النتائج 1 إلى 4 من 4
الموضوع:

إثبات سند الخطبة الفدكية لمولاتنا فاطمة الزهراء (ع) ولعن الله ظالميها

الزوار من محركات البحث: 115 المشاهدات : 839 الردود: 3
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: November-2013
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 2,077 المواضيع: 1,813
    التقييم: 1567
    آخر نشاط: 1/June/2022

    إثبات سند الخطبة الفدكية لمولاتنا فاطمة الزهراء (ع) ولعن الله ظالميها

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين


    إن كلَّ معمم يشكك في الخطبة الفدكيَّة لمولاتنا الطاهرة الزكية الصدّيقة الكبرى سيّدة نساء العالمين البتول الزهراء (صلى الله عليها ولعن الله الصنمين الظالمين لها) لا يخلو من حيثيتين لا ثالث لهما: الجهل تارة، والجحود والاستكبار تارة أُخرى.

    أمَّا الحيثية الأولى، فبتقرير:أن هكذا معمم يدَّعي كونه من أهل العلم هو مصيبة كبرى على الحوزات الشيعية وعلى معالم التشيع العظيم، فينصب نفسه عالماً وهو في الواقع جاهل بالجهل المطبق في معرفة الأخبار وطرق أسانيدها وصحيحها من سقيمها ــ كما هو معلوم في علم الدراية وقواعد الترجيح الروائي ــ فينكر بجهل ويفتي بجهل، فمثل هذا لا قيمة لإنكاره باعتباره كسولاً في تحصيل المعارف الرجالية وطرق البحث فيها وفي دلالاتها ومتونها..! .

    وأمَّا الحيثية الثانية، فبتقرير: أن هكذا معمم يستكبر على الأخبار وما تمثله من رموز مقدسة انصبت عليها المحن والظلامات، هو أشر من المعمم الجاهل، ولكن كلاهما يصبان في خانة الظلم لأهل البيت (سلام الله عليهم) وحسن الظن بأعدائهم، ولو أن كلا الرجلين (الجاهل والمستكبر) تعلما لوجه الله تعالى والإخلاص له ولحججه الطاهرين عليهم السلام لما وقعا في الإنحراف وسلوك طريق الإعوجاج والزندقة والنفاق، وهما من أبرز مصاديق المبتدعين في الدين وقد تضافرت الأخبار في ذمهم والقدح بهم والبراءة منهم، فقد روى الكليني وغيره بطرق معتبرة وصحيحة عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:" إن من أبغض الخلق إلى الله عز وجل لرجلين ، رجل وكله الله إلى نفسه فهو حائر ( جائر - خ ) عن قصد السبيل ، مشعوف بكلام بدعة قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به ضال عن هدى من كان قبله مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته حمال خطايا غيره ، رهن بخطيئته ، ورجل قمش جهلاً في جهال الناس عان ( غان - خ ) بأغباش الفتنة قد سماه أشباه الناس عالما ولم يغن فيه يوماً سالماً بكر فاستكثر ، ما قلَّ منه خير مما كثر حتى إذا ارتوى من آجن واكتنز من غير طائل جلس بين الناس قاضياً ماضياً ضامناً لتخليص ما التبس على غيره وإن خالف قاضياً سبقه ، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده كفعله بمن كان قبله ، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه ثمَّ قطع به ، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ ، لا يحسب العلم في شيء مما أنكر ، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهباً ، إن قاس شيئاً بشيء لم يكذب نظره ، وإن أظلم عليه أمره اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه لكي لا يقال له : لا يعلم ، ثمَّ جسر فقضى فهو مفتاح عشوات ، ركاب شبهات ، خباط جهالات ، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم ، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم تبكي منه المواريث وتصرخ منه الدماء، يستحل بقضائه الفرج الحرام ، ويحرم بقضائه الفرج الحلال لا مليء بإصدار ما عليه ورد ، ولا هو أهل لما منه فرط من ادعائه علم الحق ".

