مقارنة بين دماغ الأنثى و الذكر
بداية يتوجب توضيح بعض المصطلحات و المفاهيم قبل الخوض في التفاصيل. التمييز الجنسي بين الأنثى و الذكر من الناحية الدماغية ليس بهذه البساطة. الشائع بين العامة أن الذكر هو الإنسان الذي لديه قضيب و أن الأنثى هي الإنسانة التي لديها مهبل ولكن هذا التوصيف محدود جداً و لا يغطي جميع التوجهات و الهويات الجنسية التي قد ينتمي إليها الدماغ.
عند المعاينة الدماغية نجد أن تحديد الجنس موضوع مركب أكثر من أن يتم عن طريق الأعضاء التناسلية فقط. الهوية الجنسية للدماغ غير مبنية على نوع الأعضاء التناسيلة بل بالافرازات الهرومونية التي يتعرض إليها الجنين أثناء الحمل.
كنت أود التطرق لمحور الهرمونات و تأثيرها على تطور الدماغ أثناء الحمل لكني وجدت أن هذا المحور أكبر من أن يكون مجرد بند في هذا المقال و لهذا سأكتفي بالاشارة إلى أن التجارب و الدلائل المخبرية المرتبطة بكميات الهرمونات التي يتعرض لها الجنين أثناء الحمل مرتبطة بشكل مباشر بكيفية تطور الدماغ و نستطيع توقع بعض تصرفات الأطفال الذين يتعرضون لهذه الهرمونات بناء على كميات الهرمونات التي يتعرضون لها أثناء التكوين الجنيني. أهم الهرمونات المرتبطة في الاختلاف الجنسي هي التستوستيرون و الإستروجين (Estrogen and testosterone).
الدماغ عبارة عن مجموعة من الأعضاء العصبية التي تعمل كفريق عمل هدفه إدارة الجسد بشكل ينسجم مع الواقع المحيط به و يحقق هدف البقاء و النجاح في التكاثر لنشر الجينات إلى الجيل القادم. من خصائص الدماغ المرونة و القدرة على تغير وصلاته العصبية. هذا التغير في الوصلات مبني بشكل أساسي على الاشارات الحسية القادمة إليه من أجهزته مثل البصر و السمع و اللمس و الشم و التذوق و غيرها من الحواس (يوجد لدينا أكثر من ٥ حواس).
مثلاً أي عملية تعلم تحصل في الدماغ هي في الواقع عملية تغيير في الوصلات الدماغية والدماغ دائم التغير و يتعلم من تجاربه السابقة و لديه مرونة في تغير خارطتة بناء على هذه التجارب. الخارطة الدماغية للكائن هي من أكثر الأمور التي تميزه عن غيره من الكائنات. مثلاً خارطتي الدماغية هي الوحيدة في شكلها و ذلك لأني أنا الوحيد الذي تعرض لنفس التجارب و المحفزات الحسية التي رسمت هذه الخارطة.
تخيل الدماغ و كأنه كرة من المعجون. هذه الكرة ممكن أن يتغير شكلها بناء على التأثيرات الخارجية التي تتعرض إليها. فمثلاً بعض الضغط على الجهة اليسرى منها سيجعلها مدببة أكثر من الطرف الأيمن و كذلك أيضاً هو الدماغ من حيث الوصلات الدماغية فهو بحالة تغير مستمرة بناء على المؤثرات التي يتعرض لها.
هذه النقطة هامة جداً عندما نضع في حسباننا الظروف البيئة و الثقافية التي تنمو فيها الإناث و الذكور و بالتالي فإن الكثير من الفروقات التي سأذكرها في هذا المقال هي نتيجة الرعاية و التربية و التمرين و ليست فروقات بيولوجية لدى الإناث و الذكور. مثلاً نحن نجد أن الفتاة في منطقة الشرق الأوسط (ليس حصراً) منذ الصغر تتعلم أن عليها الإعجاب باللون الزهري و أن عليها اللعب بالدمى و أن لا تختلط مع الصبية و أن لا تركب الدراجة و أن تتصرف بحشمة و تتكلم بصوت منخفض و أن تسمع كلام الذكور و أنها ليست كفؤ في القيام بالكثير من المهمام الفيزيائية و أن ممارسة الرياضة ليست مناسبة لها و أن لا تتعب نفسها بالدراسة لأن هدفها في الحياة هو ايجاد العريس المناسب و بناء الأسرة. هذه الشروط و العوائق الثقافية التي تتعرض لها الأنثى من الصغر تؤثر بشكل مباشر على خارطتها الدماغية و تلعب دور أساسي في تطوير وظائفها البيولوجية الآخرى.
