عرف العالم مدينة عدن مركزا لصراعات سياسية وموقعا استراتيجيا اقتصاديا، لكنها عرفت قبل كل شيء بأنها مدينة الفن وحاضنة المبدعين، فساحليتها التي تحرسها الجبال الصهباء وحلتها الرملية الصفراء جلعتاها بامتياز مدينة ولادة لكوكبة من رواد الفن بأنواعه وعلى مدى عقود.
وشهد ثغر اليمن الباسم عدن معرضا فنيا جمع نخبة الفن العدني من فنانين تشكليين ورسامين ومبدعين، في مشاركة هي الأكبر من نوعها في تاريخ عدن، قدموا فيها لوحات جسدت هموما يمنية مختلفة عن الحرية والسلام والإنسانية والحرب، معرض أقامته جمعية ملتقى الألوان، وأريد له أن يتزامن مع ولادة سنة جديدة.
أوضح الفنان التشكيلي بسام الحروري، أحد المشاركين في المعرض لـ"بوابة العين" الإخبارية أن معرض جمعية ملتقى الألوان يأتي تزامنا مع بداية العام الجديد، وحمل مسمى "الفن عنوان حضارتنا"، والذي جاء بعدة مضامين وفلسفات ذات عمق، وقد شاركت في المعرض بلوحة الكوليرا التي تعبر عن وضع صحي سيئ، يعني حربا أخرى تأتي مع الحرب العسكرية.
وأضاف أن كل فنان شارك بالمعرض له مغزى معين، وكلها تسعى إلى نهضة هذا الوطن الفنية، والريشة سلاح ناعم له تأثيره القوي والفتاك.
وقالت الفنانة سارة الرشيد، مديرة مركز الثقافة والتراث في محافظة عدن، إن رسالتنا التي نقدمها أن عدن باقية رغم الحرب والدمار،
وإنها مدينة سباقة عن كثير من المدن العربية بالثقافة والفنون، وإن أبناء عدن المبدعين موجودون بفنهم ولن تهزمهم الحرب أو الأزمات والظروف القاسية.
قد تحمل الألوان التي تشكل لوحة واحدة صامتة ألف رسالة صارخة، فكل اللوحات التي ملئت جدران معرض جمعية ملتقى الألوان حملت بين إطارها الصغير همّاً كبيراً ورسالة معينة، كشفت عن فنانين يمنيين مبدعين حاولوا بالريشة واللون نقل صور متنوعة عن المجتمع العدني والواقع والطموح والحلم.
وتحدثت الفنانة التشكيلية أماني رفيق عمر مدي، عضو جمعية ملتقى الألوان، قائلة: "قد يتساءل البعض لماذا أقيم هذا المعرض في هذا التوقيت؟ لأننا نريد العام المقبل عاماً مختلفاً لمدينة عدن وأبنائها، ويكفيها ما مر بها وما شهدته مدينة الفن والجمال".
وأكدت أن "كل رسوماتنا في المعرض تحاول أن توصل أفكارا مختلفة، ونحن كفنانين نحاول دائما مخاطبة الناس عبر قلوبهم لا عقولهم".
وأضافت: "أعتقد أننا نجحنا في إيصال رسائلنا من خلال اللوحات المشاركة في هذا المعرض الفني، والذي احتوى الكثير على اللوحات والأعمال الفنية، وحمل عنوان "الفن عنوان حضارتنا"، حيث كان فيه للفنانين صوت ورأي قالوه وإن لم ينطقوا به، ومن خلال لوحات تنوعت مدارسها التشكيلية ومذاهبها الفنية.
ومؤكدين أن "عدن مدينة تستاهل التحرير والاهتمام، وهي لا ولن تنسى ذلك الفضل ولا أبناؤها".