    وهي خطبة مشهورة شهرة عظيمة غنية عن البيان في دلالتها وعمق معانيها ما يدل على أنها صدرت من مشكاة الولاية الكبرى مولاتنا الصديقة الطاهرة الزكية فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) إذ تعجز الأدباء وعلماء البلاغة والفصاحة أن يأتوا بمفردة من مفرداتها اللغوية الأدبية والمعاني الشرعية المشابهة في فصاحتها ودلالتها آيات القرآن الكريم في عمق بواطنها وظواهرها، ونعم ما قال العلامة المجلسي رحمه الله تعالى في الجزء التاسع والعشرين ص 123 من البحار :" ولنوضح تلك الخطبة الغراء الساطعة عن سيّدة نساء العالمين عليها السلام التي تحيّر من العجب منها والإعجاب بها أحلام الفصحاء والبلغاء..". وقال العلامة عبد الحسين شرف الدين العاملي في المراجعة 103:" وللزهراء عليها السلام حجج بالغة وخطبتاها في ذلك سائرتان، كان أهل البيت يلزمون أولادهم بحفظهما كما يلزمونهم بحفظ القرآن". وقال العلامة المحقق الإربلي في كشف الغمة ج 1 ص 473:" إذ كانت خطبتها التي تحيِّر البلغاء وتعجز الفصحاء بسبب منعها من التصرف فيها وكف يدها عليها السلام عنها..ثم قال: فإنها من محاسن الخطب وبدايعها، عليها مسحة من نور النبوة وفيها عبقة من أريج الرسالة".

    وعمدة الجحود للخطبة الفدكية ليس مردَّه ضعف سندها ـــ كما يزعمون ـــ بل هو مضمونها ودلالاتها العظيمة التي قصمت ظهور أعمدة السقيفة وأتباعهم من المخالفين والنواصب من الشيعة، لأن الاعتقاد بمضمونها يستلزم صوابية اعتراض مولاتنا الصدّيقة الكبرى الزهراء البتول (سلام الله عليها) على أبي بكر وعمر اللذين اغتصبا حقها واعتديا عليها.

    ونستدل على صحة صدورها من مشكاة العصمة والطهارة والولاية الفاطمية المطهرة عليها السلام بالأمور الآتية:

    (الأمر الأول): اشتهارها بين علماء الشيعة وعوامها منذ عصر صدورها إلى يومنا هذا، حتى أن الشيعة الموالين يلقنونها لأولادهم ليحفظوها في صدورهم حرصاً منهم على عدم اندراسها وضياعها، واندراسها يستلزم ضياع الحق المتمثل بمولاتنا الصدّيقة الكبرى عليها السلام.

    إن العلماء لم يتركوا الإستدلال بها على ظلامة مولاتنا سيِّدة نساء العالمين عليها السلام في كتبهم ومدارستهم وخطبهم واجتماعاتهم العلمية، والاشتهار بين الشيعة دلالة إلتزامية قطعية على أن الخطبة الشريفة مقطوعة الصدور من جناب مولاتنا سيِّدة نساء العالمين (سلام الله عليها)، وأيُّ تشكيك بها يعتبر نسفاً للتراث الروائي والعقائدي والفقهي عند الشيعة الإماميَّة، وندرج صاحبه في خانة المرتدين المارقين من الدين باعتباره منكراً لما ثبُتت ضرورته في الدين.

    (الأمر الثاني): إن سند الخطبة الفدكية الشريفة تجاوز حدَّ الاستفاضة، فقد رواه المحدّثون بعدة أسانيد لا سيَّما ما أجاد به يراع العلامة المجلسي رحمه الله في بحار الأنوار كما سنبيِّن ذلك لاحقاً.

    ومن السفه النقاش في النصّ حينما يكون المخبر به ثقةً فضلاً عن أن يكون السند مستفيضاً كسند الخطبة الفدكية، إذ إن الخبر المستفيض يحصل الاطمئنان بصحته فيكون مضمونه معتبراً إلا ما أخرجه الدليل كما هو معلوم في أُصول علم الدراية.

    وبعبارةٍ أُخرى: إن الخبر المستفيض هو المحصل للعلم أو الظن المفيد للإطمئنان وإن لم يبلغ الذين أخبروا به عدد التواتر، فكما لا يمكن تواطؤ المخبرين على الكذب في الخبر المتواتر، فكذلك الحال في الخبر المستفيض حيث لا يمكن تواطؤ المخبرين به على الكذب.

