كثيراً ما نسمع عبارة :
لا .. لا يبوح الورد باحتياجه للماء .. فإما أن يسقى أو يموت بهدوء
حتى إنها صارت مثلاً عند البعض يردده في كل وقت .. لكن هل هذه الكلمات صحيحة ؟
تأملت هذه الكلمات في هذا الصباح فعرفت إنها بعيده كل البعد عن الحقيقة والصدق
فمستحيل ان يحتاج الورد للماء في الصباح ويفارق الحياة في المساء !
صحيح ان الورد لا يتكلم اذا احتاج للماء .. لكنه يعطينا مقدمات انه يحتاج إلى ان يسقى قبل ان يموت
ان الورد اذا لم يسقى يبدا في إرسال جذوره في كل مكان بحثاً عن الماء
فان لم تجد جذوره الماء فانه يبدا في الذبول التدريجي .. فتصفر أوراقه ثم تجف قبل ان يموت ويصبح هشيماً تذروه الرياح
ان رحلة جذور الورد في البحث عن الماء بعيدة ، وكذلك مرحلة الذبول والاصفرار التي تتبعها مرحلة الجفاف
كلها مراحل طويلة تحتاج إلى أيام بل إلى أسابيع قبل ان يموت الورد
والسؤال المهم هنا .. أين كنا عن الورد في كل هذا الوقت ؟ لماذا تركناه بدون ماء ؟
لماذا تركناه يبحث عن الماء في أماكن بعيدة عنا دون ان نسقيه ؟
لماذا تركناه يذبل ويصفر أمام أعيننا دون ان نحرك ساكناً تجاهه ؟
اوبعد كل هذه المقدمات والعلامات نلوم الورد لأنه لم يبوح لنا انه بحاجه للماء !
معذرة لك واليك أيها الورد البريء .. فكم أخطأنا في حقك ؟
سبحان الله
ما أشبه حياة هذا الورد المسكين بحياة بعض الأشخاص
انهم يحبون بصدق .. حتى اذا تمكن الحب من قلوبهم
يُحبس عنهم ماء الحنان .. فيبحثون عن قطرة منه تروي جفافهم العاطفي فلا يجدون
عندها تصاب عواطفهم ومشاعرهم وأحاسيسهم بالجفاف والذبول !
أولو سقينا جذور ذلك الحب بماء الود والعطف هل تراها ستبحث عنه عند غيرنا ؟ أو تبتعد عنا ؟
لماذا نرسم للحب أحلاماً وردية ونعطيه الوعود تلو الوعود ثم نقذف به مثل الورد الجاف الملقى على قارعة الطريق ؟
لماذا ندوس الحب بأقدامنا ونعتبره مثل الورد الذي فارق الحياة فاصبح بلا فائدة ؟
لماذا يقتل الحب بعدم المبالاة وباسم الغيرة والشك والوهم الذي لا أساس له في الواقع ؟
إعراض وجفاء ثم صد بدون رد .. ونهايتها ندم لأنه لم تكن هناك صراحة ومكاشفة من البداية فكل ما كان تلميح لا تصريح
يا الله .. كم هي قاسية قلوب بعض البشر ! أتسأل لماذا هي قلوب تتحجر ؟ وقد كنت أظن ان ماء الحب بسرعة منها سيتفجر ؟
لكن يبقى الفرق الوحيد بين موت الورد وموت الحب ان الورد اذا مات لا يمكنه ان يعود للحياة من جديد
لكن الحب الحقيقي المغلف بالعفاف لا يمكن ان يموت .. حتى وان مرض فستظل بذوره مدفونه في القلب مدى الحياة
فاذا أحست تلك البذور بالعاطفة الصادقة يوماً فستتحرك تجاهها وستنبت وستزهر ورداً من جديد
فهل فهمتم كلماتي التي أود إيصالها إلى قلوبكم .. وهذا ما كنت أريد ؟
مما راق لي