ينتظر عشاق السينما حول العالم أكبر وأرقى حفل متعلق بهذا المجال كل سنة، يضعون أيديهم على قلوبهم ترقباً لترشيحات الأوسكار، ويتابعون بتوتر وقلق نتائج اختيارات الأكاديمية التي يترتب عليها تتويج أفضل أعمال السنة، وأفضل ممثلي السنة، ليستمر الحديث عن حفل الأوسكار لفترة طويلة حتى بعد انتهائه بين مؤيد ومعارض ومشكك في اختيارات الأكاديمية، وبين المحللين في مدى جودة تقديم الحفل، وبين المنتقدين لملابس النجوم على السجادة الحمراء.

لكن، وبشكل استثنائي، أحياناً لا يدور الكلام لا على هذا ولا ذاك، وذلك بسبب حدوث أمر محرج أو صادم خلال حفل الأوسكار، جعل الجميع يتجاهلون كل شيء آخر ولا يهتمون إلا بهذا الحدث. في هذا المقال، سنتعرف على عدد من أكثر اللحظات إحراجاً في تاريخ الأوسكار، والتي أبى التاريخ أن ينساها.

عفواً، لست الفائز … عد إلى مكانك



سنبدأ اللائحة بأحدث اللحظات إحراجاً في تاريخ الجائزة، أتحدث هنا عن فيلم لالا لاند الجميل الذي استولى على أربعة عشر ترشيحاً للأوسكار السنة الماضية، وبالفعل، فقد تمكن من الحصول على ستة جوائز كاملة، اثنان منها في التصنيفات الرئيسية، حيث حاز على جائزة أفضل ممثلة في دور رئيسي، وجائزة أفضل مخرج، إلا أنه حينما حان وقت الإعلان على إسم الفيلم الفائز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم لسنة 2016، والتي تعد أحد أهم الجوائز الرئيسية التي تقدم خلال الحفل، حتى لا نقول أنها الجائزة الأهم، تم النداء على صناع فيلم لالا لاند، وهو ما استقبله الجميع بأريحية باعتبار أنه كان أمراً متوقعاً بشكل أو بآخر نظراً لعدد التماثيل التي فاز بها الفيلم، لكن، وبعد لحظات فقط من بداية إلقاء كلمة الشكر، بدأ الجميع يتحرك بشكل مثير للريبة، وبدأت ملامح الاستغراب تبدو على الحاضرين، وهو ما ترك المشاهدين محتارين، قبل أن يفهموا بعد عدة ثوانٍ ما الذي يجري

في الواقع، وبعد الفرحة الغامرة التي حظي بها منتجو الفيلم، تم الكشف على أن لا لا لاند ليس الفائز بجائزة أفضل فيلم، بل كان الفائز هو فيلم Moonlight الذي وجد صناعه أنفسهم في حالة صدمة بعد أن تصالحوا للحظات مع فكرة أن الجائزة قد ذهبت لغيرهم، وما هي إلا بضع لحظات موالية حتى فهمنا أن الظرف الذي تم تقديمه من طرف اللجنة عندما حان الوقت للكشف عن إسم الفائز لم يكن الظرف الصحيح، وهو ما جعل الجميع يتساءل عن السبب الذي يمكن أن يؤدي إلى خطأ مماثل من طرف القائمين على أرقى حفل جوائز سينمائية على الكوكب، والذي يشاهده مئات الملايين من مختلف أنحاء المعمورة.



تعال وخذ جائزتك يا فرانك



قد يكون اضطرار طاقم عمل فيلم لالا لاند للنزول من منصة التتويج والتخلي عن الجائزة وعن فرحتها أمراً مزعجاً جداً، لكن على الأقل، لقد فاز العمل بستة جوائز كاملة، ومن ناحية أخرى، فإن اللوم يقع على التنظيم السيء الذي سمح بحدوث خطأ كبير كهذا، وبالتالي فإن الإحراج لا يقع بأي شكل على أكتاف فيلم لالا لاند ولا طاقمه، على عكس ما حدث للمخرج الراحل فرانك كابرا.

عندما حانت لحظة الإعلان عن الإسم الفائز بجائزة الأوسكار عن فئة أفضل مخرج خلال النسخة السادسة من حفل الأوسكار سنة 1934، ألقى “ويل روجرز” ، مقدم الحفل آنذاك، نظرة على الإسم الفائز، ثم ابتسم بثقة قائلاً: “تعال وخذ جائزتك يا فرانك”، فما كان من فرانك كابرا سوى أن يقفز فرحاً وأن يتوجه نحو منصة التتويج ليستلم أول أوسكار في حياته، قبل أن يلاحظ أن بقعة الضوء ليست مسلطة عليه، بل على شخص آخر.

نعم، لم يلاحظ ويل أن هناك مخرجين يحملين نفس الإسم بين المخرجين الذين تم ترشيحهم للجائزة، ولم يلاحظ كابرا أنه ليس الوحيد الذي يحمل اسم فرانك إلا بعد فوات الأوان، حيث كان الأمر يتعلق ب“فرانك لويد” مخرج فيلم “Cavalcade”، فما كان عليه سوى العودة إلى مقعده أمام مرأى الجميع الذين ضحك من منهم من ضحك وبكى منهم حرقة على الإحراج الذي تعرض له صديقهم من بكى، وقد وصف فرانك لاحقاً طريق العودة إلى مكانه بأنها “أطول، وأقسى خطوات خطاها في حياته”، وأنه لن يعود أبداً لحضور حفل الأوسكار مرة أخرى، إلا أنه قد عاد، بل وحاز على ثلاثة جوائز أوسكار لأفضل مخرج، وذلك خلال سنوات 1935، 1937، و 1939.

