواء الحج وبركاته حتى بعد عودته من الحج ، اذ عليه نور الحج ما لم يلم بذنب .. وقد ورد في خبر طريف انه : ( لايزال العبد في حد الطواف بالكعبة مادام حلق الراس عليه) بمعنى انه يعد طائفا مادام الشعر قد نبت على راسه بعد الحلق في منى .
28- لابد من الدقة ومراعاة الاحتياط في بذل المال الذي يكون عوضا في سفر الحج ، فان الله تعالى لا يقبل الا ماكان اصله من الطيب لا من السحت .. فان الدين الالهى مجموع متكامل ، فلاقيمة لعمل من يؤمن ببعض ويكفر ببعض .. وقد ورد في الخبر : ( اذا حججت بمال اصله سحت ، فما حججت ولكن حجت البعير) محاسن البرقي .. وفي خبر اخر عن الامام الباقر (ع) : (لا يقبل الله عزوجل حجا ولا عمرة من مال حرام ) البحار ج 99 ص 120.
29- ان اخلاص النية في العمل من مقومات القبول في فروع الدين جميعها .. اذ كيف يزكي رب العالمين مالم يقصد وجهه الكريم ؟.. اوليس من الخسران ان يشد احدهم الرحال الى ذلك البيت العتيق متجشما عناء الطريق ، ليفوز بمتاع رخيص من متاع الحياة الدنيا ؟!.. فقد روي عن السجاد (ع) انه قال: ( من حج يريد به وجه الله ، لايريد به رياءا ولا سمعه غفر الله له البته ) الوافي ج 2 ص 47 .. ولكن ما اصعب مقياس القبول حيث فسر بأنه ( العمل الخالص الذي لاتريد ان يحمدك عليه احد الا الله عزوجل ) .. وما اصعبه من مقياس !!.
30- من التوفيقات في الحج ان يكون الانسان في خدمة اخوانه من حجاج بيته الحرام .. وقد كان ائمة الهدى (عليه السلام) يخفون انفسهم بين الحجاج لئلا يحرموا مثل هذا التوفيق .. وقد روي عن النبي (ص) : (سيد القوم خادمهم في السفر) البحار ج76 ص 273.. ولا شك ان اي حركة في هذا السفر انما هى مرتبطة بشأن من شؤون صاحب البيت ، فلا ينبغي الاستخفاف باي طاعه فلعلها هي المنجيه ، اوذلك لان المقصود اكرم الاكرمين .. وقد ورد عن الصادق (عليه السلام) التأكيد على تمريض ذلك الحاج المريض الذي كان مع الراوي في المدينه قائلا : ( قعودك عنده افضل من صلاتك في المسجد ) فروع الكافي ج4 ص 545 .
31- ان الحاج مطالب بالبذل وسعة الانفاق سواءا على نفسه او على غيره ، مادام كل ذلك يصب في كسب السعادة الابدية التي لاتقدر بثمن .. فقد ورد عن الصادق (عليه السلام) ( درهم في الحج افضل من الفي الف فيما سوى ذلك في سبيل الله ) .. كماورد ان : الله تعالى يبغض الاسراف الا في الحج والعمره .
32- من الممكن لمن لم يوفق لحج بيت ربه ، ان يعوض ذلك من خلال خدمة ذوي الحاج وخصوصا اذا كانوا ممن يحتاجون لمثل هذه الرعاية في غياب ولي امرهم .. وقد ورد عن الامام السجاد انه قال : (من خلف حاجا في اهله وماله كان له كأجره) سفينة البحار .
33- ان واقع الحج لا يبدا من الميقات ، وانما يبدأ من اللحظة الاولى من الخروج من المنزل .. فليحاول الحاج ان يجعل الحج هى الفترة الزمنية المحدودة بين خروجه من المنزل والعودة اليه .. فلابد من ان يكون مراقبا لنفسه في تمام هذه الفترة ، والا فان الخاسر هو الذي يحاول التوجه الى ربه في الحرمين الشريفين فحسب ، ناسيا بان توفيق التوجه هناك ، انما هى ثمرة لمجموع المجاهدة والذكر المستمر : خفيه وجليه .
