آه يا عزيزه! هيهات أن يكون في نيتي أن أجدّف . إنني أتخيل كيف سيتهلّل الكون فرحاً حين ستدوي السماء و الأرض جميعاً منشدة للخالق نشيد الشكر معاً و حين سيهتف جميع الأحياء و جميع من كانوا أحياء قائلين : أنت على حق يارب! و قد فهمنا طرقك . سوف تعانق الأم عندئذ الجلاد الذي أمر الكلاب بتمزيق ابنها و سوف يقول الثلاثة عندئذ من خلال دموع الحنان أنت على حق يا رب! قد يحدث يا عزيزتي حين أشهد ذلك الإنتصار أن أصيح أنا أيضاً مع الجميع إذ أرى الأم و الجلاد و الطفل يتعانقون و يتصالحون : أنت على حق يا رب!
و لكنني لا أريد أن أفعل ذلك و أحرص على أن أحمي نفسي سلفاً من ذلك الإستسلام و لهذا تراني أتنازل تنازلاً حاسماً عن الإيمان و الإنسجام الأعلى لأنه ﻣﺎ ﻣﻦ ﺇﻧﺴﺠﺎﻡٍ ﻣﻘﺒﻞٍ ﺳﻴﻌﺎﺩﻝ ﻓﻲ ﺭﺃﻳﻲ ﺩﻣﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺩﻣﻮﻉ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﻤﻌﺬﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﻄﻢ ﺻﺪﺭﻩ ﺑﻘﺒﻀﺘﻲ ﻳﺪﻳﻪ ﻭ ﻳﻀﺮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﻣﻮﻋﻪ ، ﻧﻌﻢ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺇﻧﺴﺠﺎﻡ ﻣﻘﺒﻞ ﺳﻴﻜﻔﺮ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﻭ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻭ ﺇﻻ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺇﻧﺴﺠﺎﻡ .
ﻭ ﻟﻜﻦ ﺑﻤﺎﺫﺍ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻨﻬﺎ؟ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻤﺤﻮﻫﺎ؟ ﺃﻫﻮ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻨﺰﻝ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﻲ؟؟ ﻓﻤﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ؟ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻬﻤﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ؟ ﺇﻧﻨﻲ ﻻ ﺃﺭﻳﺪﻩ!
ﺇﻧﻨﻲ ﻻ ﺃﻃﺎﻟﺐ ﺑﺘﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﺠﻼﺩﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ، ﺇﻥ ﺟﻬﻨﻢ ﻟﻦ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺷﻴﺌﺎً ﻭ ﻟﻦ ﺗﻨﻔﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻗﺪ ﻋﺬﺏ.
ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺃﻣﺮﺍً ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﻭ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﻹﻛﻤﺎﻝ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻷﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺩﻳﺔً ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺈﻧﻨﻲ ﺃﻋﻠﻦ ﺟﺎﺯﻣﺎً ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺛﻤﻨﻬﺎ ﺑﺎﻫﻈﺎً ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ.