تنتشر في أوساط المجتمع الإسرائيلي، خصوصاً الشباب، خلال السنوات القليلة الماضية، موجة جديدة تتمثل في التوجه نحو عبادة الآلهة الوثنية القديمة، كإله الحرب وإله الخصوبة وعبادة قوى الطبيعة وسواها.
وثنيون في الحرب على غزة
اعتناق الفكر الوثني والتوجه صوب عبادة الآلهة الوثنية في إسرائيل، جاءا نتيجة إحباط الشباب من وجود الخلاص في الديانة اليهودية. يقول المجند في الجيش الإسرائيلي ويدعى عمر (20 عاماً)، بحسب ما ذكرت صحيفة "هاآرتس" العبرية، في تحقيق عنوانه "الآلهة الجديدة للشباب الإسرائيلي"، إنه كان دائماً يخصص جزءاً من وقته للصلاة أثناء مشاركته في العمليات العسكرية على قطاع غزة. لكن ما يجعله مختلفاً عن الآخرين أنه يؤمن بآلهة وثنية، إذ أعلن إيمانه منذ سنوات، بنحو 3 آلهة قديمة، كان يرى طيفها أمامه خلال الحرب، وهذا ما منحه القوة خلال اللحظات الصعبة التي مر بها، كما يقول. وأضاف أنه ينتمي إلى ديانة تحاول تجديد خلاص الآلهة القديمة، التي اعتاد القدماء على عبادتها في العالم القديم.
بينما قال جندي آخر إنه أثناء العمليات العسكرية في قطاع غزة، أدى صلوات للإلهة "عنت" إلهة الحرب عند الكنعانيين.
ما هي العبادة الوثنية؟
المعتقد الجديد الذي بدأ ينتشر بين الشباب الإسرائيليين يطلق عليه مصطلح "بيجانيزم"، وهو معتقد مركب من مجموعة متنوعة من الديانات والمعتقدات القديمة، تقوم في معظمها على طقوس وثنية.
وتقول الباحثة رينات كورفيت في تقرير هآرتس المذكور إن لدى معتنقي الديانة الوثنية في إسرائيل رغبة في أخذ جوهر الوثنية القديمة، ومنحها لباساً حديثاً يتوافق مع التكوين الفكري والثقافي للأشخاص في العصر الحديث. وأضافت الباحثة أن العديد من معتنقي هذه الأفكار، أقاموا مذابح لتقديم القرابين لتلك الآلهة داخل منازلهم.
الموقف من اليهودية
وبسبب حساسية الديانة اليهودية بالنسبة إلى عبادة الأوثان، فإن معظم "البيجانيم" الإسرائيليين لا يكشفون عن معتقداتهم، إلا لأمثالهم من معتنقي هذه الديانة.
يقول ألون كوفيتس (29 عاماً)، من منطقة رحوفوت، في التقرير نفسه، إنه قرر التغلب على حالة الخوف التي يعاني منها أمثاله داخل المجتمع الإسرائيلي، لافتاً إلى أن هناك البعض من معتنقي الديانات الوثنية، يعيشون وسط عائلات متشددة دينياً، ولذلك لا يستطيعون إخبار عائلاتهم بأنهم لا يؤمنون باليهودية، لأن هذا الأمر من الممكن أن يؤدي إلى قطع رؤوسهم.
انجذاب نحو "الويكا"
أشارت صحيفة هآرتس إلى أنه خلال العقد الماضي، بدأت مجموعات من الشباب الإسرائيلي بالشعور بالانجذاب نحو معتقد "الويكا". وهو المعتقد الذي تأسس قبل نحو 50 عاماً في إنجلترا، ويقوم على أساس عبادة قوى الطبيعة والآلهة القديمة.
وبحسب مدير موقع "ويكا إسرائيل"، في تصريحات لموقع "والا" الإسرائيلي، في مارس 2009، فإن نحو 150 إسرائيلياً يرون أن العبادات الوثنية أو عبادة قوى الطبيعة، هي الطريق الأفضل نحو الفلاح والخلاص. وأضاف أن أنصار "الوثنية الجديدة" يعتبرونها "ديانة تعددية"، يمكن لأي مؤمن بها أن يبلور لنفسه طريق الخلاص الخاص به.
وقال بعض المعتنقين لهذا المعتقد في لقاءات مع صحيفة "هاآرتس"، رفضوا الكشف عن أسمائهم، إنهم يعتنقون معتقداً مناقضاً لليهودية، ولا يعتبرون أنفسهم يهوداً.
يقول مدير منتدى الوثنية الإلكتروني في إسرائيل، الذي يدعى صموئيل، في تقرير "والا"، بعنوان "آلهة الشباب الإسرائيلي الجديدة": "اليهودية ديانة اصطناعية، شيء يفرض على الإنسان، لديها قواعد صارمة، هناك إله واحد فقط، وإذا لم تؤمن به فسوف تتعرض للرجم بالحجارة".
ويضيف صموئيل (31 عاماً)، عن طريقة اختيار الإله في الوثنية الجديدة، أن كل شخص يمكنه اختيار إلهه وفقاً لانجذابه الشخصي، فهناك الكثير من الخيارات. وتابع الشاب الذي يعمل في مجال تصميم المجوهرات، أن لا أحد يخترع آلهة جديدة، كل ما على الشخص هو القراءة. قراءة الأساطير القديمة، والتعرف إلى إله أو إلهة، والانضمام إليه، ثم التحدث معه.