كلمات للموعظة بمناسبة شهر جمادى الأولى
حيث يخطر في القلب أن الإنسان ينبغي أن يجمد ( أي يثبت ) على الصراط المستقيم , فلا يزيغ ولا ينحرف عن طاعة الله في أوامره ونواهيه ، ولا تتزلزل علاقته مع ربه وخالقه عز وجل , مهما جرى عليه من أحوال وابتلاءات ، ومهما صادفه ومر به من ظروف وامتحانات , فان المؤمن ينبغي أن يكون أصلب من الجبل ، فالجبل يُستقل منه ، والمؤمن الحقيقي لا يُستقل من دينه شيء ..
وفي الحديث الشريف أن المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف .
وليحذر الإنسان ان يـجمد (أي يقسو) قلبه عن ذكر الله تعالى , حتى لايدخل في زمرة من وصفهم الله تعالى بقوله :
(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ، وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ ، وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء ، وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ ، وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )
وليحذر كذلك أن تـجمد عيـنه عن البكاء من خشية الله تعالى ,
ففي الدعاء (إلهي أشكو إليك عيناً عن البكاء من خوفك جامدة ) ..
وقد ورد أنه ما جـفت الدموع إلا لقسوة القلوب ، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب .
وليحذر الإنسان أيضاً أن يـجمد (أي يتوقف) في مكانه , ولا يطلب لنفسه التكامل وزيادة المراتب , والقرب أكثر فأكثر من رضوان الله تعالى وجنة قربه ولطفه عزوجل ..
فإن من استـوى يومـاه ( السابق والحالي ) فهو مأسوف عليه اذا كان يوماه في سوء أو عبث ، وأما اذا كان يوماه في خير وصلاح فهو موفق وبنعمة من الله تعالى ، ولكنه اذا لم يتكامل ويجتهد في جعل مستقبل أيامه أفضل وأحسن ، فإنه بالتأكيد سيتحسر على ما سيفوته من الزيادة في الثواب والدرجات التي أعدها الله تعالى لمن عمل لها .
وأما من كانت أيامه السابقة هي الأفضل والأحسن من أيامه الحالية من حيث الإيمان والعمل الصالح والوعي والحضور ومراقبة الله تعالى ، فهذا مسكين وظالم لنفسه ، لأنه في تراجع وخطر ،اذا لم يتدارك نفسه ..
هكذا يجب ان نحسب حياتنا ومستقبلنا ، وهكذا ينبغي ان يكون تقييمنا لأنفسنا ولرصيدنا الذي نسعى لتقويته وزيادته .
اللهم عرّفنا بركة شهرنا هذا ويـمنه , وارزقنا خيره , واصرف عنا شره , واجعلنا فيه من الفائزين ، اللهم وإجعل أول شهرنا هذا صلاحاً , وأوسطه فلاحاً , وآخره نجاحاً , برحمتك يا أرحم الراحمين .