النظرية الكميِّة، أو الحركة الكمِّية أو ميكانيكا الكم، أيّاً كانت ومهما اختلفت التسمية، تظل جميعها مُسميات لأكثر نظريات الفيزياء تعقيداً وجنوناً إن صح التعبير. موعدنا مع النظرية الكمِّية التي تأخذنا وتغوص بنا إلى عالمٍ متناهي الصغر لأصغر الأشياء من حولنا، إلى عالم غير مرئي، إلى عالم الذرات، عالم أشبه بثقبٍ أسود تختفي عنده مفاهيم فيزيائية مُتعارف ومتفق عليها علمياً وعالمياً ومنذ قديم الأزل.
كي تقرأ هذا التقرير وتستوعب مافيه، يجب أن تدرك أنك لست في عالم الواقع حرفياً. بمعنى؛ ضع كافة المفاهيم العلمية والفيزيائية جانباً، ثم اذهب بعقلك ومخيلتك لهذا العالم المتناهي الصغر، واستعد لأغرب ماقيل في الفيزياء من حولنا.
معنى الكَمْ: هو مُصطلح فيزيائي يُستخدم لوصف أصغر كمية من الطاقة، يُمكن تبادلها بين الجسيمات أو الجزيئات أو الإلكترونات، والتي تنبعث بشكلٍ مُتقطع.
تفسير كوبنهاجن: يعتمد تفسير كوبنهاجن لميكانيكا الكم على أنها نظرية تصف عالم صغير وتعتمد على الرصد والقياس التي تؤثر على سلوك النظام الكمِّي لا الواقع، وتسبب ما يعرف بـ “انهيار الدالة الموجية“.
تاريخ النظرية الكمية
بدأت في أوائل القرن العشرين، حين لاحظ العلماء سلوك الضوء بعد تسخين غاز في أنبوب زجاجي حاول مجموعة من الفيزيائيين تفسير هذا التساؤل:
“لماذا الضوء الصادر من الغاز والمار من خلال موشور -منشور زجاجي- يعُطي خطوط مستقيمة ضوئية صحيحة، وليست أطياف خافتة وموزعة؟”
كان الفيزيائي المعروف “نيلز بور” هو أول من تكهَّن بأن التفسير الوحيد يَكْمُن في قلب مادة، أي في تركيب الذرّة نفسها، كان اقتراحه لتركيب الذرة هي أنها تشبه كثيراً الكواكب في النظام الشمسي. بمعنى أن الذرة مُكونة من نواة تدور حولها إلكترونات سالبة، كدوران الكواكب حول الشمس، لكن تلك الإلكترونات ليست ثابتة في مداراتٍ رئيسية، وإنما يُمكنها القفز، أو الانتقال من مدارٍ لآخر.
وفي حالة التسخين أو تعرض الذرة لدرجة حرارة تُصبح تلك الإلكترونات مُحفزّة وتقفز من مدارها لمدارٍ آخر حول النواة، ومع كل قفزة من المدار تُنتج الإلكترونات طاقة، هذه الطاقة تنبعث في شكل ضوء بموجات طولية مُحددة وفقاً لقرب الإلكترون أو بعده عن النواة، مُطلِقة بذلك أضواء مختلفة يُطلق على حالة القفز هذه للإلكترون اسم “القفزة الكمِّية”.
معلومة: لكل إلكترون طاقة صغيرة مُحددة، ومنفصلة لا يمكن تقسيمها، هذه الطاقة تجعله يشغل مدارات بعينها، وليس كل المدارات في الذرة يُمكن للإلكترون القفز إليها، وتسمى تلك الطاقة المُتحكمة في سلوك الإلكترون اسم “الطاقة الكمِّية”.