1. حدود أرض الموعد:
أ. لم يترك الشعب يحدد كيفما شاء بل حدد تخومها من كل الاتجاهات، فهي في نظر الله لها أهميتها الكبرى إذ تمثل "ظلّ الخيرات السماويّة"، ورمز أورشليم العُليا. هذه الأرض متسعة جدًا لم يملكها الشعب إلاَّ في عهدي داود النبي وسليمان الحكيم (2 أي 9: 26).
ب. إن سرّ عظمة الأرض لا في اتساع حدودها ولا في سلطان ملوكها لكن في كونها مركز العبادة الإلهيّة زمانًا حتى يخرج القضيب الذي من أصل يسَّى ويملك على قلوب البشريّة. يقول المرتل "الله معروف في يهوذا، اسمه عظيم في إسرائيل، كانت في ساليم مظلته، ومسكنه في صهيون" (مز 76: 1).
ج. وجود حدود للأرض إنما يشير إلى وضع شروط معينة للداخلين إلى أورشليم العُليا، فهي وإن كانت متسعة يمكن أن تضم كل البشريّة لكنه لا يدخل فيها شيء دنس أو نجس (رؤ 21: 27). إنها كنيسة مجيدة لا دنس فيها (أف 25: 7). لهذا كانت الوصيّة مشددة للغاية "لا تدنسوا الأرض التي أنتم فيها... ولا تنجسوا الأرض التي أنتم مقيمون فيها التي أنا ساكن في وسطها. إني أنا الرب ساكن في وسط بني إسرائيل" (عد 35: 33-34). وفي سفر إرميا يوبخهم الرب قائلًا: "لأنهم دنسوا أرضي" (16: 18). هذه هي الحدود، إنها أرضه ومسكنه، من يدخل بدنس إليها يقتحم مملكة الله وأرضه!
د. وضع لهم حدودًا وتحصينات طبيعيّة، البحر الكبير (الأبيض المتوسط) في الغرب، وبحر الملح أي البحر الميت من نحو الشرق... إلخ.، وبريّة صين من الجنوب... إلخ.
2. الوارثون لها:
لقد حدّد الوارثين لها وهم التسعة أسباط والنصف الآخر لسبط مَنَسَّى، أما سبط رأوبينوجاد ونصف سبط مَنَسَّى فلا يرثون فيها شيئًا، إذ يقول عنهم: "لأنه قد أخذ... قد أخذوا نصيبهم... قد أخذوا نصيبهم في عبر الأردن شرقًا". إنه يكرر اختيارهم الأرض التي يريدونها بأنفسهم ثلاث مرات، اختاروا لأنفسهم فلا يتمتعون بما اختاره الرب لشعبه. حين يعيّن لنفسه بإرادته الذاتيّة يُحرم من بركات العطايا الإلهيّة.
3. هيئة التقسيم:
حدَّد الرب هيئة التقسيم بالأسماء: رئيس الكهنة ألِعازار، يشوع بن نون القائد الأعظم، ورئيس عن كل سبط من الأسباط الوارثة للأرض حدَّدهم بأسمائهم. وكان لا بُد أن يكون في مقدمتهم كالب بن يفنة الذي جاء مع يشوع حاملًا عنقود العنب إلى الجيل السابق منذ سنوات طويلة! الأرض ليست غريبة عنه فقد دخلها قبلًا وذاق ثمرها وشهد لها مقدمًا عربونًا لثمارها. . هذا هو عمل الإنسان المسيحي أن يدخل الملكوت ويعيشه ويتمتع بثمره مقدمًا عربونًا لإخوته... حتى متى جاء يوم الرب العظيم يتلألأ اسمه ككوكب منير، ويدخل حضن الله بدالة لأنه متمتع به قبلًا، وليس بغريب عنه.
قلنا أن يشوع رمز ليسوع المسيح القائد الأعظم لدخول الملكوت الأبدي، وألِعازار تعني "الله أعان" أعاننا بابنه الوحيد الذي نزل إلينا وحملنا فيه لننعم بملكوته. أما كالب فمشتقة من "قلب" وتشير إلى إخلاص القلب وغيرته في التمتع بالميراث الأبدي. وهكذا بقية أسماء الرؤساء تحمل معنى وتكشف عن سمات الذين ينعمون بالميراث ويسندون إخوتهم في التمتع به:
"شَموئيل" يعني "الله قد سمع"،
"ألْداد" يعني "من يحبه إلهي"،
"بُقِّي" يعني "من يختبره الرب"،
"حَنّيئيل" يعني "الله حنان"،
"قَموئيل" يعني "مجمع الله"،
"أليصافان" يعني "إلهي أخفى"،
"فَلطيئيل" يعني "الله قد نجى"،
"أخيهود" يعني "أخي عظيم"،
"فَدَهئيل" يعني "الله افتدى"،
في اختصار هذه الأسماء تكشف عن سمات الملكوت الأبدي بكونه هو عمل الله الفادي، وثمرة استماع الله لنا في ابنه، وسرّ محبته لنا فيه، وحنانه علينا، الذي ينجينا. إنه يعطى لمجمع القدِّيسين في الله، المجمع الخفي فيه، فيه يرى كل منا أخاه عظيمًا فيفرح ويُسَرّ بأمجاد الآخرين.