أعماق البحر
أعماق البحر أضخم بيئة على سطح الأرض ومع ذلك أقلها حظاً من حيث المعرفة. وهي تغطي نحو ثلثي سطح الأرض، وتشمل كل المياه التي يزيد عمقها على 1000م تحت مستوى سطح البحر. لقد افترض معظم الناس على مدى قرون، أن الأعماق الباردة والمظلمة للمحيط لا تصلح سوى للقليل من الحياة أو لا تصلح لأية حياة على الإطلاق. ولكن اختراع أنواع جديدة من المركبات المعدة للاستخدام تحت سطح البحر والتطورات التقنية الأخرى التي حدثت خلال القرن العشرين، مكنت الناس من استكشاف هذه المساحات الواسعة. لقد اكتشف العلماء عددًا كبيرًا من الكائنات الحية في أعماق البحار. وتعد بعض مخلوقات المياه العميقة من ضمن أكثر المخلوقات غرابة على وجه الأرض.
بيئة أعماق البحار. لا تشبه الظروف البيئية في أعماق المحيط أية ظروف أخرى على وجه الأرض. فالمياه شديدة البرودة. ودرجات الحرارة تتأرجح فوق نقطة التجمد بقليل بين درجة واحدة وأربع درجات مئوية. وقد يبلغ الضغط في أعماق البحر مستوى يزيد بمقدار 1000 ضعف عن الضغط عند السطح. وفي أعماق المحيط، يشكل ثقل المياه العلوية ضغطًا كافيًا لسحق أي جسم غير محمي لأي من أشكال الحياة الموجودة على السطح. وحيث أن ضوء الشمس لا يمكنه النفاذ إلى أعماق البحر، فإن المخلوقات تعيش في ظلام يكاد يكون كاملاً.
يكون الغذاء نادرًا في أعماق البحر. وتصبح كل الكائنات الحية جزءًا من سلسلة الغذاء، وهي النظام الذي يتم بموجبه تحويل الطاقة من كائن حي إلى آخر في شكل غذاء. وتبدأ كل سلسلة غذاء، على اليابسة أو في المياه الضحلة، من الطاقة المستمدة من ضوء الشمس. تستخدم النباتات الطاقة لإنتاج الغذاء في عملية تعرف باسم التركيب الضوئي، وتعتمد الكائنات الحية الأخرى على النباتات. ولا توجد نباتات في أعماق المحيط، لأنه لا يوجد ضوء يدعم عملية التركيب الضوئي. وبالتالي فإن مفتاح الحياة لمعظم الكائنات التي تعيش في أعماق البحر هو الجليد البحري، وهو التساقط المستمر للأجزاء النباتية والحيوانية من المياه العلوية.
تحتوي أجزاء من أعماق البحر على عدد من الحيوانات يفوق ما يستطيع الجليد البحري إعاشته. وفي هذه المناطق، تقوم بعض الكائنات الحية المتخصصة بتصنيع المواد المغذية من المركبات الكبريتيدية والمواد الكيميائية الأخرى في عملية تسمى التركيب الكيميائي.
قاع البحر. يتميز المحيط بكونه منطقة ذات جبال منخفضة، وسهول واسعة، وأخاديد عميقة. تغطي الجبال البحرية المعروفة باسم سلاسل وسط المحيط، نحو 80% من قاع المحيط الهادئ، وحوالي 50% من قاع المحيط الأطلسي. وترتفع معظم قمم سلاسل وسط المحيط إلى أقل من 1,500م فوق مستوى سطح البحر. ويعتقد العلماء أن العديد منها براكين خامدة.
اكتشف العلماء كل سلسلة من الجبال في كل محيط على انفراد، وأطلقوا عليها أسماء مختلفة تشمل سلسلة وسط المحيط الأطلسي، وسلسلة وسط المحيط الهندي، ومرتفع شرقي المحيط الهادئ. ويدرك العلماء الآن أن هذه الجبال تشكل سلسلة جبلية واحدة تمتد نحو 60,000كم عبر المحيطات الثلاثة. وتنحدر جوانب هضاب وسط المحيط إلى أسفل نحو مناطق منبسطة من قاع المحيط تسمى السهول الغورية. وتجعل الرواسب المتراكمة (ترسبات من الرمل والطين) من السهول الغورية، ضمن أكثر المناطق انبساطًا على الأرض.