    فالاستفاضة طريق إلى ثبوت الأحكام، وضبطها كثير من الأصحاب بما يتاخم العلم ، وبعضهم بمحصل العلم

  2. #2
    من أهل الدار

    (الأمر الثالث): لا يشترط صحة السند في الأخبار التاريخية والملاحم والفتن والحوادث وإظهار الظلامات والكرامات والمعاجز والأدعية والزيارات وإعلاء كلمة الحق والصدع به..إلخ، بل لا يشترط صحته أيضاً حتى في الأحكام الشرعية الفرعية والعقائدية إذا كان مضمونه متوافقاً مع الأخبار الأخرى ولا يخالف الكتاب الكريم، وليس في الخطبة الفدكية ما يخالف الأخبار ولا الآيات الكريمة، بل العكس هو الصحيح فإن الخطبة الشريفة مؤيدة للآيات والأخبار الكثيرة الدالة على اغتصاب أبي بكر وعمر الحق من أمير المؤمنين (سلام الله عليه) وزوجته الصدّيقة الكبرى مولاتنا الزهراء (سلام الله عليها) وهي أخبار تجاوزت المئات، فتكون الخطبة الشريفة مؤيدة لتلكم الأخبار الشريفة.

    (الأمر الرابع): ولو فرضنا ضعف سند الخطبة ـــ وفرض المحال ليس محالاً ـــ إلا أنه مجبور بشهرته بين الفقهاء والعلماء والخطبة بسندها ودلالتها أشهر من الشمس في رائعة النهار، إذ إن عمل المشهور جابر للخبر الضعيف، ولا عبرة بمن خالف ذلك كما سبق منا بيانه في بحوثنا الأُخرى حول الخبر الضعيف وطرق معالجته.

    والحاصل: إن الخطبة الفدكية الشريفة صحيحة السند، وقد رواها المحدثون من الشيعة والعامة بطرقٍ متعددة أغلبها صحيح ومعتبر، وقد ذكر العلامة المجلسي رحمه الله تعالى في بحار الأنوار (ج 29 ص 109 باب 11) عدة طرق في أسانيدها، وقد روتها مولاتنا الصدّيقة الحوراء زينب (سلام الله عليها) عن أُمّها سيِّدة نساء العالمين الصدّيقة الكبرى مولاتنا الزهراء البتول (سلام الله عليها)، كما قد روى الخطبة عبد الله بن الحسن المثنى المعروف بعبد الله المحض، وروتها عائشة أيضاً.

    وقد روى جملة من فقراتها الشيخُ الصدوق بسند صحيح في علل الشرائع باب 182 بثلاثة طرق بعضها صحيح وبعضها معتبر وبعضها مرسل ــ ولا يضر إرسال الصدوق فهو ديدنه في كتبه كلها ـــ وهاتيك الطرق هي ما يلي:

    (الطريق الأول):حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن عبد الله البرقي عن إسماعيل بن مهران، عن أحمد بن محمد بن جابر عن [ الصدّيقة] زينب بنت [أمير المؤمنين] عليّ عليهما السلام قالت : قالت فاطمة عليها السلام في خطبتها : ( لله فيكم عهد قدمه إليكم ، وبقية استخلفها عليكم كتاب الله بينة بصائره وآي منكشفة سرايره ، وبرهان متجلية ظواهره ، مديم للبرية استماعه، وقايد إلى الرضوان اتباعه، ومؤد إلى النجاة أشياعه فيه تبيان حجج الله المنيرة ومحارمه المحرمة ، وفضائله المدونة ، وجمله الكافية ، ورخصه الموهوبة وشرايعه المكتوبة وبيناته الجلية ، ففرض الايمان تطهيرا من الشرك ، والصلاة تنزيها عن الكبر والزكاة زيادة في الرزق والصيام تثبيتا للاخلاص ، والحج تسنية للدين ، والعدل تسكيناً للقلوب والطاعة نظاما للملة ، والإمامة لما من الفرقة ، والجهاد عزا للاسلام والصبر معونة على الاستيجاب ، والامر بالمعروف مصلحة للعامة ، وبر الوالدين وقاية عن السخط وصلة الأرحام منماة للعدد والقصاص حقنا للدماء والوفاء للنذر تعرضاً للمغفرة ، وتوفيه المكائيل والموازين تغييرا للبخسة ، واجتناب قذف المحصنات حجبا عن اللعنة ، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة واكل أموال اليتامى إجارة من الظلم ، والعدل في الاحكام ايناسا للرعية . وحرم الله عز وجل الشرك إخلاصا للربوبية فاتقوا الله حق تقاته فيما أمركم به وانتهوا عما نهاكم عنه ) .

