قصة من الواقع

ـ يُروى أنّ شابّاً كان يعمل في شركةٍ لبيع النفط
ويسكن مع والدته التي أعياها مرض ( السرطان ) والعياذ بالله
وكانت الشركة تُهديه كلّ مدّة ( تنكة ) بانزين ومازوت مجّاناً.
وبعد فترة من العمل قرّر الشّاب الخروج إلى الصحراء
حيث نوى أنْ يحمل معه دلواً فيه ماء وشيئاً من الطعام علّه يلقى بعض الحيوانات الجائعة فيطعمها ويسقيها.
قال في نفسه :
بما أنّ الوقود مجانيّ وعملي ينتهي في الساعة الواحدة عند اشتداد الحرّ فسوف أخرج إلى الصحراء لإطعام الحيوانات الجائعة، وبالفعل خرج إلى وسط الصحراء ووضع الطعام والماء ثمّ ابتعد وجلس يُراقب.
بقي جالساً حوالي نصف ساعة دون أن يحدث شيء
والصحراء فارغة إلّا من الهواء والغبار والشمس الحارقة
ثم ما لبث أن رأى كلباً يركض نحو الماء ويلغ فيه حتّى يروي عطشه
ولم يقترب من الطعام ثم رحل، وبعده جاء قطٌّ برّيّ فعل بخلافه، فدنا من الطعام وشمّه فأكل حتّى شبع ثمّ فرّ هارباً عند رؤيته لأفعى قادمة من بعيد.
.
فرح الشاب كثيراً لأن الحيوانات أتت على كل الطعام والشراب حتّى الطيور تنزل من السماء تشرب وتلعب ثم تطير فرحة وكأنها على البحر وليست في وسط صحراء مجدبة.
وكرّر الشاب فعلته تلك لعدة أيّام، يذهب في الصباح إلى العمل، وبعد العمل يخرج إلى الصحراء ساعة اشتداد الحرّ ليطعم الحيوانات ثم في المساء يذهب إلى المشفى التي تضمّ جسد أمّه ليودّعها، فالأطباء أجمعوا على أنها لن تعيش أكثر من شهر واحد، فالسرطان منتشرٌ في كل جسدها، وحالتها تسوء، والأعمار بيد الله تعالى.
جلس الشاب يبكي عليها كالنساء ويدعو الله لها.
وبعد عدّة أيام خرج إلى الصّحراء كعادته ووضع الطعام والماء، وقبل أن يُغادر رنّ هاتفه وإذْ برئيس المشفى يطلبُ منه المجيء بأقصى سرعة.
.
ارتعدت مفاصله واصفرّ وجهه فركب السيارة وطار مسرعاً علّه يودّع أمّه التي اقترب أجلها، وصل على الفور ونزل ثم صعد إلى الغرفة التي امتلأت بالأطباء والممرضات وعدد من المرضى الذين سمعوا صياحاً من هذه الغرفة.
.
دخل وإذْ بوالدته تضحك وتقول أين كنت يا بُنيّ؟
إنني منذ الصباح حزمت أمتعتي لأرجع معك إلى البيت فقد مللت الجلوس هنا.
اقترب منها وقال لها :
أمي حبيبتي، ماذا حدث؟
أيها الطبيب ماذا يجري؟
أنا لا أفهم شيئاً.
قال الطبيب :
جئنا منذ الصباح لنتفقدها وإذا بها جالسة تنتظرك، فاستغربت أيما استغراب، وأدخلتها لأفحصها وإذا بجسدها خالٍ تماماً من خلايا الورم السرطاني، فكبّرت وكبّر الزملاء وقلنا إنّ الله على كل شيء قدير
وضحك الجميع في حين أن الشاب بكى بكاءً مريراً
وحضن أمه وقال يا رب كيف هذا كيف هذا ...
قالت أمه :
أقسمُ بالله العظيم يا بنيّ، البارحة بعد صلاة الفجر غلبني النعاس فنمت، ورأيتُ في المنام حشداً من الحيوانات كالكلب والقط والطيور وغيرها ترفع أيديها إلى السماء وتقول :
يا رب بعزّتك وجلالك إلّا شفيت تلك السيدة المريضة
فأدهشني المنظر، واستيقظت دون أن أعرف كم لي نائمة
ولكن شعرت بقوّة ونشاط رهيب، حتّى أن الطبيب انصعق عندما رآني صباحاً
والحمد لله.
وبعد أن هدأ الموقف شرح الشاب لأمه وللحاضرين كيف أنّه خرج إلى الصحراء وأطعم الحيوانات التي شفعت لأمه عند الله عز وجل، ولم يحتمل الموقف أكثر من ذلك إذ انفجر الجميع بالبكاء والثناء على الله تعالى.