دماغ الذكر من الناحية الفيزيولوجية:
متوسط حجم دماغ الذكر أكبر من متوسط حجم دماغ الأنثى ب ١٠٪ تقريباً. عند مقارنة المادة الرمادية بين الإناث و الذكور نجد أن المادة الرمادية تتوفر لدى الذكور بنسبة أعلى من الإناث بحوالي ستة أضعاف. لكن ماهي هذه المادة الرمادية التي أتحدث عنها؟ هي عبارة عن تسمية للخلايا الدماغية المسؤولة عن العمليات الحسابية. وجود المادة الرمادية لدى الذكور بنسبة أكبر من الإناث لا يعني أن الذكور قادرين على القيام بعمليات حسابية بشكل أفضل من الإناث لأن الإناث يمتلكن نسب أعلى من المادة البيضاء المسؤولة عن نقل المعلومات. لكن يتوجب متابعة القراءة للفهم أكثر.
يتجسد وجود كمية كبيرة من المادة الرمادية لدى الذكور بأنهم عندما يباشرون في القيام بأي عمل فهم يستطيعون التعمق بشكل كبير في انجاز هذا العمل لكن يوجد ثمن لهذا التعمق و هذا الثمن يكمن في انخفاض القدرة على التركيز في انجاز أعمال أخرى في نفس الوقت. مثلاً الذكر قد يستطيع أن يركز على حساب عدد أوراق الشجرة بشكل جيد لكنه أثناء عملية الحساب هذه لن يكون قادر على التركيز في أشياء جانبية تحدث له. مثال واقعي يحدث للجميع: الزوج يشاهد مبارة كرة قدم و يركز في مجرياتها. تتحدث معه زوجته في موضوع ما. يعطي الذكر انطباع أنه استوعب المعلومات المرسلة من الزوجة. الزوجة تظن أن زوجها يستطيع الانتقال بين المهام الدماغية بنفس الفعالية التي تستطيع هي القيام بها فتحسابه على هذا الأساس…
الزوجة: “هل تذكر ما قلته لك من دقيقة؟”
الزوج: “لا عزيزتي ماذا قلتِ؟” الزوجة: “أنتَ دائماً كذلك لا تكترث لما أقوله لك أثناء مشاهدتك المباريات.”فعلاً إن مشاهدة المبارة الرياضية يستحوذ على أغلب القدرات العقلية لدى الزوج ولكن ليس لأنه لا يهتم بزوجته و إنما لأن دماغه مبرمج لأسباب تطورية أن يركز على مهامه بعمق لكي يستطيع انجازها بسرعة و فعالية. مهام مثل الصيد و الدفاع عن العائلة من كائنات مفترسة آخرى تستوجب استثمار كل الطاقة الدماغية مرة واحدة للنجاح في المهمة بشكل فعال و سريع. إذاً الذكر يستطيع التعمق في انجاز المهام لكن ثمن هذا التعمق هو انخفاض في القدرة على التركيز في مهام آخرى متوازية زمنياً. يجدر الذكر هنا أن الدماغ لدى كلا الجنسين غير قادر على اتمام أي عمليتين حسابيتين في نفس الوقت و عندما نظن أننا نقوم بأكثر من عمل في نفس الوقت نحن في الواقع ننتقل بين هذه المهام الدماغية بشكل سريع. عندما تقود السيارة أنت عملياً تقوم بالعديد من المهام لكن ليس في نفس الوقت و إنما دماغك ينتقل بين المهام بشكل سريع و يعمل على انجازها بشكل يبدو لنا و كأنها تتم بنفس الوقت. بناء على هذه المعلومة أتوقع أن تكون نتائج فحص لقيادة السيارة بين الذكور و الإناث بتفوق الإناث على الذكور و ذلك بسبب القدرة على الانتقال بين المهام بشكل أسرع من الذكور. (لست على اطلاع على أي بحث عملي حول قيادة السيارة بين الجنسين)
الفرق بين الكمبيوتر و الإنسان أن الكمبيوتر قادر على القيام بالكثير من العمليات الحسابية في نفس الوقت لكن قوته الحاسوبية لا تقارن مع الإنسان عند المقارنة بالقدرة الحسابية بين المهام. الإنسان لديه قدرة حسابية عظيمة (الأعظم في الكون) لكنه غير قادر على تنفيذ أكثر من عملية حاسبية في نفس الوقت على عكس الكمبيوتر. مهام متنوعة بقدرات متواضعة. (هذه الفقرة يتم التأكد منها – قدرة الكمبيوتر على Multi-task)
طبعاً يوجد أقسام في الدماغ مسؤولة عن ادارة الوظائف الاارادية مثل التنفس و التحكم بدرجة الحرارة و تنظيم دقات القلب.
