بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
[جاء عن الشيخ القمي[حيث قال: إن الإمام علي (عليه السلام) لما نفض يده من تراب القبر قبر الزهراء (عليها السلام) هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خدّيه وحوّل وجهه إلى قبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فقال: السلام عليك يا رسول اللّه، السلام عليك من ابنتك وحبيبتك و قرّة عينك وزائرتك، والبائتة في الثرى ببقيعك، المختار اللّه لها سرعة اللحاق بك، قلّ يا رسول اللّه عن صفيتك صبري، وضعف عن سيدة النساء تجلّدي الّا أنّ في التأسي لي بسنّتك والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضع التعزّي، ولقد وسّدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري، و غمّضتك بيدي، و تولّيت أمرك بنفسي.
نعم وفي كتاب اللّه أنعم القبول، إنا للّه و إنا إليه راجعون قد استرجعت الوديعة و أخذت الرهينة واختلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول اللّه أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهّد لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار اللّه لي دارك التي فيها أنت مقيم، كمد مقيّح، وهمّ مهيّج، سرعان ما فرق اللّه بيننا وإلى اللّه أشكو و ستنبئك ابنتك بتظاهر أمتك عليّ وعلى هضمها حقّها فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً وستقول ويحكم اللّه و هو خير الحاكمين.
سلام عليك يا رسول اللّه، سلام مودع و لا قال، فإن أنصرف فلا عن ملالة و إن أقم فلا عن سوء ظنّي بما وعد اللّه الصابرين، الصبر أيمن و أجمل و لولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، والتلبّث عنده معكوفاً، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة، فبعين اللّه تدفن بنتك سرّاً، و يهتضم حقها قهراً، ويمنع إرثها جهراً، ولم يطل العهد و لم يخلق منك الذكر، فإلى اللّه يا رسول اللّه المشتكى وفيك أجمل العزاء، فصلوات اللّه عليها و عليك و رحمة اللّه و بركاته.
و نقل العلامة المجلسي عن مصباح الأنوار مرويّاً عن الصادق (عليه السّلام)عن آبائه الكرام أنّه: لما وضع أمير المؤمنين (عليه السّلام)فاطمة (عليها السّلام)في قبرها، قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم، بسم اللّه و باللّه و على ملّة رسول اللّه محمد بن عبد اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) سلمتك أيتها الصدّيقة إلى من هو أولى بك منّي ورضيت لك بما رضى اللّه تعالى، ثم تلى: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } [طه: 55].
فلما دفنها أمر برشّ الماء على القبر ثم جلس عنده بقلب كئيب حزين، وعين دامعة فجاء إليه عمّه العباس فأخذ بيده ونحّاه عن القبر.
قال الشيخ الشهيد في مزار الدروس: ويستحب زيارة فاطمة (عليها السّلام)ابنة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وزوجة أمير المؤمنين وأمّ الحسن و الحسين (عليهما السّلام).
قالت (عليها السّلام): «و أخبرني أبي أنّه من سلّم عليه وعليّ ثلاثة أيّام أوجب اللّه له الجنة، فقيل لها: في حياتكما؟ قالت نعم و بعد موتنا»، و ليزر بيتها والروضة والبقيع.
ولدت (عليها السّلام)بعد المبعث بخمس سنين وقبضت بعد أبيها (صلّى اللّه عليه و آله) بنحو مائة يوم.
قال العلامة المجلسي: روى السيد ابن طاوس- رحمه اللّه- أنّه من زار فاطمة (عليها السّلام)فليقل:
السلام عليك يا سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا والدة الحجج على الناس أجمعين، السلام عليك أيتها المظلومة الممنوعة حقها (ثم ليقل) اللهم صلِّ على أمتك و ابنة أمتك و زوجة وصي نبيك صلاة تزلفها فوق زلفى عبادك المكرمين من أهل السماوات و أهل الأرضين.
فقد روي أنّ من زارها بهذه الزيارة و استغفر اللّه غفر اللّه له و أدخله الجنّة.
..واعلم أنّ لها أربعة أولاد: الإمام الحسن، و الحسين (عليهما السّلام)، وزينب الكبرى، وزينب الصغرى، وكنيتها أمّ كلثوم (سلام اللّه عليهم أجمعين)، وكانت حاملة بطفل قد سمّاه النبي (صلّى اللّه عليه و آله) محسناً و قد سقط بعد وفاته.
قال الشيخ الصدوق في معنى قوله (صلّى اللّه عليه و آله) لعليّ (عليه السّلام): إنّ لك كنزاً في الجنّة وأنت ذو قرنيها، قال: قد سمعت بعض المشايخ يذكر أنّ هذا الكنز هو ولده المحسن (عليه السّلام)وهو السقط الذي ألقته فاطمة (عليها السّلام) لما ضغطت بين البابين.