    الرواية صحيحة سنداً، وكل رواتها إماميون ثقــاة.

    (الطريق الثاني): أخبرني علي بن حاتم قال : حدثنا محمد بن أسلم قال : حدثني عبد الجليل الباقلاني قال: حدثني الحسن بن موسى الخشاب قال: حدثني عبد الله بن محمد العلوي عن رجال من أهل بيته عن زينب بنت علي عليهما السلام، عن فاطمة عليها السلام بمثله .

    (الطريق الثالث):أخبرني علي بن حاتم أيضا قال حدثني محمد بن أبي عمير قال : حدثني محمد بن عمارة قال : حدثني محمد بن إبراهيم المصري قال : حدثني هارون بن يحيى الناشب قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي عن عبيد الله بن موسى العمري عن حفص الأحمر ، عن زيد بن علي عن عمته [مولاتنا] زينب بنت [أمير المؤمنين] علي عليها السلام ، عن [سيّدة نساء العالمين] فاطمة عليها السلام بمثله ، وزاد بعضهم على بعض في اللفظ .

    ولا بأس هنا أن نتطرق إلى أسانيد الخطبة الفدكية التي ذكرها العلامة المجلسي رحمه الله فقال:[ وروى الصدوق رحمه الله بعض فقراتها المتعلقة بالعلل في علل الشرايع عن ابن المتوكل عن السعد آبادي، عن البرقي عن إسماعيل بن مهران عن أحمد بن محمد بن جابر عن زينب بنت علي عليه السلام .

    قال : وأخبرنا علي بن حاتم عن محمد بن أسلم عن عبد الجليل الباقطاني عن الحسن بن موسى الخشاب عن عبد الله بن محمد العلوي عن رجال من أهل بيته عن زينب بنت علي عن فاطمة عليها السلام بمثله .

    وأخبرني علي بن حاتم عن ابن أبي عمير عن محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم المصري عن هارون بن يحيى عن عبيد الله بن موسى العبسي عن حفص الأحمر عن زيد بن علي عن عمته زينب بن علي عليهما السلام عن فاطمة عليها السلام ، وزاد بعضهم على بعض في اللفظ .

    أقول : قد أوردت ما رواه في المجلد الثالث ، وإنما أوردت الأسانيد هنا ليعلم أنه روى هذه الخطبة بأسانيد جمة .


  3. #3
    من أهل الدار


    وروى السيد ابن طاوس رضي الله عنه في كتاب الطرائف موضع الشكوى والاحتجاج من هذه الخطبة عن الشيخ أسعد بن شفروة في كتاب الفائق عن الشيخ المعظم عندهم الحافظ الثقة بينهم أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني في كتاب المناقب قال : أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن إبراهيم عن شرفي بن قطامي عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة .

    ورواها الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج مرسلاً ، ونحن نوردها بلفظه ، ثم نشير إلى موضع التخالف بين الروايات في أثناء شرحها إن شاء الله تعالى .