هذه الوظائف قد تبدو و كأننا نقوم بأعمال حسابية في نفس الوقت إلا أن الحديث هنا عن الأعمال الحسابية الأعلى من الدماغ الزاحف (الدماغ البسيط المسؤول عن الوظائف الحيوية). مثلاً حاول أن تعد من العشرة إلى الواحد (عد عكسي) و قم بضرب ٧ في ٥ في نفس الوقت… لن تستطيع بينما الكمبيوتر يستطيع القيام بهذه العمليات الحسابية ببساطة.
لنعود للمقارنة بين دماغ الذكور و الإناث. إذاً الذكر قادر على التركيز بعمق في مهامه لكن قدرته على الانتقال بين هذه المهام ليست بنفس مستوى قدرة الأنثى.
خارطة تدفق المعلومات:
يستخدم الذكر دماغة بشكل طولي أي من الفص القذالي (مركز الحاسة البصرية) إلى الفص الجبهي (منطقة التحليل و اتخاذ القرارات) وذلك لأهمية وصل الجهاز البصري و المعلومات الواردة منه مع قسم التحليل و الإدراك والذي يعتبر من أهم الخواص الازمة لكائن صياد مثل الإنسان لتحديد أهدافه بشكل جيد و ربط الذاكرة المكانية مع الذاكرة الحركية. الفكرة هنا أن خارطة تدفق المعلومات بشكل طولي لدى الذكر تطورت كنتيجة لضغوطات تطورية لن أدخل بها هنا.
القدرات التحليلة:
عند مقارنة الذكور و الإناث في مجال حل المسائل و الألغاز الرياضية نجد أن الذكور يتفوقون على الإناث في حل المسائل الرياضية و الهندسية. دماغ الذكر يتطور في مجال حل المسائل المنطقية (رياضيات) بأربع سنوات قبل الأنثى و في مقارنة بين ٥٠٠ طفل كانت النتيجة أن دماغ فتاة عمرها ١٢ سنة يوازي ذكر عمره ٨ سنوات. لكن مع الوقت و نمو الدماغ يصبح الذكور و الإناث متساوين تقريباً. ليس واضح إن كانت هذه الفروق هي نتيجة مؤثرات تتعلق بالرعاية أم أنها لأسباب تطورية أعطت الذكور حاجة حسابية أكثر من الإناث. المقصود هنا أن أسلوب الرعاية و الإنتباه المبكر للطفل قد يكون له دور هام في تطور وظائفه الحسابية و بالتالي قد يكون الفرق في القدرات الحسابية بين الجنسين ناتج عن عدم تحفيز الأطفال الإناث على التمرين الرياضي. يوجد العديد من الأبحاث التي تنقض فكرة تفوق الذكور على الإناث في الرياضيات لكني وجدت أن أغلبها مدفوع بهدف المسواة بين الجنسين أكثر من أنه يعمل على تحليل الفروقات إن كانت فيزيولوجية أو اجتماعية ثفافية
الذكور أيضاً تتفوق على الإناث من حيث الذاكرة الحركية و القدرة على تحديد الاتجاهات. طبعاً ضمن قصة تطور الإنسان نحن نعلم أن الذكور كانت لديهم مسؤوليات مختلفة عن الإناث من حيث الصيد و الدفاع عن القطيع و البحث عن الطعام. جميع هذه المسؤوليات تحتاج لذكور لديهم قدرات حركية جيدة و ربما تطورت هذه الخصائص الدماغية لدى الذكور كنتيجة لانتقاء جنسي حيث اختارت الإناث الذكور القادرين على انجاز هذه المهام بشكل أفضل. مع ذلك و على الرغم من تفوق الذكور على الإناث في تحديد الاتجاهات و المسافات إلا أن الإناث لديهن قدرة مختلفة في تحديد الاتجاهات حيث أنهن يرسمن خارطة الاتجاهات بناء على نقاط علام بينما يعتمد الذكور على الذاكرة المكانية و تحديد الاتجاهات بشكل غريزي.
الذكور معرضين للإعاقات الدماغية المتعلقة بالتعلم أكثر من الإناث بينما نجد أن الإناث معرضن للاصابة بالأمراض الدماغية المرتبطة بادارة العواطف مثل الإكتئاب و غيرها من الأمراض الدماغية بشكل أكبر. مع هذا نجد أن قدرة الذكور على التعلم أعلى من قدرة الإناث و هذا أيضاً قد يكون نتيجة انتقاء جنسي حيث اختارت الإناث الذكور الأسرع تعلماً فانتشرت هذه الخصائص بشكل أكبر بين الذكور.