تشكل الخنادق أو الأخاديد أكثر أجزاء المحيط عمقًا. وتوجد العديد من الخنادق في المحيط الهادئ، خاصة في جانبه الغربي. وتتميز معظم الخنادق بكونها طويلة، وضيقة وعميقة، حيث يتراوح عمقها بين 3 و4كم تحت قاع البحر المحيط بها. ويوجد أعظم عمق في المحيط على الاطلاق في خندق ماريانا جنوب شرقي اليابان، حيث ينخفض إلى أكثر من 11كم تحت مستوى سطح البحر. ويتكرر حدوث الزلازل والثورانات البركانية على امتداد هذه الخنادق. وتوجد العديد من الخنادق بالقرب من سلاسل الجزر البركانية المعروفة باسم أقواس الجزر.
إن أحد أكثر أجزاء أعماق البحر سحرًا، هي الينابيع البحرية الحارة التي تعرف باسم منافذ (منافس) المياه الحارة. تحتوي منافذ المياه الحارة على كائنات حية تفوق بآلاف المرات تلك الموجودة في مجتمعات حيوانية تعيش في مناطق أخرى من قاع المحيط. وتزدهر مستعمرات ضخمة من البكتيريا على المركبات الكبريتيدية التي تقذفها هذه المنافذ. وتسهم البكتيريا بدورها في إعالة حشود الكائنات الحية الأخرى. وتوجد أشهر المنافذ بالقرب من سلاسل وسط المحيط.
وتعيش مجتمعات متعددة من الكائنات الحية أيضًا بالقرب من الينابيع البحرية الباردة التي يطلق عليها اسم المنزَّات الباردة، حيث تكون المياه النابعة من باطن الأرض باردة بدلاً من حارة. وتقوم المركبات الكبريتيدية الموجودة في هذه المياه بإعالة نفس أنواع الكائنات الحية الموجودة بالقرب من منافذ المياه الحارة.
تتميز منافذ المياه الحارة والمنزات الباردة بكونها قصيرة العمر، حيث تستمر لفترة تتراوح بين سنوات قليلة إلى نحو 100 سنة، وعندما تتوقف عن قذف المركبات الكبريتدية، تموت الحيوانات الموجودة في الجوار.
الحياة في أعماق البحر
تتميز الحياة في أعماق البحر بأنها غير مألوفة، حتى بالنسبة لمعظم علماء الأحياء. ويعتقد علماء المحيطات أن الحيوانات التي تعيش في أعماق البحار، تماثل من حيث التنوع والعدد، تلك التي تعيش في الغابات الاستوائية المطيرة والشعب المرجانية. وفي الواقع، قد يكون هناك 10 ملايين نوع أو أكثر من الحيوانات التي تعيش في المياه العميقة. وتتميز العديد من المخلوقات بأجساد جميلة ولكنها غريبة التكوين، ساهمت في تشكيلها عوامل مثل البرودة الشديدة، وانعدام الضوء، وأطنان الضغط التي ترزح تحتها في أعماق المحيط.
ويمكن تقسيم أنواع الحياة في أعماق البحر إلى ثلاث مجموعات هي: 1- المخلوقات المجهرية التي تسمى الكائنات الحية المجهرية، 2- اللافقاريات (حيوانات بدون عمود فقري)، و3- الأسماك.
الكائنات الحية المجهرية. تشكل أكبر مجموعة من الكائنات الحية في أعماق البحر. تتكون معظم الكائنات الحية المجهرية التي تعيش في المياه العميقة من البكتيريا وحيدة الخلية، التي توفر الغذاء للعديد من المخلوقات الأخرى. وتكون البكتيريا في بعض الأماكن من الكثرة بحيث تشكل مستعمرات ضخمة شبيهة بالسجاد.
اللافقاريات. أكثر أنواع الحيوانات شيوعًا في أعماق البحر. تعيش العديد من الديدان، والسرطانات، واللافقاريات الصغيرة الأخرى تحت الرواسب الموجودة في قاع المحيط. وتسكن العديد من اللافقاريات الأخرى في المياه الموجودة بالقرب من القاع.
