من أهل الدار
تاريخ التسجيل: November-2017
الدولة: بغداد
الجنس: أنثى
المشاركات: 2,985 المواضيع: 1,282
صوتيات:
0
سوالف عراقية:
3
أكلتي المفضلة: السمك
آخر نشاط: 13/October/2019
الاتصال:
من روائع الاستعارات قول أمير المؤمنين عليه السَّلام ( من استبدَّ برأيهِ هلَك ، ومن شا
إضغط على مفتاح Ctrl+S لحفظ الصفحة على حاسوبك أو شاهد هذا الموضوع
• من روائع الاستعارات قول أمير المؤمنين عليه السَّلام ( من استبدَّ برأيهِ هلَك ، ومن شاورَ الرِّجالَ شاركَها في عقولِها ) .
من المعلوم أنَّه ليس بإمكان أحدٍ أن يستعير عقل غيره ليفكِّر به ، ولكنَّ أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ أوضح في هذه الحكمة الحكيمة أنَّه بالإمكان أن تُصَاب النَّتيجة المرجوَّة من ذلك بمشورة العقلاء من أهل النُّصح .
فإنَّ من استشار عاقلاً من أهل النَّصيحة فكأنَّما استعار عقله ليفكِّر به ، فيفكِّر بعقلين بدل عقلٍ واحد ، ومن استشار اثنين فكأنَّما استعار عقلين لتصبح عنده ثلاثة عقول يفكِّر بها وهكذا .
ولا ريب أنَّ العقل الواحد أقرب للوقوع في الخطأ من العقلين ، وكلَّما كانت العقول أكثر واتَّفقت على نتيجةٍ واحدة كان احتمال خطئها أقلَّ واحتمال صوابها أكبر ، وهكذا حتَّى يزول احتمال الخطأ ويحصل الاطمئنان النَّفسي أو الإيقان العقلي بصدق النَّتيجة التي توصَّلت إليها تلك العقول وغالباً ما تكون مطابقةً للواقع .
ووجه الرَّوعة في كلامه ـ عليه السَّلام ـ أنَّه لم يجعل المشورة مشاركةً في الآراء ، فلم يقل ( شاركها في آرائها ) بل قال ( شاركها في عقولها ) .
إشارةً منه ـ ما أروعها ـ على إمكان إنشاء عقلٍ واحد جمعي أو مجتمعي تفكِّر به الأمَّة في مصالحها العامَّة عوض العقل الفردي لأهل الزَّعامة الذين يتحكَّمون بمصائر شعوبهم ويفكِّرون نيابةً عنهم وغالباً ما يوردونهم المهالك .
قد تكون المشورة في الشُّؤون الشَّخصيَّة للفرد مستحبَّةً شرعاً كما جاء في الأخبار عن الرسول وأهل بيته الأطهار عليهم السَّلام ، فروي أنَّه ( قيل : يا رسولَ اللهِ ما الحَزْمُ ؟ قال : مشاورةُ ذوي الرَّأيِ واتِّباعُهُم ) وقال الإمام الصَّادق عليه السَّلام ( لا مُظَاهَرَة أوْثَقُ مِنَ المُشَاوَرَة ) .
ولكن المشورة في الشُّؤون المجتمعيَّة العامَّة ضرورةٌ عقليَّة وواجبةٌ شرعاً كما قال الله تعالى { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } ولكن للأسف هذه النَّظريَّة لم تطبَّق إسلاميَّاً بعد عصر الرِّسالة .
.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
[الشيخ أبو الحسن علي المحمدي]