    قال أبو الفضل : ذكرت لأبي الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم كلام فاطمة عليها السلام عند منع أبي بكر إياها فدك ، وقلت له : إن هؤلاء يزعمون أنه مصنوع ، وأنه من كلام أبي العيناء - الخبر منسوق على البلاغة على الكلام - فقال لي : رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ، ويعلمونه أبناءهم ، وقد حدثنيه أبي عن جدي يبلغ به فاطمة ( ع ) على هذه الحكاية ، ورواه مشايخ الشيعة وتدارسوه بينهم قبل أن يولد جد أبي العيناء ، وقد حدث به الحسن بن علوان عن عطية العوفي أنه سمع عبد الله ابن الحسن يذكر عن أبيه ، ثم قال أبو الحسين : وكيف يذكر هذا من كلام فاطمة فينكر ، وهم يروون من كلام عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة ، فيحققونه لولا عداوتهم لنا أهل البيت . . ثم ذكر الحديث ، قال: لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وعليها فدك ، وبلغ ذلك فاطمة ( ع ) لاثت خمارها على رأسها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ، ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم شيئا حتى دخلت على أبي بكر - وهو في حشد من المهاجرين والأنصار - فنيطت دونها ملاءة ، ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء ، وارتج المجلس ، وأمهلت حتى سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم ، فافتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، فعاد القوم في بكائهم ، فلما أمسكوا عادت في كلامها فقالت : [ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ] فإن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، فبلغ النذارة ، صادعا بالرسالة ، ماثلا على مدرجة المشركين ، ضاربا لثبجهم ، آخذا بكظمهم ، يجذ الأصنام ، وينكث الهام ، حتى هزم الجمع وولوا الدبر ، وتفرى الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين : [ وكنتم على شفا حفرة من النار ] مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الاقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون الورق ، أذلة خاشعين [ تخافون أن يتخطفكم الناس ] من حولكم ، فأنقذكم الله برسوله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بعد اللتيا والتي ، وبعد ما مني ببهم الرجال ، وذؤبان العرب ، كلما حشوا نارا للحرب ونجم قرن للضلال ، وفغرت فاغرة من المشركين ، قذف بأخيه في لهواتها ، ولا ينكفي حتى يطأ سماخها بأخمصه ، ويحمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات الله ، قريبا من رسول الله ، سيدا في أولياء الله ، وأنتم في بلهنية وادعون آمنون ، حتى إذا اختار الله لنبيه صلى الله عليه [ وآله ] دار أنبيائه ، ظهرت حسيكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبع خامل الأقلين ، وهدر فنيق المبطلين ، يخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين ، وللغرة فيه ملاحظين ، فاستنهضكم فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، وأوردتموها غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، بدارا زعمتم خوف الفتنة ، [ ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ] فهيهات منكم وأنى بكم وأنى تؤفكون ، وهذا كتاب الله بين أظهركم ، زواجر بينة ، وشواهده لائحة ، وأوامره واضحة ، أرغبة عنه تدبرون ، أم بغيره تحكمون [ بئس للظالمين بدلا ] [ ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ] ثم لم تريثوا أختها إلا ريث أن تسكن نفرتها ، تسرون حسوا في ارتقاء ، ونصبر منكم على مثل حز المدى ، وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا ، [ أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ] ، ويها ! يا معشر المهاجرة ابتز إرث أبيه ؟ ! . أفي الكتاب أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ ! [ لقد جئت شيئا فريا ] فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، والزعيم محمد ، والموعد القيامة ، وعند الساعة [ يخسر المبطلون ] و [ لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ]. ثم انحرفت إلى قبر النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وهي تقول :

    قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

    إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك فاشهدهم ولا تغب

    قال : فما رأينا يوما كان أكثر باكيا ولا باكية من ذلك اليوم.