تمثل حيوانات الإسفنج مجموعة متباينة من اللافقاريات التي تعيش في أعماق البحار. وتنمو بعض أنواع إسفنج المياه العميقة حتى تصبح شديدة الضخامة. فعلى سبيل المثال، قد يبلغ ارتفاع الإسفنج الأسطواني العملاق 1,8م. تؤدي تيارات المياه العميقة الضعيفة والبطيئة إلى تمتع حيوانات الإسفنج بأجسام رقيقة. فحيوانات الإسفنج الزجاجي، على سبيل المثال، لها هياكل عظمية مكونة من شعيرات رفيعة من السليكا، وهي معدن شبيه بالزجاج. وترتكز أجسامها الكأسية الشكل على تركيب يشبه الساق يثبتها في قاع المحيط. تكون معظم أنواع الإسفنج التي تعيش في أعماق البحار بيضاء أو رمادية اللون على عكس حيوانات الإسفنج التي تعيش في المياه الضحلة وتتميز إما بلون أصفر وإما برتقالي. كما أن إسفنج المياه الضحلة مزود ببقع من الخضاب لحمايته من أشعة الشمس الضارة، ولكن إسفنج المياه العميقة لا يحتاج إلى مثل هذه الحماية لأن أشعة الشمس لا تصل إلى بيئته.
وتتقاسم العديد من اللافقاريات قاع المحيط مع حيوانات الإسفنج. فشقائق النعمان البحرية، ونجمة البحر وغيرها من الحيوانات، تقوم بتثبيت أنفسها في سيقان الإسفنج الزجاجي. وتنتشر بين حيوانات إسفنج أعماق البحار، العديد من الحيوانات الشبيهة بالنباتات، مثل زنابق البحر ذات السيقان، والأنجم الريشية. ويشبه العديد من هذه الحيوانات التي تعيش في أعماق البحار الأزهار أو العناكب العملاقة المكسوة بالشعر.
وتنمو بعض الحيوانات، مثل سرطانات البحر، ونجمة البحر والديدان في أعماق البحر، إلى أحجام تفوق حجم مثيلاتها التي تعيش في المياه الضحلة. على سبيل المثال، فقد نمت إحدى حيوانات نجمة البحر إلى حجم يزيد عن حجم كرة السلة.
تقوم مياه أعماق المحيط المظلمة باخفاء وحماية العديد من الكائنات ذات الأجسام البراقة الألوان. وأحد هذه الحيوانات هو أوستراكود المياه العميقة، وهو قريب الصلة بالسرطان البحري والروبيان، وجسمه في حجم وشكل ثمرة الكرز ولكن بلون برتقالي فاقع يميل إلى الحمرة. ومثل هذا اللون، يجعل الحيوان معرضًا لخطر الحيوانات المفترسة في المياه الضحلة. ولكن في أعماق البحر المظلمة، سيكون بإمكان الأوستراكود تجنب الأعداء عن طريق الاندماج في الظلمة بصورة تكاد تكون كاملة.
يتميز روبيان أعماق البحر، مثل العديد من حيوانات المياه العميقة الأخرى، بخاصية التفسفر الأحيائي ـ أي القدرة على ابتعاث الضوء من جسمه دون إصدار أية حرارة. ويؤدي التفاعل الكيميائي الذي يحدث في أعضاء الضوء لدى الروبيان، إلى إنتاج أضواء وامضة ذات لون أصفر مائل إلى الخضرة، تكون بمثابة إشارة لاجتذاب الأليف عند التزاوج.
ويعد خيار البحر من بين أكثر لافقاريات أعماق البحر المحيط انتشارًا. فقد وجدت هذه الحيوانات في أكثر أجزاء المحيط عمقًا. وتعيش العديد من حيوانات خيار البحر فوق الطين حيث تتلوى كالديدان المكتنزة. ولكن قليل من أنواعها التي تعيش في أعماق البحر تسبح برشاقة عبر المياه المظلمة.
