لماذا يذكر الشيعه في الصلاة « حي على خير العمل » ولايذكره السنّة ؟
« حيّ على خير العمل » كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم جزءاً من الأذان والإقامة ، وبإعتقاد الشيعه انّ المراد من خير العمل ، هو ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام والعترة الطاهرة ، فانّ ولاية أهل البيت عليهم السلام والإعتقاد بإمامة الأئمّة الاثني عشر خير الأعمال ، بل هي شرط قبول الأعمال وترتب الثواب والأجر عليها ، بل قال بعض الفقهاء بأنّ الولاية شرط صحّة الأعمال والعبادات ، ولولا الولاية تكون الأعمال باطلة وغير مجزية كما ورد في كثير من الروايات المرويّة من طرق الشيعه والسنّة جميعاً. ففي كتاب المناقب عن [ تاريخ الذهبي ] و [ شرف المصطفى ] عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « لو أنّ عبداً عبد الله تعالى بين الركن المقام ألف عام ، ثمّ ألف عام ثمّ ألف عام ولم يكن يحبنا أهل البيت ، لأكبّه الله على منخره في النار ». وفي ينابيع المودة عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً : « لو أنّ رجلاً صفن بين الركن والمقام فصلّى وصام ثم لقي الله تعالى وهو مبغض لأهل بيت محمّد دخل النار ». [ أخرجه ابن السرى ] وفي ينابيع المودة عن [ مودّة القربى لمير سيد علي بن شهاب الهمداني ] عن علي المرتضى عليه السلام عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لو انّ عبداً عبد الله مثل ما قام نوح في قومه وكان له مثل جبل اُحد فانفق في سبيل الله ومدّ في عمره حتّى يحجّ ألف عام على قدميه ، ثمّ سعى بين الصفا والمروة ثمّ قُتل مظلوماً ثمّ لم يوالك يا علي لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها ».
ولمّا احسّ الخليفة الثاني بأنّ هذه الفقرة في الأذان والإقامة تحرّض المسلمين على ولاية علي عليه السلام وتدعوهم إلى الإعتقاد وبإمامته وكان ذلك مخالفاً لمشروعيّة خلافته ودليلاً واضحاً على بطلانها ، أمر بإسقاط هذه الفقرة من الأذان والإقامة بدعوى انّ الناس إذا علموا انّ الصلاة خير العمل تركوا الجهاد والقتال ولم يكتف بحذف هذا الفقره بل أمر بأن يقال في أذان الفجر الصلاة خير من النوم ، بدلاً من حيّ على خير العمل. وقد جرت هذه البدعة في أهل السنّة فتركوا سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحذفوا « حيّ على خير العمل » وعملوا ببدعة عمر بن الخطاب وأضافوا في أذان الفجر « الصلاة خير من النوم » ، مع أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يشرّعه في الأذان. وممّا يدلّ على أنّ
« حيّ على خير العمل » كان جزءاً من الأذان في عهد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. وفي خلافة أبي بكر ثمّ نهى عنه عمر ما رواه الطبري في [ المستبين ] عن عمر انّه قال : « ثلاث كن على عهد رسول الله أنا محرّمهن ومعاقب عليهنّ : متعة الحج ومتعة النساء وحيّ على خير العمل » ـ ورى في كنز العمال عن الطبراني كان بلال يؤذن بالصبح فيقول : « حي على خير العمل ».
وفي شرح التجريد للقوشجي ـ وهو من كبار علماء أهل السنة ـ في مسحب الإمامة روى أنّ عمر بن الخطّاب قال على المنبر : « أيّها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله أنا انهى عنهنّ واُحرمهنّ واُعاقب عليهنّ وهي : متعة النساء ومتعة الحجّ وحيّ على خير العمل ». وروى ذلك الفخر الرازي في تفسيره الكبير في ذيل قوله تعالى : ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ ... ) [ البقرة : 196 ]. وفي قوله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) [ النساء : 24 ]. وفي سنن الترمذي ج 1 / 382 عن مجاهد قال : « دخلت مع عبد الله بن عمر في مسجد لكي نصلّي فلمّا أذّن المؤذّن قال : في أذانه « الصلاة خير من النوم » فخرج عبد الله من المسجد وقال يا مجاهد أسرع في الخروج من عند هذا المبتدع ولم يصلّ عبد الله في ذلك المكان ». مضمون الحديث.
ويستفاد من أحاديثنا المروية عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام أنّ جملة حيّ على خير العمل سقطت من الأذان حينما ترك بلال الأذان للخلفاء إعتراضاً على غصبهم للخلافة. ففي كتاب [ من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق بسنده عن أبي بصير عن أحدهما ـ الباقر أو الصادق عليهما السلام ـ ] انّه قال : « انّ بلالاً كان عبداً صالحاً فقال لا أؤذّن لأحد بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فترك يومئذٍ حيّ على خير العمل ». ولا منافاة بين هذا الحديث وما دلّ على انّ عمر هو الذي أسقطها ، وذلك لأنّه لو كان بلال يؤذّن ويذكر حيّ على خير العمل في أذانه دائماً لما كان عمر يستطيع ان يسقطها ويحذفها بل كان موذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ أي بلال ـ يمنعه قولاً وعملاً.
وامّا انّ المراد من « حيّ على خير العمل » الولاية فقد ورد في أحاديثنا ذلك ففي وسائل الشيعه ج 5 [ أبواب الأذان والإقامة ] « انّ الصادق عليه السلام سُئل عن معنى حيّ على خير العمل ، فقال : خير العمل الوالية ». وفي رواية اخرى عن الصادق عليه السلام : « خير العمل برّ فاطمه ووُلدها عليهم السلام ».
وهناك رواية طريفة تذكر علة اسقاط « حيّ على خير العمل » من الأذان [ ففي وسائل الشيعه ج 5 ب 19 أبواب الأذان والإقامة ] سئل محمّد بن أبي عمير الإمام الرضا عليه السلام : « لماذا اسقطوا حيّ على خير العمل من الأذان ؟ فقال عليه السلام : أتريد العلّة الظاهرة أو الباطنة ؟ قلت اُريدهما جميعاً. فقال : أما العلّة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد اتكالاً على الصلاة. وأمّا العلّة الباطنة فانّ حي على خير العمل الولاية ، فأراد من أمر بترك « حيّ على خير العمل » من الأذان ان لا يقع حثّ عليها ودعاء إليها ».