بالنسبة لأليات الرؤية فنجد أن الذكور لديهم قدرة على رصد الحركة بشكل أفضل من الإناث بينما تستطيع الإناث رصد التغيرات في الألوان بشكل أدق من الذكور. قد تكون هذه الإختلافات ناتجة عن حاجات تطورية حيث أن الضغط الإنتقائي كان على الذكور الذين يستطيعون رصد حركة طرائدهم و أعدائهم المفترسة بينما كان الضغط التطوري على الإناث التي لم يكن ليدهن القدرة على رصد ألوان الأعشاب السامة و الضارة أثناء قطافها فتمكنت الإناث التي لديهن قدرات على رصد أطياف الألوان بشكل أدق على البقاء و الاستمرار.
الدماغ الأنثوي من الناحية الفيزيولوجية:
على الرغم من أن حجم دماغ الأنثى أصغر من دماغ الذكر بنسبة ١٠٪ إلا أن الإناث لديهن قسم الوصل بين فصي الدماغ الأيمن و الأيسر أكبر من قسم الوصل لدى الذكور. نحن نعلم أن حجم قسم الوصل هذا أكبر منذ مراحل التكون الجنيني. هذا القسم اسمه Corpus Callosum وهو يتألف من المادة البيضاء و هو المسؤول عن نقل المعلومات بين فصي الدماغ الأيمن و الأسر. قص هذا القسم يعني فقدان التواصل بين فصي الدماغ و يوجد العديد من الدراسات عن مرضى تم قص هذا القسم لديهم كعلاج لنوبات الصرع. تم ذكر المادة الرمادية و كيف أنها منتشرة أكثر لدى الذكور مما يتيح لهم أن يركزوا على اتمام مهامهم بشكل أفضل إلا أننا نجد أن المادة البيضاء في دماغ الأنثى منتشرة أكثر من الذكور بتسع أضعاف. المادة البيضاء في الدماغ تمثل الخلايا الناقلة للمعلومات بين العصبونات الدماغية و هذا يعني أن الأنثى على الرغم من امتلاكها عدد أقل من الخلايا القادرة على الحساب فإن لديها خلايا أكثر تعمل على نقل المعلومات بين هذه الخلايا. هذه الخاصية تفسر لنا قدرة الإناث على الانتفال بين المهام بشكل أسرع من الذكور. أيضاً نجد أن الأنثى لديها القدرة على استخدام فصي الدماغ بشكل فعال أكثر من الذكر و ذلك بسبب انتشار المادة البيضاء و بسبب وجود Corpus Callosum أكبر من الذكور. كما ذكرت سابقاً في الCorpus Callosum مسؤول عن نقل المعلومات بين فصي الدماغ مما يعني أن عملية انتشار المعلومات في دماغ الأنثى فعال أكبر بكثير من الذكور. إذاً وجود كثافة عالية للمادة الرمادية لدى الذكور يعني أن الذكر قادر على التركيز في فكرة أو مهمة ما دون القدرة على نقل انتباههة عنها بسهولة بينما و بسبب انتشار المادة البيضاء بكثافة أكبر لدى الأنثى و وجود Corpus Callosum كبير فهي قادرة على تنفيذ مهام أكثر من خلال الانتقال بين هذه المهام بشكل أسرع. أيضاً يتميز الدماغ الأنثوي بالقدرات اللغوية و خصوصاً فيما يتعلق بتحليل الرسائل اللغوية. الرسائل اللغوية عادة تحمل اشارات عاطفية تتجسد في ترددات الموجات الصوتية و بالمقارنة بين الدماغ الذكوري و الدماغ الأنثوي نجد أن الإناث لديهن قدرات دماغية في تحليل هذه الاشارات العاطفية بشكل أفضل و بالتالي لديهن قدرات أفضل في التفاعل و التعاطف مع الآخرين.