    ثم قال أحمد بن أبي طاهر: حدثني جعفر بن محمد - رجل من أهل ديار مصر لقيته بالرافقة قال : حدثني أبي قال : أخبرنا موسى بن عيسى قال : أخبرنا عبد الله بن يونس قال : أخبرنا جعفر الأحمر عن زيد بن علي رحمة الله عليه عن عمته زينب بنت الحسين عليهما السلام ، قالت : لما بلغ فاطمة عليها السلام إجماع أبي بكر على منعها فدك لاثت خمارها وخرجت في حشدة نسائها ولمة من قومها ، تجر أدراعها ، ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] شيئا ، حتى وقفت على أبي بكر - وهو في حشد من المهاجرين والأنصار - فأنت أنه أجهش لها القوم بالبكاء ، فلما سكنت فورتهم قالت : أبدأ بحمد الله - ثم أسبلت بينها وبينهم سجفا ثم قالت : الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء بما قدم من عموم نعم ابتدأها ، وسبوغ آلاء أسداها ، وإحسان منن والاها ، جم عن الاحصاء عددها، ونأى عن المجازاة أمدها ، وتفاوت عن الادراك آمالها ، واستثنى الشكر بفضائلها ، واستحمد إلى الخلائق باجزالها ، وثنى بالندب إلى أمثالها ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، كلمة جعل الاخلاص تأويلها ، وضمن القلوب موصولها ، وأنار في الفكرة معقولها ، الممتنع من الابصار رؤيته ، ومن الأوهام الإحاطة به ، ابتدع الأشياء لا من شئ قبله ، واحتذاها بلا مثال لغير فايدة زادته ، إلا إظهارا لقدرته ، وتعبدا لبريته ، وإعزازا لدعوته ، ثم جعل الثواب على طاعته ، والعقاب على معصيته ، زيادة لعباده عن نقمته ، وحياشا لهم إلى جنته ، وأشهد أن أبي محمدا عبده ورسوله ، اختاره قبل أن يجتبله ، واصطفاه قبل أن ابتعثه ، وسماه قبل أن استنجبه ، إذ الخلائق بالغيوب مكنونة ، وبستر الأهاويل مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة ، علما من الله عز وجل بمايل الأمور ، وإحاطة بحوادث الدهور ، ومعرفة بمواضع المقدور ، ابتعثه الله عز وجل إتماما لامره وعزيمة على إمضاء حكمه ، فرأى الأمم صلى الله عليه [ وآله ] فرقا في أديانها ، عكفا على نيرانها ، عابدة لأوثانها ، منكرة لله مع عرفانها ، فأنار الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه [ وآله ] ظلمها ، وفرج عن القلوب بهمها ، وجلا عن الابصار غممها ، ثم قبض الله نبيه صلى الله عليه [ وآله ] قبض رأفة واختيار ، رغبة بأبي صلى الله عليه [ وآله ] عن هذه الدار ، موضوع عنه العب ء والأوزار ، محتف بالملائكة الأبرار ، ومجاورة الملك الجبار ، ورضوان الرب الغفار ، صلى الله على محمد نبي الرحمة وأمينه على وحيه ، وصفيه من الخلائق ، ورضيه صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ورحمة الله وبركاته .

    ثم أنتم عباد الله - تريد أهل المجلس - نصب أمر الله ونهيه ، وحملة دينه و وحيه ، وامناء الله على أنفسكم ، وبلغاؤه إلى الأمم ، زعمتم حق لكم لله فيكم عهد قدمه إليكم ، ونحن بقية استخلفنا عليكم ، ومعنا كتاب الله ، بينة بصائره ، وآي فينا منكشفة سرائره ، وبرهان منجلية ظواهره ، مديم للبرية اسماعه ، قائد إلى الرضوان اتباعه ، مؤد إلى النجاة استماعه ، فيه بيان حجج الله المنورة ، وعزائمه المفسرة ، ومحارمه المحذرة ، وبيناته الجالية ، وجمله الكافية ، وفضائله المندوبة ، ورخصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبة ، ففرض الله الايمان تطهيرا لكم من الشرك ، والصلاة تنزيها عن الكبر ، والصيام تثبيتا للاخلاص ، والزكاة تزييدا في الرزق ، والحج تسلية للدين ، والعدل تنسكا للقلوب ، وطاعتنا نظاما للملة ، وإمامتنا لمَّاً من الفرقة ، وحبنا عزا للاسلام ، والصبر منجاة ، والقصاص حقنا للدماء ، والوفاء بالنذر تعرضا للمغفرة ، وتوفية المكائيل والموازين تغييرا للبخسة ، والنهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس ، وقذف المحصنات اجتنابا للعنة ، وترك السرق ايجابا للعفة ، وحرم الله عز وجل الشرك اخلاصا له بالربوبية ف‍ : [ اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ] وأطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فإنه [ إنما يخشى الله من عباده العلماء ].

    ثم قالت : أيها الناس ! أنا فاطمة ، وأبي محمد صلى الله عليه [ وآله ] أقولها بدأ على عودي [ لقد جاءكم رسول من أنفسكم . . ]. . ثم ساق الكلام


  4. #4
    من أهل الدار
    على ما رواه زيد بن علي عليه السلام في رواية أبيه .

