الرسام . وحلم الزمان
بين فصول الحياة الاربعة وتقلبات الأيام ومأسيها وتلاطم امواج السنين واحزانها يحكى إن هنالك رجل حمل في جعبته في رحلة حياته لوحة جميلة رسمها منذ نعومة اضافره لوحة كانت بالنسبة له اجمل مستقبل واحلى أمل لانه رسمها للقادم من ايامه رسم فيها ( الحب . الوفاء . البراءة )
فترجم هذه الصفات بشخصية امرأة مجهولة لم يكن مهتمآ بمدى جمال وجهها لكونه اخفى ملامحها متعمدآ لانه كان يبحث عن روح بطلتها في الواقع الذي يعيشه فكانت اجمل مايحلم به فكان يكثر الجلوس امامها ينظرلها ويتأمل ويتسائل مع نفسه من هي ياترى بطلة هذه اللوحة في الواقع ؟
وكله أمل انه سوف يعثر على تلك الانسانة المجهولة .
ثم بدأت رحلة البحث تتسارع مع دوران عجلة الأيام والسنين وخطاه تتسارع معها ولم تنطفئ بداخله شمعة الامل ولم يشعر يومآ باليأس والاحباط رغم قساوة ماكان يسمع ويشاهد من قصص حزينة عن الحب وكلما كان يشعر بالحزن مما يسمع من احزان يسارع للجلوس امام لوحته الجميلة ليقول في نفسه ( اين انتي ايتها السيدة الغائبة لابد انكِ قادمة تعالي لتكوني مثالآ لكل العاشقين تعالي لتدحري وتفندي كل الاقاويل تعالي واسقطي اقنعة الحب الزائفة من الوجوه البشعة والتي تدعي الحب زيفآ)
وذات يوم وفي صباح مشرق وجميل وبينما هو جالس في شرفة منزله ينظر تارة إلى السماء كيف هي صافية ونقية وكيف شق ضوء الشمس خاصرتها لتبعث نورها ودفئها على الارض وتارة يعاود النظر إلى الارض محدقآ في زحمة الناس وضجيج الحياة وصراعات العيش
ومدى التناقض بين النظرتين تناقض بين الصفاء والضجيج
وبينما هو كذلك هبت رياح تحمل نسمات عذب وصفاء جميلة يستنشق ريح هبوب نسماتها ويشم عطرها واذا بالرياح تزداد سرعة وقوة لتحمل معها ورقة بيضاء طائرة مع سرعة الرياح لتسقط على اطراف شرفة المنزل فأنتابه شي من الفضول ليعرف ماذا كتب فيها فسارع اليها حتى يطفئ شي من فضوله امسك بها وبدء يقرأ مافيها كانت هذه الورقة تحمل بين اسطرها كلمات كتبت من امرأة مجهولة كتبت فيها احساسها ومشاعرها الجريحة
من قسوة حياة لاتعرف معنى ( الحب الصادق . والوفاء للحبيب ) اندهش من تلك الكلمات ومدى اوجه التشابه بين صفات تلك المجهولة و المرأة التي رسمها في لوحته وانها هي المقصودة فعلآ وشعر انه لابد من إن يبحث عنها مهما كانت المصاعب فكانت هذه الورقة القادمة من بعيد سببآ بمنحه امل اقوى من السابق لكونه حس بكل ماتعانيه هذه المرأة من صعاب للوصول للحب الصادق والحقيقي
كانت سبب جديد في معاناته لانه كان يعيش كل تفاصيل ماكتبت هذه السيدة فقرر إن يخوض البحث رغم المستحيل بحثآ عنها مهما كانت النتائج
فهي بالنسبة له الامل الوحيد الذي عاش لاجله فكان امله الوحيد بالعثور عليها إن الرسالة كانت تحمل توقيع بأسم (( حلم الزمان ))
فقرر اولآ إن يكتب كل مافي الورقة على اللوحة ويكتب اسفلها (( حلم الزمان ))
فبدأ البحث عنها من مدينة إلى مدينة وكان اينما حل يدعي انه يرغب ببيع اللوحة علمآ انه ماكان ينوي بيعها لكنه اراد إن يظهر اسمها وكلماتها املآ إن تأتي يوما لتشاهدها وتعرف أنها المقصودة والتي يبحث عنها ويعرفها.
هذه هو الامل الوحيد بالنسبة له .
وبينما هو على هذا الحال يطرق ابواب المدن واسواقها وشوارعها وفي احدى المدن التي زارها بعد إن انتابه شي من اليأس لبحثه المتواصل والطويل قرر إن يعود إلى منزله على أمل إن يعيد المحاولة بعد حين وفي اثناء عودته إلى منزله وفي طريق العودة شاهد امرآ غريبآ بعض الشي وكما هي العادة انتابه الفضول ليعرف أكثر عنه فقترب منه وليشاهد قبرآ صغيرآ منفردآ ليس بجواره أي قبور وبعيد عن المدن المجاورة فقرر إن يقف قليلآ ليقرأ سورة الفاتحة على روح صاحب القبر وبينما هو يقترب من القبر حتى بدأت خطواته تتعثر وترتعش جميع اطرافه
لما يشاهد ويقرأ انها عبارة كتبت على القبر
(( هنا ترقد حلم الزمان ))
لقد ماتت بتاريخ الامس فسقط هو ولوحته ارضآ مجهش بالبكاء وعيونه تفيض دمآ بدل الدموع على رحيلها رحيل الامل الذي طال البحث عنه
مااقساها تلك اللحظات وكيف هو الالم حين تحزن على موت وفراق الحلم الذي لطالما عاش لاجله منذ الصغر
كيف تكون الاحزان عندما تموت فينا الاحلام
فقرر إن يحفر بالقرب من قبرها قبرآ صغيرآ ليدفن فيه لوحته التي لطالما كانت رفيقة ايامه طوال حياته
ويودعها بكل عبرة وحزن وصمت
هيمن العمري
ماراق لي