يعتبر الدارمي من اكثر انواع الشعر العامي شيوعا في العراق
وذلك لسولة نظمة وكثرة شعرائه وبلاغة ابياته حيث يكتفي الشاعر
ببيت واحد ليعبر عن موضوع كبير يطول فيه الشرح والتحليل.
الدارمي : التاريخ والوزن والقافية (*)
يعتبر الدارمي من اكثر انواع الشعر العامي شيوعا في العراق
وذلك لسولة نظمة وكثرة شعرائه وبلاغة ابياته حيث يكتفي الشاعر
ببيت واحد ليعبر عن موضوع كبير يطول فيه الشرح والتحليل.
وتختلف ابيات الدارمي بجودتها وبلاغتها كما هي الحال مع اوزان اخرى
في الشعر العامي والفصيح . .
ومما ساعد في انتشاره في السنين الاخيرة ولع الشباب به وظهور
الهاتف النقال والرسائل القصيرة التي يتبادلها الاصدقاء والعشاق
حتى باتت ابيات الدارمي زادا يوميا لدى معظم مستخدمي الهواتف النقالة.
وفي ما مضى من الزمان كان يطلق على بيت الدارمي ( البسته ) وسمي كذلك
بغزل البنات . . وفق رواية تقول ان اول من قاله البنات . .
وكلمة ( الدارمي ) نسبة لقبيلة بني دارم العربية في جنوب العراق
متمثلة بفرج بن دارم الذي هو الجد الاكبر لعشائر الفريجات
كما جاء في بعض المصادر التاريخية:
(( ومن المعلوم ان هذة العشيرة اكتسبت هذا الاسم من الشيخ فرج الدارمي (رئيس هذة العشيرة) والتي كانت تسكن في منطقة ميسان والبطائح والطيب وخاصة منطقة ابو حلانة ونهر العوفية مركز محافظة ميسان في الوقت الحاضر وله من الاولاد (ثمانية) هم (خلف واحمد وحميد وسعيد والاخضر وربيع والازبك والادهم) وهم امتداد لهذه العشيرة التي امتدت فروعها الى مناطق عديدة في العراق ويرجع اصل هذه العشيرة الى (مجاشع بن دارم من زيد مناة من ربيعة) العدنانيه على احدى الروايات المعتبرة ويطلق عليهم (الدارميون) ومن المؤكد ان الشعر الشعبي الدارمي له علاقه مباشرة بهذه العشيره لأن منشأ الشعر الدارمي منطقة ميسان والذي يسمى في الوقت الحاضر (غزل البنات). ))
المصادر: عشائر العراق /العزاوي . وعشائر ميسان /الجويبراوي
والدارمي ينظم من شطرين متساويين
على وزن هو:
مستفعلن -- فعلان -- مستفعلاتن *** مستفعلن -- فعلان -- مستفعلاتن
----- صــــــــــــــــــــــدر ---- *** ------ عجــــــــــــــــــــــز ---
وتسمى التفعيلتان الاولى والثانية حشوا والثالثة عروضا في الشطر الاول
وتسمى التفعيلتان الاولى والثانية حشوا والثالثة ضربا في الشطر الاول
مستفعلن -- فعلان -- مستفعلاتن *** مستفعلن -- فعلان -- مستفعلاتن
-- حشــــــــــــــو -- عروض-- *** -- حشـــــــــــــــو -- ضرب --
اما الحرف الاخير او الاحرف الاخيرة في نهاية التفعيلة الثالثة فهي القافية.
وهذا هو الوزن الاول..
اذ ان هناك وزن ثان للدارمي لا يفرق عن الاول الا بحرف واحد في التفعيلة
الاخيرة حيث تصبح (مسبغة او مذالة) باضافة حرف قبل النون= مستفعلاتان.
مستفعلن -- فعلان -- مستفعلاتان *** مستفعلن -- فعلان -- مستفعلاتان
ودائما ما يكون الحرف المضاف حرف علة. مثال:
اتمنى لو رسام وارسملك اعيون ** كبر البحر واحتار اصبغها يا لون
حيث جاء الواو قبل حرف النون في التفعيلة الاخيرة لكل شطر.
وهوز عبارة عن حرف العلة التي تسبق الحرف الاخيرفي التفعيلة الوسطى
وبذلك يكون هذا النوع من الدارمي مقيدا بحروف العلة في هاتين التفعيلتين.
ووزن الدارمي وزن شعبي ليس له نظير في بحور الفراهيدي على عكس باقي الاوزان الشعبية
التي تلتقي بشكل او اخر مع بحور العروض..
وربما هو مشتق من بحر الرجز بتفعيلاته الثلاث مع بعض التغيير..
او ربما من بحر السريع باضافات معينة.
والسؤال : هل الدارمي فعلا مكون من بيت واحد بشطرين..؟؟
من خلال تدقيقي في هذا الوزن الجميل وجدت ان ما نسميه (بيت دارمي) هو في الحقيقة بيتان..!