    ثم قالت - في متصل كلامها - : أفعلى محمد تركتم كتاب الله ، ونبذتموه وراء ظهوركم ، إذ يقول الله تبارك وتعالى : [ وورث سليمان داود ] ، وقال الله عز وجل - فيما قص من خبر يحيى بن زكريا : [ رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب ] ، وقال عز ذكره : [ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ] ، وقال : [ يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ] ، وقال : [ إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ] وزعمتم ألا حظوة لي ولا إرث من أبي ، ، ولا رحم بيننا ، أفخصكم الله بآية أخرج نبيه صلى الله عليه [ وآله ] منها ؟ ! أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثون ؟ ! أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟ أم لعلكم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من النبي صلى الله عليه [ وآله ] ؟ ! [ أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ] أأغلب على إرثي ظلما وجورا ؟ ! [ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ].

    وذكر أنها لما فرغت من كلام أبي بكر والمهاجرين عدلت إلى مجلس الأنصار ، فقالت : معشر البقية ، وأعضاد الملة ، وحصون الاسلام : ما هذه الغميرة في حقي والسنة عن ظلامتي ؟ أما كان رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يقول : المرء يحفظ في ولده ؟ ! سرعان ما أجدبتم فأكديتم ، وعجلان ذا اهالة ، أتقولون مات رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] فخطب جليل استوسع وهيه ، واستنهر فتقه ، وبعد وقته ، واظلمت الأرض لغيبته ، واكتابت خيرة الله لمصيبته ، وخشعت الجبال ، وأكدت الآمال ، وأضيع الحريم ، وأزيلت الحرمة عند مماته صلى الله عليه [ وآله ] ؟ وتلك نازلة علن بها كتاب الله في أفنيتكم في ممساكم ومصبحكم ، يهتف بها في أسماعكم ، ولقلبه ما حلت بأنبياء الله عز وجل ورسله [ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ] إيها بني قيله ! أأهضم تراث أبيه وأنتم بمرأى منه ومسمع ؟ ! تلبسكم الدعوة ، وتشملكم الحيرة ، وفيكم العدد والعدة ، ولكم الدار ، وعندكم الجنن ، وأنتم الأولى يحبه الله التي انتجب لدينه وأنصار رسوله ، وأهل الاسلام ، والخيرة التي اختار لنا أهل البيت ، فباديتم العرب ، وناهضتم الأمم ، وكافحتم البهم ، لا نبرح نأمركم وتأتمرون حتى دارت لكم بنا رحى الاسلام ، ودر حلب الأنام ، وخضعت نعرة الشرك ، وبأخت نيران الحرب ، وهدأت دعوة الهرج ، واستوثق نظام الدين ، فأنى جرتم بعد البيان ، ونكصتم بعد الاقدام ، وأسر رتم بعد الاعلان ، لقوم نكثوا ايمانهم : [ أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ]. ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، وركنتم إلى الدعة ، فعجتم عن الدين ، ومججتم الذي وعيتم ، ووسعتم الذي سوغتم ف‍ : [ إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ]. ألا وقد قلت الذي قلته على معرفة مني بالخذلان الذي خاصر صدوركم ، واستشعرته قلوبكم ، ولكن قلته فيضة النفس ، ونفثة الغيظ ، وبثة الصدر ، ومعذرة الحجة ، فدونكموها فاحتقبوها مدبرة الظهر ، ناقبة الخف ، باقية العار ، موسومة بشنار الأبد ، موصولة ب‍ : [ نار الله الموقدة * التي تطلع على الأفئدة ]. فبعين الله ما تفعلون : [ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ]! وأنا ابنة نذير [ لكم بين يدي عذاب شديد ] ، ف‍ [ اعملوا . . . إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون ].

    والحاصل: لقد ظهر لطالب الحق أن سند الخطبة الفدكية في غاية المتانة والجودة، وأهل الباطل لو جئناهم بألف دليل ودليل فلن يقتنعوا بالحق ولن يسلموا للحقيقة، وكيف يسلمون وقد عشش الشيطان في قلوبهم وفرخ، ومن يكن الشيطان له دليلاً كيف يمكنه التسليم للحق والصواب،


تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال