كيف أثق بنفسي ؟
الثقة بالنفس سمةٌ مهاريةٌ مكتسَبةٌ ومتعلَّمة، وهذا يعني أنّ النّاس جميعهم قادرون على اكتسابِ هذه الركيزة واغتنامها واستثمارها في أنفسهم، وأوَّل خطوة يمكن من خلالها تحصيل الثقة بالنفس هي صدق الإرادة والدَّافعية، ويمكن بناءُ الثقة بالنفس وتعزيزها في الذات عبر طُرق عدة وخطواتٍ منهجيَّة بسيطة منها:
الصورة الذاتية: هذا المفهوم متعلِّق بمعرفة كافَّة جوانب القوة والضعف في الشخصية، وعوامل إقدامها ومعطِّلاتها، ومن ثمَّ رسم الصورة الافتراضيَّة التي يرغب صاحب الشخصية في تمثّلها في نفسه وشخصيته وذاته، والنظرة الإيجابيّة هنا مطلبٌ أساسي تضمن صياغة الشخصية المستقبلية بصورة مُثلى وقيمة مجزية.
تقدير الذات: التقدير المنبعث من الأمل والاستشراف الإيجابي لما ستكون عليه النفس والذات بعد حين، ويشمل الحب، والاحترام، والإعجاب بمقدَّرات الذات وصفاتها، والسعي لتطويرها، وتمكينها، والتجرُّد من الصفاتِ الدنيئة، والمسيئة التي قد تشوبها، والترفُّع عمَّا قد يجلب الكراهية والسخط لها.
صناعة الثقة وتحقيقها: ويكون ذلك بالرضى المبدئي عن الذات، وصفاتها، وخصائصها، وما هي عليه من مهارات وسلوكات، والتطلُّع نحو تغيير نقاط الضعف، واستبدالها بنقاط القوة، وجوانب الفخر والاعتزاز، والتعرُّف على ما يميز الشخصيَّة من صفات، ومهارات، تتفرَّد بها وإن كانت بسيطة، والإيمان بتميُّزِ كل فردٍِ بجانب معين لا يمتلكه الآخرون.
تعزيز الذات: وهو التعزيز المبنيّ على الإضافات الجديدة للشخص، بما في ذلك رفدُ الذات وتعليمها المزيد من الخبرات، والمعارف، والتجارب، والمواقف المعرفيّة والاجتماعيّة والسيكولوجيّة، وتعميم المفاهيم على المواقف الجديدة وإثراؤها وتطويرها، والتواصل المفيد مع الآخرين، وبناء علاقاتٍ جديدة.
اختزال العلاقات السلبية: من أهم معززات الثقة بالنفس الابتعاد عن البيئات السلبيَّة، والأشخاص المُحبطين والمتذمرين، فالمحيط السلبيّ يخلق جواً من الإحباط، والسلبيَّةِ، ويُحدِّد مهارات التفكير، والرضى، والإعجاب بالذات، وقد تكون البيئة السلبية مجموعة من الأشخاص كثيري التشاؤم والتذمّر، ويتقنون فنون الشكوى والاعتراض
مراجعة النّفس والعزم على التغيير: وهو أمرٌ مهم لتعزيز الثقة، وبنائها ورفعة شأنها، بدلاً من الحطِّ من قيمتها؛ بارتكاب بالمنكرات، والملهيات، والمشتتات الأخلاقية، واتباع الهوى، فإذا ما غرقت النفس في براثن الذنوب واتباع المعاصي، وسلّمت قيادتها لهواها غاب عنها الهدف، وتأخّر الإنجاز، وأنبتت سخطاً وذلاً وانهزاماً، أما إذا كانت النفس لوَّامة كثيرة المراجعة شديدة الحسابِ فإنها تنطلق بالنفس نحو الرفعة، والعزيمة عى التغيير، وبالتالي بالشعور بالثقة والرضى.
اتخاذ القرار: يشمل دراسة البدائل وتحديد أفضليتها، ومناسبتها للظروف المكانيّة، والزمانيّة، والذاتيّة، وتحديد الأولويّات.
ترك الخوف والقلق: فالإنسان الخوَّاف ضعيف، يأسر نفسه بين التسويف، والخشية، والنظر في المشكلات، بينما القوي المغامر صاحب النفس الواثقة لا يهاب التجارب والمغامرة، مِقدام وصاحب نجاحاتٍ عديدة.
ترك المقارنات: تُعدُّ مقارنة النفس بالآخرين من إحدى سلبيات الشخصية؛ إذ تحدّ من عزيمتها وتقلل من ثقتها، والواقع أنّ الناس متفاوتون في طاقاتهم وقدراتهم، ولن يبلغ أحد الكمال مهما سعى في ذلك، كما أنّ قصور الإنسان في أمر ما يجب ألا يسبب له الإحباط وإنكار الذات، فكما لكل نفس صفات تتفرد بها فإنّ لها قصوراً أيضاً في بعض الخصائص والملكات، ومن كان ينكر ذاته بسبب قصوره في أمرٍ ما فعليه ملاحظة جوانب القصور في الآخرين، فالمقارنة لا تكون على تمام الصفات وحسنها فقط.
تسويق الذات وتنميتها: إنّ الغاية من تسويق الذات إظهار مميزاتها، وجوانب قوتها، وقدراتها، وخبراتها، ومعارفها، وإظهار استعدادها للإنجاز والسعي، ولا يعني ذلك الغرور والرياء، بل هو صفة يبني الإنسان بواسطتها مستقبله، ويعزّز قيمته في الحياة، ويكون ذلك بإبراز جوانب الإبداع وإعمال العقل في ابتكار الحلول، ومساعدة الناس على حل مشاكلهم، وإظهار الفاعلية في النفع، والعمل الهادف والجاد.
م