مــن هم الأنبــاط ​
الوجود التاريخي
اختلف الباحثون في تحديد بدايات الوجود التاريخي للأنباط حيث تزودنا الالواح الاشورية بإشارات وقرائن تاريخية تدل على وجود النبطي في حدود المشرق العربي وترجع تلك الاشارات الى الفترة ما بين القرن الثامن والسابع قبل الميلاد ، إلى جانب وجود إشارة تاريخيـة أوردها التـوراة ما تزال موضع خلاف ، ألا أن أول دليل تاريخي رسمي هو العائد الى المؤرخ ثيودور الصقيلي والذي تحـدث عن هزيمة الحملـة اليونانية التي قادها انتيقـونس على البتـراء (الرقيم) سنة 312 ق. م وهذا الدليل يؤكد أن الاستقرار النبطي وبناء الدولة قد سبق هذا التاريخ بأشواط عديدة ، وهو مؤشر على امتلاك الأنباط في هذه المرحلة لجيش منظم استطاع هزيمة اليونان ، كذلك امتلاكهم لثروات هائلة منظمه ، كانت مطمعاً لقادة الاسكندر المقدوني .

ولقد استطاعت الدولة النبطية الحفاظ على استمراريتها التاريخية لفترة ما بين سبعة الى ثمانية قرون ، حتى نهاية وجودها السياسي بسيطرة الرومان على البتراء ( الرقيم ) سنة 106 م .

جغرافـيـا الأنبــاط

لقد شهدت منطقة آدوم ومؤاب الوطن الأول للأنباط فاستقروا هناك وبدأوا بتكوين كيانهم السياسي حيث توفرت في هذه المنطقة الشروط الملائمة للاستقرار وأهمها وقوعها على خط التجارة وعقدة المواصلات في العالم القديم ، وقربها من البحر الميت الذي يعد مستودعاً للثروات ، وبرع الأنباط في استغلاله منذ بدايتهم الأولى . وفي أوج الازدهار النبطي في عصر الحارث الثالث والحارث الرابع وامتدت دولة الأنباط من دمشق شمالاً حتى الحجر ومدائن صالح جنوباً ومن سيناء وغزة على البحر المتوسط وشرق الدلتا وغرباً حتى الصحراء الدالية شرقاً .

وتضم هذه الرقعة الجغرافية منطقة سيناء والنقب والجزء الشمالي الغربي من الجزيرة العربية وجانبي وادي عربه وشرق البحر الميت ونهر الأردن وحوران وجبل الدروز والبقاع .

بينما امتد النفوذ الحضاري للأنباط بفعل سيطرتهم على التجارة على مساحات شاسعة من العالم القديم ، حيث أكدت المسوح الأثرية وجوداً نبطياً في اكثر من موقع في مصر وجنوب إيطاليا وجزر البحر المتوسط وشرق الجزيرة العربية واليمن .

يُعد التنظيم السياسي الذي وصلت إليه دولة الأنباط أحد معالم الرقي الحضاري الذي قدم نموذجاً متقدماً على مستوى العالم القديم ، وعلى الرغم من قلة المعلومات التي تتحدث حول هذا الموضوع ألا أن الاشارات المتأخرة تشير بشكل واضح الى مستوى متقدم من التنظيم السياسي ، فأول إشارة الى ملوك الأنباط تعود الى 169 ق.م. والتي تتحدث عن الحارث الأول الذي ذكر في التوراة ، ولا بد من التأكيد على الخصوصية الحضارية التي قدمها الأنباط في نموذجهم في الادارة السياسية حينما تحولوا من عقلية القبلية الى عقل الدولة ، فحافظوا على الخصائص الإيجابية في النظام الاجتماعي التقليدي وطوروها في سياق حركة نموهم الحضاري ، فقد كان الملك النبطي نموذجاً راقياً لشيخ القبيلة ، فهو كبير القوم وسيدهم ، مما وفر خصوصية في المشاركة السياسية من قبل مختلف فئات المجتمع ندر وجودها في المجتمعات القديمة ، تشكل إحدى الأنوية الأولى للنظام الديمقراطي حيث كان للملك مجلس للشورى يشيرهم في إدارة أمور الدولة ، وتصريف أعمالها ، كما كان للملك وزراء يساعدونه ، ويطلب من الملك تقديم تقريراً شاملاً عن أعمال الدولة يقدم الى مجلس الشورى ، الى جانب ذلك بقي الملك النبطي يحتفظ بمنظومة القيم العربية فهو الذي يخدم ضيفة بنفسه ويستقبل أبناء شعبه ، ويمنحهم حبه حتى أن أسموه ( رحم عمو ) أي المحب لشعبه ، كما وصل هذا الرقي في تنظيم الادارة السياسية الى منح المرأة الحق في الحكم فهذه شقيلة زوجة الحارث الرابع تحكم كملكة بعد موت زوجها في بداية القرن الأول ميلادي .