34- ان الوسوسه والمبالغة في اتقان ظاهر الحج زيادة عما امر به المشرع المقدس ، قد يسلب الانسان جوهر العباده .. ومن هنا قد يطوف مراعيا لاحكام الموازاة للكعبة وغير ذلك من الاحكام ، قاصرا نظره على ذلك ، ومن دون ان يعيش ادنى المشاعر العرفانيةالتي تعيشها الملائكة التي تطوف حول ذلك البيت المنصوب في العرش ، والذي يوازي هذه الكعبه الارضية .
35- ان الحجر الاسود يمين الله في ارضه ، فلابد من استحضار معنى المعاهدة مع رب العالمين ، والبناء على عدم الاخلال بذلك حتى اخر العمر ، وذلك عندما نصل الى تلك النقطة بدلا من مدافعة الحجاج والهجوم اللاواعي عليها .. وقد كان الصادق (عليه السلام) يعفي نفسه من ملامسة الحجر معللا ذلك وهو يشير الى جده المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم) : انه كان يفرج له وانا لا يفرج لي !!.
36- اننا لا نعلم ماهو هذا السر في عدد السبع المتكرر في الطواف والسعي ورمي الجمرات .. ولعل هنلك تناسبا بينها وبين السماوات السبع والارضين السبع ، فعالم التشريع وعالم التكوين مترابطان اذ ان صاحبهما هو الحكيم المتعال .. والحج مجموعه من الاسرار لا نعرف كنهها ومن هناك كان الحج درسا بليغا فى التعبد بين يدى المولى الذى بيده نواصى الخلق طرا .
37- الطواف درس بليغ من دروس الحياة ففيه : حركة دائبة ، وفيه اتجاه ثابت ، وفيه مساحة محددة ، وفيه محورية حول نقطة واحدة ، وفيه معايشة ومعاشرة للخلق ، وفيه ابتداء وانتهاء ، وفيه صلاة متعقبة ، وفيه طهارة للثوب ، وفيه عدد لاينبغي تجاوزه ، وفيه شكوك مبطلة ، وفيه منع للزيادة والنقيصة ، وفيه اشتراط للطهارة من الحدث والخبث .. كل ذلك عناصر لابد من تواجدها في حركتنا في الحياة: سواءا في تعاملنا مع الناس او مع الله رب العالمين .
38- ان التأكيد على عنصر الامامة واتباع حماة لواء التوحيد، لايكاد يفرغ منه موقف من مواقف الحج .. فان الحاج بعد الطواف مأمور بأن يتخذ من مقام ابراهيم (عليه السلام) مصلى .. بمعنى انه مامور - وهو يريد مناجاة الرب - بان يقف في ذلك الموقف الذي وقف فيه بطل التوحيد ، متحديا طواغيت زمانه .. فالصلاة المقبوله هي ماكانت على موقع الامامة والولاية .
39- كما ان ابراهيم الخليل (عليه السلام) امر بتطهير البيت الحرام من الاصنام الظاهرية ، فاننا مامورون ايضا بتحطيم الاصنام الباطنية التي نتوجه اليها في الخفاء وان لم نعلن عبادتنا لها في الجلاء ، الا وهي الشهوات التي زينت لنا والتي ذكرها القران بأصنافها وانواعها .. فلنتأمل في هذه المقولة لامامنا الصادق (عليه السلام) التي تفتح لك افاقا من المعرفة وهي : ( القلب حرم الله فلاتسكن حرم الله غير الله) بحار الانوار ج 67 ص 25.
40- ان من الجفاء ان لايقوم الحاج بزيارة حبيبه المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم) وذريته الطاهرة وعمه سيد الشهداء (عليهم السلام ) مراعيا لاداب الزيارة كما هو حقها : استذكارا لحياتهم عند الله تعالى ، ومرزوقيتهم من عطاء الله تعالى ، وكرامتهم في قبول شفاعتهم عند الله تعالى ، والبناء على اثبات الصدق في محبتهم وذلك في الاجتهاد في طاعة الله تعالى .. وقد ورد عن النبي انه قال : ( من زارني حيا وميتا كنت له شفيعا يوم القيامة ) البحار ج 97 ص .. 139 .. كما روي عن علي (ع) : واتموا برسول الله حجكم ، اذا خرجتم الى بيت الله .
حج مقبول و..ذنب مغفور وودعاء مستجاب
اذكرونا ..بالدعاء
اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام في عامنا هذا
وفي كل عام ما أبقيتني في يسر منك وعافيته ،
وسعة رزق ولاتخلني من تلك المواقف الكريمة والمشاهد الشريفة وزيارة قبر نبيك صلواتك عليه وآله وسلم