الأناجيل الأربعة
قصر عظيم وفخم على ربوة عالية ومن جهاته الأربعة وقف أربعة أشخاص ينظرون إلى هذا القصر, وطلب من هؤلاء الأربعة أن يصفوا لنا القصر.. فكل شخص وصف ما رأي .. فهل يكون الكلام متشابه؟ بالتأكيد .. لأن القصر واحد.. هل يكون هناك اختلافات في السرد.. أيضا بالتأكيد لأن الزاوية –زاوية الرؤية مختلفة.
وإذا كان هؤلاء الأشخاص واحد منهم رسام والثاني طبيب والثالث فيلسوف والرابع محاسب.. فكيف تكون الرؤيا.. بالتأكيد سيكون هناك تشابه ولكن أيضا الاختلاف سيكون أوضح وأشمل وذلك لاختلاف الشخصيات التي تصف ذلك القصر.. هذا المثل نستطيع أن نطبقه على الأناجيل الأربعة بكل بساطة
أربعة أناجيل يرون قصة شخص واحد.. لماذا ؟
لأن اختلاف الرؤيا والتنوع يعطي أبعادا كثيرة لخدمة القارئ
لأن القارئ تختلف هويته من بلد الى بلد ومن عقيدة الى عقيدة لأن أي حدث يمكن أن تعرف صدقه إذا كان هناك أكثر من شاهد عليه.. وهؤلاء أربع شهود منهم ثلاث شهود عيان والرابع يقول في البداية (بحثت بالتدقيق).
لأن الأربعة كل واحد كتب لفئة من الناس تختلف عن الفئة التي كتب بها الآخرون.. والهدف كان مختلف والاهتمام كان مختلف .. لنرى ذلك بالتفصيل
والجدير بالذكر أن الانجيل بمعنى الخبر السار.. فالمسيح عندما قال توبوا وآمنوا بالانجيل لم يقصد أن هناك انجيل منزل عليه وعليهم أن يسمعوه ويؤمنوا به بل أراد أن يقول أن لديه خبر سار يجب أن يؤمنوا به وهو أنه قد اقترب ملكوت السماوات بوصوله الى الأرض.. لقد أراد أن يقول ان كل المواعيد قد اقتربت وكل وعود الله لشعب اسرائيل ها هي قد أتت وهذا هو الخبر السار الذي أراد المسيح أن يقوله أما الأناجيل الأربعة فهي أربع شهود نقلوا الى أربع فئات مختلفة من الناس ذلك الخبر السار الذي أتى به المسيح الى العالم وأول هؤلاء الشهود هو متى
وهو واحد من التلاميذ الاثني عشر.. شاهد عيان عاش مع المسيح أغلب أوقات خدمته..
لمن وجه متى انجيله؟ لقد كتب انجيله الى اليهود يحاول أن يقول لهم أن المسيح هذا هو شخص حقيقي جاء الى العالم لأجلكم وأنتم تنتظرونه ولكنكم رفضتموه.. لذلك نجد متى دائما يستند الى التوراة في أحاديثه.. ودائما يقول عبارة ( كما هو مكتوب) الأمر الذي لم يفعله بقية أصحاب الأناجيل لأنهم لم يوجهو رسالتهم الى اليهود لذلك التوراة لم تكن بذات أهمية بالنسبة لجمهور القراء الآخرين.
ولقد كتب متى محاولا أن يقول ان المسيح هو ابن داود الملك المنتظر.. وأيضا النبي المنتظر, ركز على يوحنا الذي أتي ليكون صوت صارخ في البرية ليعد طريق المسيح
اهتم مرقس بالرومان وكان انجيله موجه لهم.. وهو أيضا شاهد عيان الى حد كبير.. لقد كان صبيا وأمه من ضمن الذين كانوا يتبرعون بالمال للمسيح حتى تستمر خدمته.. والصلاة الأخيرة كانت في عليه ببيته.. لذلك عاش الصبي الصغير وهو يعرف ما يدور من حوله.. ربما كتب الانجيل وهو يبشر في مصر وربما قبل ذلك لكن كان مرقس يبشر الرومان والدولة الرومانية .. لذلك جاء انجيله مختصرا وخالي من الاقتباساتالتوراتية التي لا يفهمها الرومان.. وأراد أن يوضح للرومان أن المسيح هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يخلص البشر فهو ابرز المسيح الخادم
ذلك الطبيب اليوناني الذي تتبع كل شئ بالتدقيق فكان المؤرخ الدقيق الذي كتب انجيله لليونان وأراد أن يقول ان المسيح هو ابن الانسان الذي بدونه لا خلاص..
وأخيرا يوحنا
ذلك التلميذ الذي كان يسوع يحبه فجاء انجيله تحفة فنية رائعة أراد أن يقول لكل العالم أن المسيح جاء لكل العالم لكي يعطي الخلاص.. أراد أن يحدد بداية المسيح فهو الذي قال في البدء كان الكلمة وبهذا أوضح لنا المسيح الكلمة .. كلمة الله وروح منه
ويوجد أيضا رسالة العبرانيين والتي أوضحت بصورة كبيرة رسالة المسيح الى العالم..
هذه هي الأناجيل الأربعة والجدير بالذكر أن هذه الأناجيل الأربعة كتبها أناس الله القديسون مسوقين بالروح القدس.. فالجانب البشري لا يمكن انكاره, ولكن بوحي من روح الله القدوس..