هناك اختلاف بين الباحثين حول تحديد وترتيب قوائم ملوك الأنباط وأكثرهم شيوعاً هي القائمة المرتبة على النحو التالي :-
· الحارث الأول 169 – 146 ق.م .
· الحارث الثاني ( 110 ق.م – 95 ق.م ) ثم أولاده .
· عبادة الأول ( 95 – 88 ق.م )
· رب أيل الأول ( 62 – 30 ق.م )
· الحارث الثالث ( 87 – 62 ق.م )
· مالك الأول ( 62 – 30 ق.م )
· عبادة الثاني ( 30 – 9 ق.م )
· الحارث الرابع ( 9ق.م – 30 م )
· مالك الثاني ( 40 – 70 م )
· رب أيل الثاني ( 70 – 106 م )


الاقتصـــاد

يعد النهوض الاقتصادي الذي شهدته دولة الأنباط أحد الدعائم الأساسية التي أدت إلى استمرارية دولة الأنباط في الوقت الذي جعلها مطمعـاً للقوى الأجنبية ، فلقد توفرت عدة عوامل ساهمت في هذا النهوض أهمها الموقع الجغرافي على طرق القوافل وبالقرب من مصادر الثروات الطبيعية على رأسها البحر الميت ومناجم النحاس في وادي عربه ، علاوة على ما تميز به الأنباط من حيوية وقدرة فائقة في التجارة حتى أصبحوا مضرب المثال في العالم القديم .

التجـــارة

بدأ الأنباط حماة للقوافل التجارية ، ثم وكلاء محليين للتجارة ، ثم وسطاء في التجارة ، إلى أن أصبحوا أصحاب تجارة وسيطروا على الطرق التجارية في العالم ، حيث كانت قوافلهم المكونة من مئات الجمال تحمل البخور والتوابل والعطور من شواطئ عُمان واليمن ومروراً بمكة والمدينة والحجر ووادي رم إلى البتراء ( الرقيم ) عاصمة القوافل ، ثم تتفرع الطريق بها إلى دمشق شمالاً أو عبر النقب وسيناء غرباً للتجارة مع المصريين .
وبنى الأنباط العديد من محطات ومدن للقوافل توفر الأمن والراحة والمؤن والأسواق على طول الخطوط التجارية ومن أهمها مدائن صالح ووادي رم والبتراء وأم الرصاص وأم الجمال وبصرى وعبده في النقـب وخلصه وغيرها . بالإضافة إلى سيطرتهم على بعض الموانئ الهامة لتجارتهم مثل ميناء غزة وميناء العقبة .

الزراعــة

أدرك الأنباط مبكراً أهمية تعدد الموارد الاقتصادية ، فالتفتوا نحو الزراعة على الرغم من المياه وطبيعة الظروف المناخية ، وقدموا أحد أهم إنجازات الحضارة الإنسانية في تقنيات هندسة الري ، حيث برعوا في الحصاد المائي الذي وفر مستوى متقدماً في إدارة المياه مقدمين نموذجاً مبكراً في ادارة المياه ، فلقد حفروا النفاق وبنوا السدود وحفروا الآبار والترع والقنوات وجدروا السفوح ذات الانحدارات الشديدة للحفاظ على التربة من الانحراف وهو ما يعرف الآن بالزراعة الكنتوريه .
وبينت المسوحـات الأثرية وجـود اكثر من 500 مستوطنـة زراعية نبطية ، وأهم محاصيلهم الحبوب والزيتون والكرمة .