تعيش العديد من اللافقاريات في المياه التي تعلو قاع المحيط مباشرة. ومن بين أكثر هذه الحيوانات غرابة النوع المعروف باسم السَّحاري. تأخذ هذه المستعمرة من الكائنات الشبيهة بالهلام شكل خيط من اللآلئ المتوهجة، المبطنة بخلايا لاسعة. وقد يبلغ طول المستعمرة نحو 18م.
كما أن أحد أكثر حيوانات أعماق البحر رشاقة يعيش أيضًا في المياه الموجودة فوق قاع المحيط مباشرة، وهو الأخطبوط ذو الذؤابات، وهو أحد أخطبوطات أعماق البحر الشديدة الشبه بالهلام إلى الحد الذي اعتبرت فيه في البداية أسماك هلامية عن طريق الخطأ. وقد سمي الأخطبوط ذو الذؤابات بهذا الاسم بسبب النتوءات الشبيهة بالأصابع، المعروفة باسم الذؤابات، التي تكسو أذرعها المكففة. تقوم هذه الذؤابات بتحسس الطعام في عالم يسوده الظلام. كما أن جلد الحيوان الشبيه بالهلام يساعده على مقاومة الضغط في أعماق البحر. وتبلغ نسبة الماء الداخلة في تكوين جلد الحيوان نحو 95%، مما يكاد يستحيل معه ضغطه، وبالتالي يكون بمثابة وسادة لجسم الحيوان تساعده على امتصاص الصدمات.
وتعيش أيضًا أنواع مختلفة من الحبارات في قاع المحيط. ويعد الحبار العملاق المخيف أحد أشهر الأنواع على الاطلاق، ولكنه أيضًا من أقلها حظًا من حيث المعرفة. وعلى الرغم من أن هذا الحيوان قد ينمو حتى يبلغ طوله 18م، إلا أن أحدًا من العلماء لم يتمكن قط من رؤية حبار عملاق حي. وقد عرف الناس أمر هذه الكائنات فقط عن طريق الحيوانات الميتة التي جرفتها الأمواج إلى الشواطئ في أعقاب العواصف.
تعيش العديد من أنواع اللافقاريات حول منافذ المياه الحارة. وتعد الديدان الأنبوبية العملاقة البيضاء من بين أشهر هذه الحيوانات. وهي تنمو حتى يبلغ طولها 3 أمتار، وتتميز بأعضاء حمراء شبيهة بالخياشيم تقوم بكمشها عندما تتعرض للازعاج. والديدان الأنبوبية ليس لها قناة هضمية. وعوضًا عن ذلك، فإنها تحصل على غذائها من البكتيريا التي تعيش داخل أعضائها. وفي المقابل، فإنها توفر للبكتيريا مكانًا لتعيش فيه. كما تقوم الديدان الأنبوبية أيضًا باستخراج المركبات الكبريتيدية من الماء وهو ما تحتاجه البكتيريا لغذائها. وهذه العلاقة البيولوجية (الأحيائية) هي مثال للتكافل الذي يعيش فيه مخلوقات معًا بصورة تؤدي إلى خدمة مصلحتهما المشتركة. وتعيش بالقرب من الديدان الأنبوبية أنواع من المحار الملزمي وبلح البحر في حجم طبق العشاء، بالإضافة إلى مستعمرات كبيرة من البكتيريا التي تعتمد عليها هذه الحيوانات. وفي أغلب الأحيان نجد أنواعًا من السّحاري طافية فوق البكتيريا. ويشبه هذا الكائن الحي الفريد زهرة الطرخشقون. والعديد من اللافقاريات التي تعيش حول منافذ المياه الحارة لم تُصنف أو حتى تُكتشف إلى الآن.
الأسماك. هي الفقاريات (الحيوانات التي لها عمود فقري) الوحيدة التي تعيش في أعماق البحار. وتختلف أسماك أعماق المحيط بصورة كبيرة عن الأسماك التي تعيش في المياه الضحلة. فعمظم أسماك المياه العميقة تكون بالغة الصغر بحيث لا يتجاوز طولها بضع سنتميترات. تتميز أسماك المياه العميقة، مثل العديد من اللافقاريات، بجلد هلامي يمكنها من الصمود للضغط في أعماق المحيط، وتكون مهاراتها في السباحة عادة ضعيفة. وتنجرف معظم هذه الأسماك ببطء عبر تيارات أعماق البحر الضعيفة، مستهلكة أدنى قدر ممكن من الطاقة. وتكون عيون أسماك أعماق البحر دائمًا شديدة الصغر، وبعضها يكون أعمى تمامًا.
