النزاع في الحياة الزوجية :من المسائل التي تؤدي إلى نشوب النزاع في الحياة الزوجية ، خاصة لدى الشباب هي الإختلاف في الرؤى والنظرة إلى الحياة ، وهذه المسألة لا تتوقف عند الشباب بل إنها تنسحب أيضاً لتشمل أعماراً أكبر .
يخوض الشباب مع الفتاة تجربة الزواج المثيرة ولدى كل منهما رؤاه وأحلامه وآماله العريضة ، وعادة ما يغطّي الخيال مساحة واسعة من معلومات كل منهما عن الطرف الآخر . وعلى هذا الأساس يبدآن ببناء حياتهما المستقبلية في جهل بإمكاناتهما وقدرات كلٍّ منهما .
ولكن ، بعد أن يقضيا شهرين أو عامين في هدوء تبدأ مرحلة من الحساب والتقييم ومراجعة الأمور ، حيث تبدّد الشمس ضباب الخيال والأوهام ، وعندها تترسب في الأعماق تراكمات السلوك ، ويسعى خلالها كل طرف التغاضي عنها والسكوت عليها ؛ وفي لحظة اشتعال الشرارة ينفجر الموقف وتظهر إلى السطح جميع العقد الدفينة ، ويبدأ فصل من النزاع والمواجهة .
وتؤكد البحوث بأن النزاع قد ينشب في بدايته حول بعض التفاصيل
التافهة ثم سرعان ما يتصاعد ليهدد البناء الأسري برمّته ، فمن كلمة جارحة إلى العراك والضرب ، إلى التفكير الجدّي بالطلاق والإنفصال النهائي .
بواعث النزاع :
للبحث في السبب أو الأسباب التي تكمن وراء النزاع بين الزوجين ، يمكن الإشارة إلى ما يلي :
ـ المفاهيم الخاطئة عن الحياة ، خاصة حياة الأسرة .
ـ جهل الطرفين ببعضهما قبيل خوض تجربة الزواج .
ـ عدم تفهم كل طرف لتقاليد وعادات وسلوك الطرف الآخر .
ـ سعي أحد الطرفين لإثبات قدرته وسيطرته على الطرف الآخر .
ـ إفراغ شحنات الغضب الناجمة عن عوامل خارجية في محيط الأسرة .
ـ غياب العقل والانقياد إلى العواطف .
ـ انعدام أو محدودية القابلية على تحمل الآلام والحرمان .
ـ إطلاق الأحكام جزافاً دون روية وتعقل .
ـ الندم على الزواج والشعور بالغبن .
ـ الحسد وإساءة الظن بالطرف الآخر .
ـ غياب روح التسامح والإيثار .
ـ التعلق بشخص آخر على أمل أن يكون زوجاً بديلاً .
ـ وأخير انعدام التوافق الروحي بين الطرفين ، الذي يبقى بحد ذاته ، العامل المهم وراء تدهور الحياة الزوجية وانحطاط الأسرة .
النزاع لدى من ؟
إضافة إلى ما ذكرنا آنفاً ، هناك أسباب وعلل تدفع إلى النزاع ، ولكن السؤال هو لدى من يشتد الميل إلى المنازعة ، والجواب :
ـ لدى الأشخاص الذين لا يتمتعون ، وبسبب صغر أعمارهم ، بالتجربة الكافية .
ـ لدى أولئك الذين يعانون من الشعور بالحقارة والنقص .
ـ لدى الذين يدلّون بثروتهم أو منصبهم أو أقاربهم .
ـ لدى أولئك الذين لا يمكنهم ، وبسبب نقص في تربيتهم ، من السيطرة على أنفسهم .
ـ لدى بعض الذين يظنون أن بإمكانهم تحقيق جميع ما تصبو إليه أنفسهم .
ـ لدى الذين يعتبرون أزواجهم رقيقاً يمكنهم توجيههم أينما يريدون .
ـ لدى الأثرياء من الذين يرون الحياة في إطار الرفاه والثراء .
ـ لدى الذي يتمتعون بالمراكز الإجتماعية ممن ينظرون إلى الناس على أنهم عبيد وأرقّاء لهم .
ـ وأخيراً ؛ لدى أولئك الذين يعيشون مرحلة الطفولة بالرغم من بلوغهم سنّ الثلاثين أو الأربعين ، ويتوقعون من الآخرين أن يعاملوهم بالدلال .
نتائج النزاع :
ينتهي النزاع إلى إحدى نتيجتين لا ثالث لهما إيجابية أو سلبية . وإيجابية النتيجة بمعنى أن الطرف وبسبب أعماله الناجمة عن الغضب والعنف قد تمكن من حسم النزاع لصالحه ، حيث يتمكن من دفع زوجه إلى الاستسلام خوفاً .
والسؤال هنا : أية قيمة لهذه الحياة التي يسودها الخوف ؟ إن تحويل المنزل إلى غابة وسيادة قانون الأقوى لا يبعث على الإفتخار ، وإن تحكيم قانون الأقوى وتسخير جميع الحيوانات في الغابة لا يمكن أن يكون باعثاً على الإعتزاز .
وقد لا يؤدي إلى نتيجة إيجابية أي لا ينتهي لصالح أحد الطرفين ، بل ينتهي بهزيمة الطرفين معاً . . . صراع مستمر ، عراك دائم ؛ ضرب ؛ وبالتالي ؛ يتصاعد دخان النزاع ليحرق عيون الجميع خاصة الأطفال الأبرياء الذين يجدون أنفسهم في مهب العاصفة الهوجاء التي سوف تقذفهم بعيداً في عالم الضياع والإنحراف .