الصناعــة
تعددت الموارد الاقتصادية للأنباط ، فأخذت الصناعة جانباً مهماً من الاهتمام ، حيث واكبت الصناعة الاستخراجية البدايات الأولى للدولة ، حينما استغل الأنباط ثروات البحر الميت وعلى رأسها القار الذي كانوا يستخرجونه لكي يصدر الى مصر ، كذلك استغل الأنباط مناجم النحاس في وادي عربة وفيفان وطوعوا مستخرجاتها في صناعتهم الأخرى مثل الحلي والأسلحة والأدوات الأخرى . أما صناعة الفخار فقد كانت إحدى إنجازات الأنباط المميزة حيث قدموا أفضل أنواع الفخار على مستوى الحضارات القديمة والذي تميز بجودة صناعته ورقته وبراعة زخرفته .
ووجدت لديهم صناعات أخـرى مثل صناعة الحلي والصناعـات الغذائيـة ، والصناعة المعدنية المنزلية حيث دلت بعض ألقى الأثرية من معاصر الزيت والنبيذ على براعتهم واهتمامهم بالصناعات الغذائية .

النظام النقدي
تميز الأنباط بامتلاكهم نظاماً نقدياً مستقلاً ، لم يكن مرتبطاً بالدولة الكبرى كما جرت العادة في العالم القديم وتعود أول قطعة نقدية وجدت الى عهد الملك الحارث الثاني (110 ق.م ) .
وبشكل عام كانت النقود النبطية تضرب في عهد كل ملك تحمل صورته أو صورته مقترنة بصورة زوجته ، وعلى الوجه الآخر شعار الدولة وبعض العبارات ، وكانت النقود تصنع من النحاس أو البرنز أو الفضة .

المجتمـع والديانة
مَرَّ المجتمع النبطي بعدة مراحل في تطوره الاجتماعي ، بدأ من مرحلة البداوة التي اتصفت بعدم الاستقرار ونمط الانتاج الرعوي وتدني مستوى الانتاج المادي ثم مرحلة التحول من القبيلة الرعوية الى الجماعات المستقرة حيث تطورت أدوات الانتاج وتعددت ، والمرحلة التالية مرحلة مجتمع الدولة التي واكبت اكتمال ملامح عمليات البناء والتنظيم الاجتماعي حيث استوت بنية المجتمع ووصل الى مستوى متقدم من التنظيم وتقسيم العمل ، والى اليوم لا توجد أي اشارة تثبت وجود الطبقية في المجتمع النبطي أو وجود العبيد فالمكانة الاجتماعية للأفراد تحدد وفق قدرتهم على الانتاج المادي حيث تميز المجتمع النبطي بتقديس العمل وكان هنالك عقوبة لمن يتقاعس في عمله أو يتدنى إنتاجه .
أما الديانة عند الأنباط فتتصف بخصوصيتها المحلية وانفتاحها على العالم الخارجي ، فآلهة الأنباط التي ابتدعوها هي الآلهة التي ورثها العرب فيما بعد وعبدت في الحجاز قبل الإسلام مثل اللات ومناه والعزة وهبل وهذا يعني أن الديانة عند الأنباط وثنية متعددة الآلهة ونتيجة للتواصل الحضاري والانفتاح على الحضارات الأخرى بفعل التجارة فلقد تأثر الأنباط بثقافة وديانه الشعـوب المحيطة ، فعبدوا آلهة فينيقية تمثل الخصب ( عشتار) وأطلقوا عليها اسم محلي غطار عطيس ، كما عبدوا آلهة يونانية رومانية ، كما تأثروا بشكل كبير بعبادات الحضارات الشرقية وأهمها المصرية والآشورية فعبدوا آلهة الرعد والمطر والزوابغ .
ويبدوا من أهم آلهة الأنباط الخاصة بهم هو ألههم ذو الشرى كبير الآلهة وابن اللات .
ولقد اهتم الأنباط بالطقوس والممارسات الدينية فبنوا لهذه الغاية العديد من المعبد مثل معبد قصر البنت ( معبد ذو الشرى ) ومعبد الأسود المجنحة في البتراء ومعبد اللات في رم ومعبد خربة التنور وخصصوا لهذه المعابد الكهنة وزينوها بتماثيل الآلهة ، كما خصصوا أماكن خاصة لتقديم القرابين والأضاح للآلهة مثل موقع المذبح في البتراء ( الرقيم ) .

