بسم الله الرحمن الرحيم
القانون الثاني للديناميكا الحرارية, والذي يعرف باسم قانون الانتروبيا
في موضوع سابق تكلمت عن مبدأ حفظ الطاقة, وهو القانون الاول للديناميكا الحرارية. ثم الحقته بموضوع اخر يتكلم عن مبدأ التوازن الحراري, وهو القانون صفر. وقبل ذلك اتحفنا الاخ الفاضل رجل كهل بموضوع تناول فيه القانون الثالث والمسمى بقانون الصفر المطلق. للوصول الى المواضيع الثلاثة:
القانون صفر للديناميكا للحراية
القانون الاول للديناميكا الحرارية
الصفر المطلق (البرودة المستحيلة)
ان هذه القوانين الثلاثة لا تكفي لاجراء عملية ديناميكية متكاملة. اذ انها لا يمكن لها ان تعطينا كل الاجوبة المتعلقة بالطاقة وطرق مسارها.
ولنستخدم اجهزة البراد المنزلي كمثال ومقدمة لهذا الموضوع, اذ اننا نستخدم هذه الاجهزة لحفظ طعامنا وشرابنا من التلف وحتى يمكن اعادة استخدامه بعد فترات طويلة من حفظه في البراد.
ونحن نعلم اننا مهما حاولنا للوصول الى درجة البرودة المطلقة, وهو صفر كلفن, ستكون محاولاتنا نوع من العبث. لان الوصول الى هكذا درجة منخفضة من الحرارة مستحيلة بحسب القانون الثالث. بل ان درجة حرارة الطعام سوف لن تنخفض الى ما دون درجة حرارة البراد, بحسب القانون صفر للديناميكا الحرارية, لان الحرارة بين الجسمين ستكون في حالة توازن. كذلك نعلم ان الطاقة المفرغة من الطعام او من البراد تكون قد تحولت الى شكل اخر من اشكال الطاقة اثناء عملية انتقالها ما بين الجسمين.
لكن يبقى لدينا سؤال: في اي اتجاه كان الانتقال الحراري؟ بمعنى هل تحولت الحرارة من الجسم الحار ـ وهو الطعام في مثالنا ـ الى الجسم البارد ـ وهو فضاء البراد ـ ؟ ام العكس, اي ان البرودة المحملة بالطاقة قد تحولت من الجسم البارد الى الجسم الحار؟؟
قد يكون غريبا الجواب على هذا السؤال, فنحن في حياتنا اليوم نتناول ـ وباستمرار ـ عملية انتقال الحرارة من جسم لاخر. اذ اننا نحرص على اغلاق باب البراد حتى لا تخرج البرودة! واذا كان الجو باردا فاننا نغلق الابواب والشبابيك حتى لا تدخل البرودة الى المنزل وتفسد علينا لذة الشعور بالدفئ.
فاننا دائما ما نصر على ان البرودة شئ وانها تنتقل وتتحرك بين جسمين تختلف درجة حرارتهما. لكن هذا الامر ليس بالصحيح, فالبرودة ليس لها اي تعريف سوى انها "انخفاض درجة الحرارة", اذ انها تعرف بالحرارة, وهذا يعني انها ليست بشئ ولا وجود فعلي للبرودة. وبالتالي فهي لا تنتقل من جسم لاخر ولا تتحول من مكان الى غيره. وانما الانتقال يكون من خواص الحرارة. وهذا هو جوهر القانون الثاني للديناميكا الحرارية.
اذ نص القانون الثاني على ان "الانتروبيا في المنظومات المغلقة لا يمكن لها ان تنخفض, وانما تزداد في حال حدث تغير في خواص المنظومة الفيزيائية , او انها تبقى على حالها". كما حدث القانون الثاني اتجاه عملية الانتقال الحرارة, فهي ـ ولان جميع الانظمة لا عسكية ـ تتحرك باتجاه واحد فقط, من الجسم الحار الى الجسم البارد.
ففي مثالنا السابق فان الحرارة قد تحولت من الطعام الى البراد, او الاصل الى سائل التبريد, الذي حملها الى خارج البراد. وهذا يعطينا تفسيرا عن سبب ارتفاع درجات الحرارة خلف اجهزة التبريد المنزلية.
لا يقتصر القانون الثاني على تحديد اتجاه عملية الانتقال الحراري فقط, وانما يؤكد ايضا على ان الطاقة لها نوعية وكمية. فاذا كان القانون الاول يهتم بكمية الطاقة وتحولها من شكل لاخر, فان القانون الثاني يوفر الوسائل اللازمة لتحديد جودة تلك الطاقة, او تدهورها اثناء العملية الديناميكية. اذ ان الطاقة ذات في درجات حرارة مرتفعة يمكن ان تتحول الى العمل بشكل افضل من نفس الطاقة ولكن بدرجات حرارة اقل انخفاضا.
كما يمكننا ان نستفيد من القانون الثاني في تحديد الحدود النظرية لادء المنظومات الهندسية, مثل محولاتا الطاقة والمحركات الحرارية واجهزة التبريد. كذلك يمكننا التنبؤ بدرجة اكتمال التفاعلات الكيميائية. كما يرتبط القانون الثاني ارتباطا وثيقا بمفهوم الكمال, اذ ان القانون الثاني يعرف مستوى الكمال للعمليات الحرارية ويمكن استخدامه للوصول الى افضل مستوى من الكمال واصلاح العيوب في العمليات الديناميكية على نحو فعال.
ملاحظة: هذا اخر مواضيع قوانين الترموديناميك، او الانتقال الحراري. كل المواضيع القادمة بهذا الشأن ستكون تطبيقا لما جاء في هذه المواضيع الاربع.