كنّا نجلس في كازينو على شاطئ أبي نؤاس حالنا حال باقي الناس كلهم في فرح وفي اعراس، انا و اخي الكبير و ابو العلاء وعدد من الاصدقاء ، نتسامر و نتناقش و نتحاور ، يلوي طرب أم كلثوم اعناقنا و يشق الضحك بنوادر أبي العلاء اشداقنا، يهب علينا نسيم عليل من دجلة الجميل ، يدور علينا الغلمان بائعي العلكة و السيكائر بكافة الالوان ، جاءنا النادل بالكولا المثلّج كأنه فتىً مغنّج، اخذنا صوت الموسيقى و الدفوف من سيارات تمشي صفوف و تتخلّل انوفنا روائح السمك المزكوف.
وإذ نحن على هذه الحال من المتعة و الجمال طرح علينا أخي الكبير اختباراً مثيراً قائلاً، اشربوا الكولا كالمعتاد لا يُنقص و لا يُزاد ومن تبقّى لديه من الكولا قدر اكثر دلَّ على ان ثقافته اعظم و اكبر!
شربنا الكولا بلا انتباه و وضعنا القناني بلا اشتباه، إلاّ ابي العلاء فما ان فرغ من شرب أخر قطرة من الكولا حتى ملاء القنينة بالماء و رجّها جيداً ثم شرب الماء كلّه منها قائلاً: هكذا ثقافة انا متنازل عنها!