ويُعتقد أن إحدى أسماك المياه العميقة، المعروفة باسم ذيل الجرذ أو الغرناد، هي أكثر الحيوانات انتشارًا في العالم. وقد وجدت هذه السمكة في المياه العميقة الممتدة من خط الاستواء إلى البحار القطبية.
تتميز العديد من أسماك المياه العميقة، مثلها في ذلك مثل روبيان أعماق المحيط، بخاصية التفسفر الأحيائي. فالسمكة ذات الشص (أبو صنارة) لها عضو مولد للضوء فوق فمها لاجتذاب الفريسة. والعضو موجود على شوكة طويلة مرنة تشبه قصبة الصيد.
تتميز السمكة ذات الشص، بالإضافة إلى إحدى أسماك أعماق البحر المفترسة الأخرى، المعروفة باسم السمكة الأفعى، بأن لها أفواه مليئة بأسنان طويلة وحادة للإمساك بالفريسة. كما تتميز هذه الأسماك أيضًا، مثل العديد من كائنات المياه العميقة الأخرى، بمعدلات هضم أبطأ بعدة مرات من معدلات الهضم لدى الحيوانات التي تعيش في المياه العلوية من المحيط. فالطعام في أعماق المحيط شديد الندرة، بحيث يتوجب على حيوانات الأعماق استخدام أغذيتها ببطء حتى تعيش.
إن أحد أكثر الأسماك غرابة من حيث الشكل، هي سمكة الأنقليس المزدرد، التي يكاد جسمها بأكمله أن يكون فمًا. وباستطاعة سمكة الأنقليس المزدرد مط فمها على اتساعه بحيث تصبح قادرة على ابتلاع سمكة تفوقها في الحجم.
ومن كائنات أعماق البحر الغريبة الأخرى، سمكة الحامل الثلاثي القوائم، التي ترتكز في قاع المحيط على ثلاث زعانف طويلة. وهذا الوضع يعطيها مظهر الحامل الثلاثي القوائم أو المقعد الثلاثي الأرجل.
استكشاف أعماق البحر
لقد بدأ المكتشفون وعلماء البحار لتوهم في فهم أعماق البحر. فحتى منتصف القرن التاسع عشر اعتقد معظم العلماء أنه توجد حياة محدودة أو لا توجد حياة على الاطلاق في قاع المحيط. وفي السبعينيات من القرن التاسع عشر، بدأ الناس في العثور على كائنات الأعماق عن طريق استخدام شباك التقاط المحار. فهم يقومون بانزال هذه المغرفات تحت سطح المحيط ويستخرجون عينات من قاع البحر.
وفي الثلاثينيات من القرن العشرين، بدأ العلماء في تطوير مركبات للغطس مكنتهم من استكشاف المحيط على أعماق أكبر فأكبر. وفي عام 1967م، استخدم علماء الأحياء البحرية لأول مرة مزلجة الأعماق، وهي أداة لجمع العينات البحرية تشبه المغرفة. وقد احتوت عينات أعماق البحر التي تم جمعها بهذه الآلة، على عدد من الحيوانات يفوق بكثير ما هو موجود في العينات التي جمعت من المياه الضحلة. وقد أعطت هذه الاكتشافات العلماء فكرة أكثر دقة عن التنوع الواسع للحياة في قاع المحيط.
وفي أواخر السبعينيات من القرن العشرين، بدأ العلماء في مشاهدة الحياة في قاع المحيط على نحو مباشر، عبر نوافذ المركبات البحرية المعروفة باسم غواصات الأعماق. كما قام العلماء أيضًا باستكشاف المياه العميقة باستخدام المركبات التي يجري تشغيلها عن بعد والروبوتات (الإنسان الآلي) التي يتم إنزالها من سفن الأبحاث. وعلى الرغم من هذا التقدم، إلا أن نسبة أعماق البحر التي جرى استكشافها حتى نهاية القرن العشرين تقل حسب تقديرات الباحثين عن 1%.
المصدر ,,, مايوز