هل رأيت كماناً استحال يوماً سلاحاً؟ أو سمعت بموسيقيّ فجر نفسه بعد أن غرس ديناميتاً بـ.. فمه ليتناثر بعدها أشلاءً ونوتاً..؟ أو أن جمعاً من العازفين تحلّقوا بعد البروفات ليخططوا لفعلٍ ينتهك الحياة..؟ تخيل معي أن مارسيل خليفة مهتم بصنع قنبلة بدائية أطلق عليها اسم "طفل وطيارة"! أو أن فيروز فخخت نفسها ذات صباح ثم صرخت بأغنيتها قبل أن تتمزق: "مش فارقة معاي"..! هل من المحتمل أن تجد صورة زياد الرحباني مبتسماً ضمن المطلوبين على قوائم إرهاب البشر وقد كتب فوق رأسه "أنا مش كافر"؟.. أن يوزع طلال مداح الكُره على العالم وهو يغني "أنا راجع أشوفك".. أو أن تُميت "رسايل" محمد عبده الإنسان فينا..؟ عنّي، لم أشعر يوماً بعد سماعي للحن جميل أن علي أن ألتفت لمن بجانبي بوجهٍ يكاد ينفجر تشدداً قائلاً: "هيا، علينا أن نقطف رأس شخص لا يشبهنا بمكان آخر في هذا العالم اللعين".. لا يمكن أن تفعل الموسيقى بالحياة قبحاً كهذا، فهي تنزع فتيل البُغض، تؤسّس لِحالة من السلم الإنساني، تحاول جاهدة التوسط بين صراعاتنا التي نرتكبها على الدوام.. هي الفعل النادر المتفق عليه بين البشر.. لذا يا صديقي، الكرنفال الذي تحتفل فيه بوأد الفن لن يغير من توق الإنسان تلقائياً نحوه منذ عهود أغنياته الأولى، واستعراضك حين تجتمع مع صحبك المهتمين بتجميع الآلات الموسيقية لتكسيرها على الملأ ومطالبتهم بالتكبير معك وكأنك تصنع مجداً لن يبدل من تذوقهم للإبداع .. آلة العود المسكينة التي سحقتها تحت قدميك مبتهجاً، ليست مذنبة، والمشاكل التي تعتقدها لا دخل لما ترتكبه من تحطيم بحلها.. ما تعتقده أنت من بطولات صنعتها حين خلقت عدواً وهمياً لتمارس عليه حربك هي : وهم !ليست أبعد من ذلك.
الكاتب السعودي / فيصل العامر