أهل القمة.. الكروان
من أجل حلمه الكبير..
ترك المستطيل الأخضر، وفضل مداعبة المستديرة في«الكابينة».. حيث هواه.
أمسك بالميكروفون، غاص في أعماق الصوت، استخرج موهبته.. من مكنون ثناياه.
كان يسمع نفسه، ويشعر أنه قادر على استنفار ما بداخله، وما في نواياه.
ارتضى المغامرة، وتحول من لاعب إلى معلق، ومن مثله الأعلى استدر سُقياه.
كان يعشق ويستمتع بتعليقات الكويتي الكبير خالد الحربان..
- ولم يهنأ يوماً حتى التقاه.
التعليق بالنسبة له ليس مجرد مهنة، بل متعة يعيش بها الحياة.
يعبّر فيه عما يجيش بصدره، من حب لا يعرف له سبباً ولا يدرك منتهاه.
تاريخه يزخر بسطور مضيئة، وواقعه لا يختلف كثيراً عمن بداه.
واجه منافسات شرسة، لكنه تمكن من الابتعاد، بعيداً عمن عداه.
محترف هو، لا يدخل في فنون الكلمات كهاوٍ.. أو مراهق يعيش وهماً اعتراه.
تجول بين القنوات الفضائية، وفي كل منها، كان جمهوره ينتظره ويترياه.
إنه علي سعيد.. «الكعبي» لقبه.. و«بو فيصل» كنياه.
وضع اسمه في سجل الكبار، وتفرد عن غيره، حتى نال مبتغاه.
بين معلقي كرة القدم العرب.. يغرد كما الكروان.
حين يشدو بصوته النقي، يدوي، فيُنغم الآذان.
مثقف، متعدد المعارف.. كمدرسة مستقلة وكيان.
يجمع بين الفصحى والعامية، بما يليق ويسمح من تعبيرات.
صوته «الأوبرالي»، يعلو وينخفض، ومنطوقه للأسماء، ينبض بالمقامات.
يعرف شيئاً من كل شيء، حتى يكون مصدراً لمكنون المعلومات.
كتوم بطبعه، يميل إلى العزلة، ويجنح للسلم، ولا يبوح بسر، يخشى الحسد، ويتجنب قدر المستطاع، الخوض في الصدامات.
أحب الصحافة ويرى، أن الكلمات المكتوبة أرسخ من المسموعة، إذ تبقى مدونة في صحف الذكريات.
عندما يسرد ألقاب اللاعبين، يشعرك أنه يعزف منفرداً أجمل الألحان.
تعرفه جماهير العرب، وصوته عالق عند سوادهم في الوجدان.
علق على العديد من المباريات العالمية والأوروبية واللاتينية والآسيوية وأيضا «الكان».
وُلد علي سعيد الكعبي في أبريل 1966، في منطقة الرميلة بالهيلي في العين، ومثل كل أبناء المدينة، عشق كرة القدم ومعها بدأ المسيرة.
لعب ناشئاً بقلعة البنفسج، وتدرج حتى وصل إلى الفريق الأول، بيد أنه أيقن صعوبة تحقيق طموحاته كلاعب، وقرر البحث عن حلمه الذي بدأ معه طفلا، حيث كان ينتظر في غروب الأيام، صوت خالد الحربان.. ظل يعلق على مباريات من الخيال، بما فيها لقاء هولندا والأرجنتين، وأرسله لتليفزيون أبوظبي حيث تحمس له المخرج صالح سلطان ومنحه الفرصة عام 1988 بالتعليق على لقاء الهلال السعودي والوحدة الإماراتي للناشئين تحت 17 سنة، ومنها انطلق في واسع المجال.
بعدها بعامين كان ضمن الوفد الإعلامي في مونديال إيطاليا وعمره حينذاك 20 عاماً كأصغر معلق رياضي في العالم.
حضر 3 بطولات عالم، و6 أمم أوروبية، وعلق على 10 نهائيات دوري أبطال أوروبا.
تخرج في كلية الإعلام بجامعة الإمارات عام 1994.
إنه علي سعيد الكعبي أحد نجوم التعليق الرياضي في الوطن العربي وواحد من أهل القمة.
المصدر جريدة البيان