ملاحظة جانبية: يمكن تمرين Corpus Callosum و جعلها أكبر لدى الأطفال من كلا الجنسين قبل سن الثامنة عن طريق تعلم العزف على الموسيقى إذ أن العزف على الموسيقى يستوجب ربط وثيق بين فصي الدماغ مما يوسع من كثافة الوصلات في Corpus Callosum. أيضاً من الخصائص الفيزيولوجية المختلفة بين الجنسين هو امتلاك الإناث قسم ذاكرة أكبر من الذكور مما يجعلهن قادرين على تخزين الذاكرة العاطفية للأحداث السابقة بشكل أكبر مما ينعكس على ألية استقدام هذه المعلومات. بما أن الذاكرة العاطفية هي من أعم أنواع الذاكرة فهذا يعني أن الأنثى لديها قدرات على استقدام أحداث بشكل أدق من الذكور و عندما تتذكر حدث تكون قادرة على استقدام المشاعر المرتبطة مع الحدث أكثر من الذكر. حاسة السمع لدى الإناث أدق من حاسة السمع لدى الذكور إذ أن المعلومات الواردة من حاسة السمع يتم توزيعها بشكل مكثف أكثر من الذكور بسبب انتشار المادة البيضاء. ربما تكون الفائدة من هذا التميز تعود لحاجة الأنثى لتحديد حال طفلها عن طريق تحليل صوته و الحاجة لسماع الأصوات التي قد ينجم عنها خطر مباشر ضمن مكان الإقامة أثناء الرعاية و محدودية الحركة في تلك الفترات.
يختلف الإناث و الذكور في تحليل الفكاهة حيث أن الإناث لديهم طيف أوسع من الذكور فيما يتعلق بتصنيفما يعد تحت بند الفكاهة و يعتقد أن هذا سببه هو القدرة على رصد الاشارات الاجتماعية في التواصل بشكل أفضل و بسبب آليات توزيع المعلومات ضمن الدماغ. (موضوع الفكاهة يستحق مقال منفصل).
الملخص:
الجنس الدماغي:
الدماغ ليس عضو عصبي واحد و إنما مجموعة كبيرة من الأعضاء العصبية التي تعمل بشكل متناغم لقيادة الجسد. يتطور الدماغ أثناء مرحلة التكون الجنيني بناء على نوع الجنس و على الحمض النووي للكائن إلا أن الهرمونات المفرزة أثناء عملية التكوين الجنيني تلعب دور هام في تشكل الكثير من الخواص و الظواهر التي تم سردها في هذا المقال. الفكرة الاساسية أننا لا نستطيع تحديد جنس الإنسان عن طريق تشريح الدماغ و ذلك لأن كل ما تم ذكره في هذا المقال تحت بند ذكر أو أنثى هو ليس تصنيف عام و ليس بالضرورة أن يكون عند أحد الجنسين و ليس عند الآخر. في بداية المقال ذكرت أن الجنس الدماغي يختلف عن ماهو متعارف عليه. تحديد الجنس بشكل عام يعتمد على نوع الأعضاء التناسلية و نوع الخلايا الجنسية التي يحملها الكائن. لكن عندما نتحدث عن الدماغ يختلف الموضوع كلياً إذ أننا قد نجد دماغ أنثوي في جسد ذكر أو العكس.
التربية و الرعاية:
لدينا دلائل كثير تشير إلى أن عملية تطور الدماغ بعد الولادة تعتمد بشكل أساسي على التجارب التي يمر بها الدماغ أثناء الطفولة. مرونة الدماغ في التغير و تشابك الخوارط العصبية يعني أن التأثير الثقافي في كيفية تطور الدماغ هو تطور لا يستهان به اطلاقاً. مثلاًً أنواع الألعاب التي يتم اختيارها للأطفال منذ الصغر تؤثر على نموهم العقلي و كيفية تشكل الخارطة الدماغية لديهم. أذكر إعلان على اليوتيوب لشركة Always عبارة عن مقابلات مع أطفال تحت سن العشر سنوات. تطلب المذيعة منهم أن يركضوا كما تركض الفتيات فنجد أنهن يركضن بأسرع مايمكنهم و نرى المنافسة في عيونهم. ثم يتم
طرح نفس الطلب على فتياة في سن المراهقة و الشباب أن يركضن مثل الفتيات و نلاحظ كيف أنهن تبرمجوا أن يجسدوا الضعف الفيزيائي في جسدهن و أن الركض ليس من الأمور التي تقوم بها الفتيات بشكل جيد. أذكر هذا الإعلان لتوضيح مدى التأثير الذي تلعبه التربية و العوامل الثقافية في تطور الدماغ لدى الأطفال من كلا الجنسين.
كنت أود أن أتعمق بشكل أكبر في محور التاريخ التطوري لكلا الجنسين و العوامل التي أثرت في تطور هذه الاختلافات لكن وجدت أن هذا يتطلب بحثاً مستقل. بشكل عام جميع الفوارق الدماغية بين الجنسين لها فوائد تطورية ساهمت في استمرار الجنس البشري على البقاء.