:: Bait Alanbat | ط¨ظٹطھ ط§ظ„ط£ظ†ط¨ط§ط·


..........


الأنباط أقوام عربية خرجت من جزيرة العرب وسكنوا في المنطقة الصخرية الواقعة جنوب شرقي فلسطين والمحصورة بين الحجاز ووادي عربة وبادية الشام وفلسطين..
-استولى الأنباط على المملكة الأدومية التي كانت قائمة في هذه المنطقة، واندمج الأدوميون معالأنباط الفاتحين.

-أسس الأنباط دولة عربية في المنطقة التي استولوا عليها في أوائل القرن الرابع قبل الميلاد.
-ولقد ازدهرت هذه الدولة وتوسعت حدودها حتى شملت دمشق ومدائن صالح وظلت قائمة حتى استولى عليها الرومان على يد الإمبراطور تراجان سنة 106م.





دولة الأنباط.









مملكة الأنباط في أقصى اتساعها.







مدخل مدينة البتراء الأردنية.







أحد الممرات المؤدية إلى الخزنة.








واجهة الخزنة.


-عرفت تدمر عند الإغريق باسم بالميرا وهو اسم مشتق من اللاتينية بمعنى النخيل.
-أنشأت في بادئ الأمر كمحطة للقوافل في القرن الأول ق.م ثم تحولت إلى موقع روماني انتهت بعد ذلك إلى مقاطعة رومانية في القرن 1م. لكنها برزت بقوة في عهد الملك أذينة الذي كان موالياً للرومان حيث استعاد الأراضي التي فقدتها الإمبراطورية من الفرس.
- وبعد اغتيال أذينة تولت زوجته زنوبيا الحكم والذي توسع نفوذ حكمها إلى مصر حيث سكت نقوداً فيها تحمل صورة ابنها.
-سقطت في أيدي الحاكم الروماني أورليان. الذي احتل تدمر عام 271م ودمرها. ثم ساق زنوبيا أسيرة إلى روما.
-من أهم الآثار التي بقيت معبد الشمس (بعل) والذي يمثل انحرافاً فكرياً عن جادة الطريق في وقت كان الأنبياء يقومون بتبليغ رسالة السماء على الصورة التي أمر الله بها وهي إفراد العبادة لله الواحد القهار.





مملكة تدمر في أقصى اتساعها.







منصة المسرح في تدمر السورية.







الهيكل المركزي لمعبد بل الوثني.






قوس النصر.








معبد بعلشمين الوثني.





أحد مداخل مسرح تدمر.​

:: دولة الأنباط - صور


......

