TODAY - 12 August, 2010
أرادها "فريد لفتة" رسالة للسلام والمحبة قفزة "هرقل" العراقي على نقطة الصفر بالقطب الشمالي
رائد الفضاء العراقي فريد قبل الإقلاع
دبي – عبدالهادي طرفي
رائد الفضاء العراقي فريد لفتة، أطلق العراقيون عليه لقب "صقر العراق"، وسمّاه الإعلام الغربي "الرجل الخارق"، ووصفه الإعلام العربي بـ"غاغارين العرب"، وبعد قفزته الأخيرة على نقطة الصفر في القطب الشمالي لقبته البعثة الألمانية - الروسية التي أوفدت 135 عالماً من 22 دولة إلى القطب الشمالي بـ"هرقل الشجاع".
وأفلح فريد لفتة في القفز باسم بلاده والعرب وآسيا من ارتفاع 3000 قدم على نقطة الصفر التي تتوقف فيها حركة الكرة الأرضية في القطب الشمالي، خلال رحلته الأخيرة في 29- 7- 2010.
ونقطة الصفر، أو نقطة محور دوران الأرض، هي أقصى نقطة في القطب الشمالي، وتعرف أيضاً بنقطة 90 درجة، ولاتتحرك فيها الأرض، ويصعب الوصول إليها وتحديدها خلال هذه الرحلات طبقاً لما أوضح فريد لفتة في حديثه إلى "العربية.نت" بعد عودته من القطب الشمالي.
وكانت رحلة رائد الفضاء العربي على متن سفينة نووية روسية تدعى "خمسين سنة من الانتصار"، وأثناء توقف السفينة على نقطة الصفر حملته مروحية إلى ارتفاع 3000 قدم ليقفز من هناك في خطوة أرادها فريد أن تكون "رسالة للسلام والمحبة" في العالم.
شعار \"رسالة المحبة والسلام في العالم
وقبل توجهه إلى القطب الشمالي تسلم فريد لفتة رسالتين رسميتين من الاتحاد الآسيوي للقفز المظلي والاتحاد العربي للرياضات الجوية لتمثيلهما في الرحلة في مراسم جرت على هامش بطولة آسيا في منطقة "سولو" الإندونسية.
وسلم المقدم مبارك السويلم رئيس الاتحادين الآسيوي والعربي أعلام الدول الآسيوية التي حملها رائد الفضاء معه إلى القطب المتجمد الشمالي.
وقال فريد "مثلت العراق والعرب وآسيا في هذه الخطوة وكتبت باسمهم رسالة تضمنت مشاعر الحب والسلام ووضعت الرسالة ورسائل باقي أعضاء البعثة إلى القطب الشمالي في أسطوانة وضعت على عمق 4622 متراً في قعر المحيط."
وكتب رائد الفضاء في رسالته "تحية سلام ومودة مني فريد لفتة ابن دجلة والفرات إلى جميع شعوب العالم بمناسبة وجودنا في قمة العالم في القطب المنجمد الشمالي، متمنياً أن يسود السلام بين جميع شعوب العالم باسم الإنسانية".
وأورد فريد في رسالته اسم جميع الأقاليم العراقية والبلدان العربية والآسيوية، موضحاً أن"الأسطوانة التي وضعت فيها الرسالة تستخدم في المنشآت النووية، وأنها تقاوم جميع الظروف الطبيعية من مياه وملوحة وحرارة البراكين والصخور الصلبة وستبقى إلى ملايين السنين في قعر المحيط".
لحظة القفز على نقطة الصفر
رائد الفضاء ولقاء صحفي
وعن لحظة القفز قال فريد إن "الأجواء كانت سيئة للغاية، ولم تتعد مدى الرؤية هناك حد الـ500 متراً، كما كانت هنالك مخاطر كبيرة، مثل الرقع المائية المحيطة بالجليد، قائلاً "لو وقعت في أي رقعة مائية أتحول خلال دقيقتين إلى قالب من الثلج وأغرق في قعر المحيط قبل تمكن أعضاء البعثة من إسعافي".
وأردف يقول "كانت تحيط بالسفينة أيضاً دببة قطبية مفترسة يصعب الفرار منها، إذا ما تأخرت عملية الإنقاذ بعد الهبوط".
وبعد ساعات طويلة من النقاش مع ربان السفينة المخضرم، وقائد البعثة، استطاع الكابتن فريد اقناعهما بخوض المغامرة التي كان يشك الجميع بنجاحها، قائلاً إن "الأدميرال فالانتاين ربان السفينة النووية أبلغني أنه سيفقد سمعته إذا ما تعرضت إلى أي مكروه، مشيراً إلى مكانته في بلاده والعالم".
وقال "عندما حملتني المروحية إلى نقطة القفز كان الحزن واليأس يسودان الجميع، لم تصدر أي ضحكة أو ابتسامة من أي منهم، وبدأت أنا أمازحهم وصرت أعمل لرفع معنوياتهم بدلاً من ما كان عليهم فعله قبل خوضي المغامرة".
وأضاف "كانوا ينظرون لي وكأني سأموت بعد لحظات وودعني بعضهم بحزن شديد كما نسى الطبيب المرافق لي جس نبض قلبي قبل القفز وذكرته أنا بما كان يجب فعله".
وأضاف رائد الفضاء العربي"لما أقتربت المروحية من نقطة القفز وفُتح الباب لم أر السفينة بسبب رداءة الطقس، وكان يهددني خطر الهبوط في نقطة بعيدة من السفينة، ولكن لم تمض ثوان حتى رأيتها وقفزت بمظلتي نحوها".
وعندما كان يشرح لي كيفية القفز من خلال الفيلم الذي سجله بواسطة آلة تصوير متطورة وضعها على رأسه أثناء القفز سألته: كيف رأيت السفينة من على بعد 3000 قدم. ورد باللهجة العراقية الدارجة "مو أنا يسموني صقر العراق عيني".
وهبط فريد بسلام على نقطة الصفر واصفاً شعوره بالخيالي ومنقطع النظير وسط حفاوة أعضاء البعثة والقائمين عليها الذين وصفوه في شهادة تقدير سلموها إليه بعد القفز بـ"هرقل الشجاع".
القفز في سماء بغداد
ليست اول قفزة للسلام يقوم بها رائد الفضاء
وهذه ليست أول قفزة للسلام يقوم بها رائد الفضاء العراقي الذي اضطر إلى مغادرة بلاده للظروف الأمنية السيئة هناك، بعدما خطف مسلحون أخاه في بغداد، وأصيب هو برصاصة في رجله عندما حاول إنقاذ أخيه من يد خاطفيه.
وقفز فريد من سماء بغداد في مراسم جرت لبث روح السلام والمحبة في البلد الذي أثقلته الحروب والانفجارات العمياء التي تحصد أرواح أبناءه يومياً.
وقال الشاب العراقي "نرغب بالعيش بسلام في بلادنا، حتى لو كان لفترة قليلة، نريد استراحة محارب لكي نعمل لتقليل حجم معاناة شعبنا.
ولم يرغب الشاب العراقي بالقفز في ساحة السياسة، ويؤكد"أريد التركيز على اختصاصي لأرفع اسم العراق والعرب عالياً". لكنه يشارك في حملات إنسانية وأنشطة اجتماعية، حيث نظم حملة للتبرع بالدم من أجل العراق قبل توجهه إلى القطب الشمالي.
ويصف شعوره بعد قفزة السلام في بغداد بأنها كانت ترجمة لأحلام الطفولة، حيث لم يكن يتصور سماء غير التي كان يراها فوق رأسه عندما كان في الخامسة من عمره.
وأكد أن ميوله إلى القفز ظهر مبكراً، فكان يصعد فوق خزانة الملابس ويرمي بنفسه على الأرض ولم يكترث بلوم ذويه قائلاً إن "الطبع يغلب التطبع".