صبيانية جيمس فرانكو



من فرط الأهمية التي يحظى بها حفل الأوسكار في عالم السينما، فإن حتى تقديم الحفل يعد شرفاً كبيراً وحلماً يراود كل مقدم برامج أو ممثل، وبالتالي فإن جميع المحظوظين الذين يتم توكيل هذه المهمة لهم، يقومون بالتحضير بشكل جدي لفقراتهم ولكلامهم خلال الحفل، ويترقبون الحدث بنوع من الترقب والتوتر المفهومين، كيف لا وهم سيقدمون حدثاً يحضره كبار هوليوود ويتابعه عدد مهول من المشاهدين، صحيح أن الكثيرين من هؤلاء المقدمين يفشلون في كسر الملل وخلق المتعة، لكنهم على الأقل يحاولون، لكن الحال لم يكن كذلك مع جيمس فرانكو خلال حفل الأوسكار سنة 2011.
المشكلة لم تكن فقط في تقديم الحفل وكأنه غير راغب على الإطلاق في فعل ذلك، أو كأنه غير واعٍ بمدى أهمية الحدث الذي يقدمه، أو كأنه قد قدم الحفل بشكل يظهر فيه وكأنه تحت تأثير المخدرات أو بحاجة ماسة للنوم، لكن المشكلة كانت في كونه لم يكن وحيداً، بل كان يقدم الحفل إلى جانب النجمة آن هاثاوي التي وجدت نفسها في موقف فائق الإحراج بسبب زميلها الذي لم يعر أي اهتمام لها ووضع مسؤولية نجاح الحفل كاملة على كاهلها، مما جعل جميع محاولاتها لإنقاذ الموقف تبدو محاولات يائسة نظراً للتوتر والإنزعاج الواضح على محياها، وبالفعل، فإن هاثاواي لم تنسى ما حدث لها لنجد أنها قد نعتت تقديمها حفل الأوسكار إلى جانب فرانكو بأنه أكثر حدث إحراجاً في حياتها خلال إحدى المقابلات مع المقدم جيمي فالونسنة 2014.



هيا نحزن…هيا نرقص



أن يحصل فيلمك على جائزة أوسكار هو أمر يستدعي الفرح بالتأكيد، لكن أن يفوز فيلمك بإحدى عشرة جائزة هو أمر قد يصعب إيجاد المشاعر للتعبير عنه بأي شكل، لذا فإنه من السهل تفهم جنون جيمس كاميرون وفرحته الهائلة خلال حفل الأوسكار سنة 1998 الذي اكتسحه فيلمه Titanic وفاق جميع التوقعات خلاله، مما أدى إلى ارتكابه حماقة لا زال الكثيرون يتذكرونها.
عندما صعد كاميرون منصة التتويج للمرة الأخيرة خلال الحفل، وذلك لاستلام جائزة أفضل فيلم، قام بمبادرة جميلة مفادها دعوة الحاضرين لتخصيص دقيقة صمت لأرواح الراحلين ضحية حادثة تايتانيك الشهيرة، وقد كان من الممكن أن يغادر المنصة بعد انتهاء دقيقة الصمت بكل بساطة، لكن فرحته العارمة جعلته يغير نبرة الحزن على أرواح الضحايا إلى نبرة احتفال بشكل بالغ السرعة مطالباً الحاضرين -الذين انتهوا للتو من التفكير في ضحايا الحادث- بالإحتفال طوال الليل حتى يسقطوا من الإنهاك، وهو ما اعتبره الكثيرون وقاحة كبيرة، وبالفعل، فقد اعترف المخرج بعد سنوات بأن ما فعله غير مبرر، وأنه قد جعل نفسه يبدو أحمقاً أمام المشاهدين.



ما الذي حدث للتو ؟

سنبدأ الفقرة بعرض هذا الفيديو الذي يظهر الجميلة إيليزابيث تايلور وهي تعلن عن المرشحين والإسم الفائز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم خلال حفل سنة 1974، نلاحظ أن تايلور مرتبكة بشكل واضح جداً في الفيديو، بل أنها تكاد تكون مذعورة، لكن ما السبب يا ترى؟



قبل ثوان قليلة من هذا التقديم، فوجئت تايلور، وكل الحاضرين في الحفل، باقتحام شخص لقاعة الحاضرين، وجريه داخل القاعة، وفوق منصة التتويج، أمام الكاميرا، عارياً تماما !
لقد كان ذلك الشخص مصوراً محترفاً ومدافعاً عن حقوق المثليين يدعى “روبرت أوبل”، وقد قام بهذه الحركة كنوع من أنواع لفت الإنتباه إلى القضية التي يدافع عنها، وقد يظن البعض أن ما حدث تسبب في فضيحة له، لكن الواقع هو أن ما استهدفه “روبرت”، قد حدث بالفعل، واستطاع كسب التعاطف، والشهرة في وقت قصير تمكن معه حتى من افتتاح معرض يضم الصور التي يلتقطها، إلا أنه سرعان ما فارق الحياة، بعد أن قُتل على إثر هجوم تعرض له عام 1979.