الاسم : يرد حول اسم الأنباط و اشتقاقه أكثر من رأي: فيقول ابن منظور أن النبط هو الماء الذي ينبط من البئر . و أيضا النبط هو ما يتجلّب من الجبل كأنه عرق من عروق الصخر .كما جاء في تاج العروس أن النبط جبل ينزل بالبطائح في بلاد الرافدين .و الأنباط هم قوم عربي هاجر من الجزيرة العربية نحو بادية الشام الجنوبية منذ القرن السادس قبل الميلاد 7 .. نزلوا أرض الأدوميين (و هم قوم كانوا يسكنون فلسطين و محيطها ) فسيطر الأنباط على أرضهم و زعزعوا استقرارهم .. و قد قويت شوكة الأنباط فتوسعوا حتى سيطروا على مجمل المنطقة الممتدة بين دمشق و سهل البقاع و الأقسام الجنوبية الشرقية من فلسطين و حوران و أدوم و مدين وصولا إلى سواحل البحر الأحمر .. و هناك ما يذكر عن وصولهم إلى الأقسام الشرقية من دلتا النيل حيث عثر على نقوشهم هناك. لم يظهر عند الأنباط من يكتب تاريخهم ، إنما عرفت أخبارهم من خلال علاقاتهم بجيرانهم .
و أول ذكر للأنباط يرد في قائمة آشورية تعدد أعداء الملك الآشوري آشور بانيبال حوالي عام 647 ق.م.8 و في هذه الفترة كانت البتراء ما تزال تحت سيطرة الأدوميين و كان الأنباط يجوبون مناطق بلاد الشام بحثا عن مراع لقطعانهم . و تمكنوا من القضاء على المملكة اللحائية في الحجاز و ذلك خلال القرون التي سبقت الميلاد. و اللحائيون هم قوم أو فرع من الثموديين انفصلوا عنهم في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد ليشكلوا مملكة مستقلة بعد غزوهم لبلاد ديدان 9.و هنا لا يمكن تحديد تاريخ دقيق لظهور الأنباط كقوة على مسرح الحياة السياسية و الاقتصادية في المنطقة . بل يمكن تحديد تاريخ عام إبان قيام الإمبراطورية الآشورية و احتلالها لفلسطين و الشام و توحيدها لبلدان الهلال الخصيب و نشرها الأمن على الطرق التجارية فاصطدم الآشوريون بالأنباط، و أدرجوهم ضمن لائحة أعدائهم الخطيرين في المنطقة و هنا استغل الأنباط انتشار الأمن في المنطقة و ازدهار التجارة ، فتوددوا للآشوريين حين أدركوا قوة الإمبراطورية الآشورية و بدأوا يعتمدون التجارة إلى جانب الزراعة و الرعي كمصدر لرزقهم . فقد استغلوا موقع بلادهم الهام المسيطر على الطرق التجارية الرئيسية الجنوبية التي تصل بين الشام و العراق و البحر الأحمر و مصر فجعلهم ذلك من الشعوب العربية الغنية .. و فرضوا الضرائب على التجارة العابرة و اشتغلوا أنفسهم بالوساطة و نقل البضائع بين الشام و مصر و الجزيرة العربية ..
لم يتمكن الإسكندر المقدوني أثناء تحركه في المنطقة من السيطرة على مناطق الأنباط جنوبي سورية رغم جبروت جيوشه و صيتهم الذي كان يسبقهم إلى المناطق المحتلة ... و بعد مضي سنوات الإسكندر القليلة في المنطقة .. تقاسم خلفائه السلطة في سورية و مصر فكانت سورية من نصيب سلوقس و مصر من نصيب بطليموس . . و ذكر ديودور أن جيشا نبطيا مؤلفا من عشرة آلاف رجل قاوم الجيش اليوناني عام 312ق.م 10 حيث قاد أنتي كونوس حملة تأديبية ضدهم ،قاصدا ً البتراء في نفس العام. و كثرت الحملات السلوقية و البطلمية على سورية و فلسطين بغية السيطرة على الطرق و المنافذ التجارية 11،التي يسيطر غليها الأنباط و يتحكمون بها ، و بالتالي خضوع الأنباط لأي من الطرفين هو سيطرة المنتصر على التجارة في المنطقة ، فقد حاول بطليموس الزحف نحو المنطقة لقطع الطريق التجارية البرية نحو مصر .12و فشل أول مرة إلا أن محاولته الثانية أجبرت الأنباط على عقد الصلح معه. هذا من الجانب الشمالي .أما من الجانب الجنوبي أي البطلمي فقد أيقن بطليموس أن لا مجال للسيطرة على الأنباط لما رآه من مقاومتهم للجيوش السلوقية فبادر بالزحف على الساحل الفينيقي و الذي تنتهي عنده قوافل الأنباط و أجزاء من شمال الحجاز و أنشأ عددا من المستوطنات الإغريقية حتى يحكم السيطرة على طرق التجارة البرية و منافذها البحرية ، فكان له ذلك.
و نتيجة لضعف البطالمة في القرن الثاني ميلادي ، تمكن السلوقيون من السيطرة على المنافذ و الطرق التجارية . حيث تمكن انطيوخوس الثالث من انتزاع غزة من البطالمة 13. إلى جانب ذلك ازداد الضغط الفارسي على العراق ما أدى إلى فوضى عارمة في العراق نتج عنها تحول الطريق التجارية منها نحو جنوب سورية فعاد الازدهار إلى التجارة النبطية . و هنا يمكن القول أن ازدهار الأنباط أثناء مرحلة النزاع السلوقية البطلمية كان نتيجة استغلالهم الوضع السياسي و الاقتصادي في المنطقة في هذه الفترة . و قد استمروا في ازدهارهم و قوتهم و استقلالهم الذاتي حتى الفترة الرومانية .
حضارة الأنباط:
استوطن الأنباط خلال عصر دولتهم القوية عدة مناطق اتسعت أو ضاقت حسب الظروف السياسية و العسكرية التي أثرت على المنطقة .. ففي فلسطين كانت النقب من أهم مراكزهم و التي أسسوا فيها عبدة ، كرنب،نصتان و الخلصة.و في جنوب سورية :بصرى –سيع (سيعا) – السويداء و مدينة دوبو/تل دبة المكتشف مؤخرا . و في شرقي نهر الأردن: جبل النقور –ديبان –وادي رم – ذات الرأس – خربة المشيرفة –خربة براك، و العاصمة البتراء. وبالأساس خضعت هذه المناطق للنفوذ الاقتصادي النبطي الذي يذكر بعض الباحثين أنه وصل إلى البقاع في لبنان مشيرين إلى أن اسم مدينة النبطية في جنوب لبنان يذكرنا بوصول الأنباط إلى تلك المناطق و في الجنوب وصلوا إلى مدائن صالح و شمال الحجاز . و في سورية الجنوبية استوطن الأنباط ثلاث مناطق رئيسية

