لقد قاد الوهم الكيمائيين القدامى حتى ظنوا أن الزئبق الأسود يستطيع أن يحول المعادن إلى ذهب ، لكنهم اكتشفوا الحقيقة المُرة مع بروز العلامة المسلم أبو بكرٍ الرازي ، حيث استطاع في تلك الفترة أن يكتشف أن مادة الزئبق مادة سامة ، و ذلك من خلال تجارب أجراها على عدة قرود .
التعريف بالزئبق الأسود :
سائل الزئبق هو عنصر كيمائي ، عدده الذري 80 في الجدول الدوري ، و هو سائل فضي ، كثافته تساوي 13.54سم ، يتحول إلى لون فضي مائل للزرقة ، و يشبه الرصاص عند درجة حرارة معينة ، و هو يُعتبر موصل جيد للكهرباء ، حيث يُحدث وميض شديد عند إمرار شرارة كهربائية في بخاره ، و لديه خاصية إنتاج المجال المغناطيسي بدون الحاجة إلى ملفات ذات قلوب حديدية ، و يمكن تخزين الكهرباء بداخله ، و من أهم خواصه أنه يتمدد بالتسخين و ينكمش بالتبريد ، وهي خاصية جعلته يُستخدم في قياس درجات الحرارة .
يعتبر الزئبق الأسود من المعادن التي ذاغ صيتها كمعدن أسطوري ، يستطيع أن يحول الخيال إلى حقيقة ، و لكن لا أحد يعرف من الذي اكتشفه ، و لكنه كان معروفاً في الحضارات القديمة ، و قد قام الكثيرون بالبحث عنه ، لإعتقادهم أنه يمدهم بالطاقة ، والقوة ، والنفوذ ، كما استعان به الكثير من المشعوذين لخداع الناس على مر العصور ، و قام علماء اللغة بإطلاق لفظ ” الزئبق ” أو ” الشخص الزئبقي ” على الشخص كثيرالهرب و المراوغة .
أنواع الزئبق :
قام العالم المسلم جابر بن حيان بتقسيم مادة الزئبق إلى نوعين ، النوع الأول هو الزئبق الطبي الرمادي الذي يستخدمه الأطباء في قياس درجات الحرارة و قياس الضغط ، أما النوع الثاني فهو الزئبق الذي يتكون من جميع العناصر الكيميائية الموجودة في الجدول الدوري ، وقد أُطلق عليه الكثير من الأسماء مثل : الزئبق الفرعوني ، أو زئبق الكهنة ، أو الزئبق السحري .
سُمي الزئبق بالأسماء السابقة لإعتقاد الناس أن الفراعنة القدامى كانوا يضعون الزئبق في قارورة و يضعوه عند رأس الملك أو في رحم الملكة عند موتهم ، حيث تم العثور على قارورة بها سائل أحمر لزج عند رأس الملك آمون من الأسرة السابعة و العشرين التي حكمت مصر ، لإعتقادهم أن هذه القارورة سوف تمنحهم الكثير من القوة و تحرسهم من الجن ، و لكن علماء التاريخ اكتشفوا فيما بعد أن هذه القارة بها دم الملك ، و بفعل مرور السنوات عليها فقد تحولت إلى سائل لزج يُشبه الزئبق .
استغلال الدجالين للزئبق :
قام الكثير من الدجالين بإستغلال جهل الناس و رغبتهم في حب الخلود ، و وهموا الكثيرين بأن الجان يستخدمون الزئبق الأحمر ، و هو نوع من أنواع الزئبق الأسود يعمل على إطالة أعمارهم ، و حتى يتثنى لهم الحصول على هذا الزئبق من الجان لابد من إعطائهم الكثير من المال ، فكان الناس يدفعون الكثير من الأموال لهؤلاء المشعوذين ، و يحصلوا منهم على سائل مغشوش، حُباً في الخلود الأبدي .
ومن القصص المثيرة للدهشة ، ما حدث في قرية شبرا شهاب بمحافظة القليوبية بجمهورية مصر العربية ، حيث انتشر بين الناس أن هناك ساحر من الكاميرون يقوم بتوليد الدولارات ، مما جعل جميع شباب القرية يتسارعون في مقابلته طمعاً في الثراء ، و قد استطاعوا بالفعل أن يجمعوا ألف دولار و ذهبوا لمقابلة الساحر ، الذي قام بأخذ الدولارات و سكب عليها سائل أحمر ، فتحولت إلى ألفي دولار .
اكتشاف الزئبق الأسود :
تم اكتشاف الزئبق الأسود عن طريق مجموعة من العلماء في روسيا ، بعد قيامهم بالكثير من الأبحاث ، و هو يُستخدم في صناعة القنبلة النووية ، ولذلك فهو باهظ الثمن ، و يرجع ذلك إلى ارتفاع كثافته ، فهو يُعتبر أعلى كثافة مقارنةً بكافة العناصر الأخرى ، حيث تبلغ كثافته 32 سم مكعب .