لم يَعدْ مجدياً الوقوف خلف الشباكْ
لم يَعدْ مجدياً الشباك ... حتى !
في الظلام
لا يتنفس الضوء
لا يتسلل شيءٌ من خارج مجرتنا
كي يدفعَ أنصافنا المتبقية
للهاثِ خلف الخراب
الحمائم الهاربة من جحيم إحتراق الذات
تتزود آخر جرعات الفراتين
وتقضم تيناً قديماً
يكنزُ سِحْر الكفين التي لضمت وسطه بهدوء
تطيرُ عالياً خارج حدود الضوضاءْ
لتستقرَ في الجهة الاخرى من عالمنا
دون الخضوع
لاجراءات اللجوء المقرفةْ
رأيت إحداهن وانا أُطْعِمُ طيور الحديقة المجاورة
توقفت على كتفي
بعد أنْ شمّت رائحة الوطنْ
العالقة في راسي
قلت لها
: حدّثيني .. ليس سليمان وحده من كلّم الطيرْ
حرَّكت طوقها الماسي
وإتكأت ثانيةً
لتحلم بنخلٍ
يُغدقُ من قلبه أساور ذهبيةْ
تتخمرُ
كي تضخَ عقيقاً يمانياً
رأيت بعيني دموعها
حين تذكرت مواسم الاحتراق
الحادثة منذ اجيال
روَت لي
: قَبْلَ أنْ افرّ
كان الدخان يحيط بمدنٍ كثيرة
تتغير خرائطها كلّ يوم
لم افكّر بغير النجاة
مع رفٍ
سَقَطَ منهم في الطريق
واصلتُ الطيران كي ابحث عنكَ
كَوْنَ احد اجدادكَ
إعتنى بالرواد من اهلي
وكان يترك الأعشاش
ويَمنعُ عنها الغربان
نحن معشر الحمام نتوارث الحب
لا ترمِ الطوق المدور في عنقي
تَلَمّسهُ
فهو يغنيك عن التيممْ
م