البتراء

مدينة نبطية أثرية في الأردن . اسمها القديم « سلع » أي الصخرة ترجمه الرومان إلي لغتهم بـ « پترا » اما الانباط انفسهم فقد اطلقوا على مدينتهم اسم ((رقيم)) وتعني الحفر بالصخر والنحت اسم على مسمى.. ازدهرت في القرن الأول ق.م . في عهد ملكها الحارث الثالث .احتلها الرومان وأسموا الأراضي التي قامت عليها مملكة الأنباط "بالولاية العربية" وظلت مزدهرة حتى القرن 3 م .تضم آثارا عمرانية منحوتة في الصخر نادرة المثال.
إن المدينة المحفورة في الصخر والمختبئة خلف حاجز منيع من الجبال المتراصة التي بالكاد يسهل اختراقها تحظى بسحر غامض. إن المرور بالسيق، وهو ممر طريق ضيق ذو جوانب شاهقة العلو التي بالكاد تسمح بمرور أشعة الشمس مما يضفي تباين دراماتيكي مع السحر القادم. وفجأة يفتح الشق على ميدان طبيعي يضم الخزنة الشهيرة للبتراء المنحوتة في الصخر والتي تتوهج تحت أشعة الشمس الذهبية.
وهنالك العديد من الواجهات التي تغري الزائر طيلة مسيره في المدينة الأثرية، وكل معلم من المعالم يقود إلى معلم آخر بانطواء المسافات. إن الحجم الكلي للمدينة علاوة على تساوي الواجهات الجميلة المنحوتة يجعل الزائر مذهولا ويعطيه فكرة عن مستوى الإبداع والصناعة عند الأنباط الذين جعلوا من البتراء عاصمة لهم منذ أكثر من 2000 عام خلت. ومن عاصمتهم تلك استطاع الأنباط تأسيس شبكة محكمة من طرق القوافل التي كانت تحضر إليهم التوابل والبخور والتمر والذهب والفضة والأحجار الثمينة من الهند والجزيرة العربية للاتجار بها غربا.

دولة الأنباط:
تعتبر مدينة البتراء، عاصمة العرب الأنباط، أعظم وأشهر المعالم التاريخية في الأردن، وهي تقع على مسافة 262 كيلو مترا إلى الجنوب من عمان. وقد وصفها الشاعر الإنجليزي بيرجن بأنها المدينة الشرقية المذهلة، المدينة الوردية التي لا مثيل لها.

وتتميز هذه المدينة بأسلوب بنائها المهيب وبالإبداع في أحواضها وسدودها وقنواتها.هذا التراث خلقه الأنباط العرب الذين استقروا في جنوب الأردن قبل أكثر من ألفي سنة، وسيطروا من محطة القوافل المستترة تلك على طرق التجارة في بلاد العرب قديمًا، وكانوا يفرضون المكوس، ويؤوون القوافل المحملة بسلع عربية كاللبان والمرّ المستعملين كبخور، وبالتوابل والحرير الهندي والعاج وجلود الحيوانات الإفريقية.
وعندما كانت المملكة النبطية في أوج قوتها امتدت إلى دمشق، وشملت أجزاء من سيناء في مصر والبقاع في لبنان والنقب في فلسطين وشمال غرب الجزيرة العربية؛ فكانت بذلك تحكم فعليًا الجزء الأكبر من بلاد العرب.
المدينة المفقودة (البتراء في القرن السادس عشر):
كانت البتراء قد فُقدت تمامًا بالنسبة للغرب، ولم يكن العالم يعرف شيئًا عنها خلال الحروب الصليبية، إلى أن قام الرحالة الإنجليزي – السويسري "جوهان بوركهارت" بالكشف عنها خلال تجواله في أقطار الشرق العربي، وكان آنذاك يقوم برحلته من القاهرة إلى دمشق بعد أن ترك المسيحية إلى الإسلام ودرس العلوم الشرعية، بالإضافة لممارسة الاكتشاف والترحال.ففي ذلك العام 1812، أقنع "جوهان بوركهارت" دليله البدوي أن يأخذه إلى موقع المدينة التي أشيع أنها مفقودة. وقد كتب في ملاحظاته ورسوماته التي كان يدوّنها سرًا.. "يبدو محتملاً جداً أن تكون الخرائب الموجودة في وادي موسى هي بقايا البتراء القديمة".وبالرغم من اكتشاف البتراء من قبل بوركهارت، فلم تحدث الحفريات الأولى فيها للتنقيب عن الآثار إلا في عام 1924، تحت إشراف المدرسة البريطانية للآثار في القدس. ومنذ ذلك الحين أخرج التنقيب العصري عن الآثار من قبل فرق أردنية وأجنبية مناطق مختلفة من المدينة من تحت الأرض، وكشف لنا إلى حد بعيد حياة سكانها القدماء.
معالمها:
وهناك مئات المعالم المحفورة، من هياكل شامخة وأضرحة ملكية، إلي مدرج كبير يتسع لسبعة آلاف متفرج بالإضافة إلي البيوت الصخرية والكبيرة والردهات وقاعات الاحتفالات وقنوات المياه والصهاريج والحمامات، وصفوف من الأدراج المزخرفة والأسواق والبوابات المقوسة.
ومن ابرز الأضرحة التاريخية فيها ضريح الجرة، وهو أعلى ارتفاعا من الآثار الأخرى وأمامه ساحة وأعمدة منحوتة في الصخر، ولواجهته أعمدة مربعة. أما الضريح الثاني فيشبه الخزنة في طرازه، لكن العوامل الجوية أتلفت واجهته، والى الشمال يقع ضريح القصر.