لسببين: الاول صوتي القائي:
فنحن عندما نقراء البيت التالي:
رغم الكفر والموت لوصل للحسين *** متعني ولملكاه دمع تهمل العين
فتلاحظ اننا نقول:
رغم الكفر والموت........ ثم نسكت قليلا ونكمل .... لوصل للحسين...
متعني ولملكاه ............ ثم نسكت قليلا ونكمل .... دم تهمل العين ...
فهناك سكوت لثوان معدودة وسط كل شطر في نهاية التفعيلة الثانية.. ثم اكمال التفعيلة الثالثة.
والسبب الثاني عروضي:
وهو وجود حرفين ساكنين في نهاية التفعيلة الثانية يجبرنا على التوقف:
رغم الحقد والموْتْ........
متعني ولملكاْهْ ............
وهو ما نجده عادة في نهاية الاشطر للابيات...
وبذلك يجب كتابة البيت السابق هكذا:
رغم الكفر والموت ***** لاوصل للحسين
-- صــــــــدر --- ***** -- عجــــــــــــز--
متعني ولملكاه ***** دم تهمل العين
-- صدر --- ***** -- عجــــز ---
وتفعيلاته هي:
مستفعلن -- فعلان **** مستف --- علاتن
او:
مستفعلن -- فعلان **** مستف --- علاتان
اما القافية فهي تسمية تطلق على الحروف الاخيرة من آخر تفعيلة في الشطر
واخر حرف منها يسمى (حرف الروي) وهنا لا نقصد الحرف الاخير في القافية دائما...
اذ ان حروف الضمائر المتصلة مثل الهاء والكاف والتاء التي في نهاية التفعيلة الاخيرة
لا تعتبر من القافية..
ففي المثال التالي:
هجرك يبعد الروح خربط كياني
خلاني بالحسرات آنه وزماني
فان حرف النون في كياني وفي زماني هو الروي (القافية كما متعارف عليها).
وعليه فان حرف الروي ليس في نهاية البيت.
ولاحظ انه سبق بحرف علة وهو الالف وهو واجب الوجود في الشطرين.
فلا يمكن ان تقول:
هجرك يبعد الروح خربط كياني
خلاني بالحسرات آنه وحنيني
اي بابدال الالف بالياء ... رغم وجود حرفين متشابهين في نهاية الشطرين
هما (ني) فلاحظ ذلك.
كما اننا لو استبدلنا حرف النون وهو الروي في الشطر الثاني بغيره:
هجرك يبعد الروح خربط كياني
خلاني بالحسرات آنه وحياتي
سترى ان البيت غير مقفى.. رغم ان الشطرين ينتهيان بحرف هو (ي).
ولكن في هذا البيت:
كلي اشوكت يا زين جدمك علي عن *** لا علي تنشد يوم لا كلبك الحن
فهنا حرف النون هو الروي وهو في آخر التفعيلة.
وليس من اللازم ان تكون القافية بحرفين ابدا اذ ان حرف واحد يكفي كما في المثال السابق
لكن هناك شروط معينة تستوجب وجود حرفين لا داعي لذكرها الان ، لكن ذكرنا منها وجود حرف العلة في التفعيلة المذيلة قبل حرف الروي.
ووجود حرفين يسمى بلزوم ما لا يلزم مثال:
اتمنى اشوفك يوم وينك يالسمر *** اقبل ولو لحظات مر بس علي مر
فاتينا ب (مر) وهما حرفان اصيلان ليس منهما ضمير ...
ولكن لو قلنا:
اتمنى اشوفك يوم وينك يالشكر *** اقبل ولو لحظات مر بس علي مر
فان البيت مقفى... لوجود حرف الراء فقط في نهايتيه.
وعليه فان بيت الدارمي المشهور:
شفت الضوى امن ابعيد كلت احتركنا **** لمن وصلت البيت لن ولفي عدنا
غير مقفى..! لان الشطر الاول ينتهي ب (ك) والثاني ب (د) ولا قيمة لحرفي الضمير
المتصل (ها) ابدا فاعرف ذلك لكي تكون ابياتك رصينة.
ويعتقد البعض ان بعض القوافي ثلاثية او رباعية لانهم يحسبون فيها الضمائر وحروف اخرى
مثل:
هاي الطيور اشكد جميله الوانها *** غردتلي وسمعتني الحانها
بيها رقه وبيها آيات الجمال *** وبخصال اهواي ربك زانها
فان (انها) وهي اربعة احرف ليس فيها غير النون حرف روي.
لان الهاء في الاخير ضمير متصل والالف قبل النون رديف واجب الوجود..
حيث لا يصح قولك: وبخصال اهواي واضح زينها
بابدال الالف بحرف الياء...
كما لا يصح : وبخصال اهواي ربك زادها
بابدال النون بالدال...فانتبه لذلك حيث يقع الشعراء في الغلط في القوافي
منقول