مقارنة بين معنى الظن والشك
أولا الظن : ورد الظن في المعجم الوسيط أنه لغتا إدراك ذهن المرء للشيء مع ترجيحه ، وقد يكون مختلطا مع اليقين، كما قيل أنه غلب على الظن بمعنى أنه كان الأرجح كما ذكر في معجم المصطلحات الفقهية، ويطلق على الظن أنه جواز أمرين إحداهما كما يكون أظهر من الآخر.
الظن أيضا هو صورة من صور التصديق الذي يعتمد على الإثباتات والأدلة النظرية وعدم وجود أي تناقضات له،حيث يقول الفيروزبادي في قاموسه أن الظن هو التردد الذي يرجح أمرين يعتقَد بصحتهما دون الجزم بأحدهما، ويقول الراغب أنّ الظن هو تعبير عن حصول أمارة معينة، فإذا قويت أدت إلى العلم بالشيء، وإذا ضعفت بشكل كبير فهي ليست إلا وهم.
أما المناوي فقد أطلق على الظن أنه اعتقاد يتم ترجيحه مع احتمالية وجود ما يناقضه ويعاكسه، وبناء على رأي الفيروزبادي إن الظن يستعمل في اللغة بمعنى اليقين.
تفسير العلماء للظن :
وكما ذكر العلماء المختصين في اللغة أن اليقين هو الاعتقاد الجازم بالشيء، وأن أي معتقد دون الجزم يندرج تحت اسم الظن، وفي حالة إذا تم الجزم به والتأكد منه فهو يقين، والظنّ هو يقين تدبر، ويقول الجرجاني أن الظن هو ترجيح اعتقاد أو فكرة معينة مع احتمال وجود ما يناقضه، ويستعمَل الظن في حالتي الشك واليقين، وبصفة الترجيح فإن الظن هو طرف من طرفي الشك، أما حسن الظن فهو ترجيح لجانب الخير على جانب الشر.
يرى سقراط في علم الفلسفة القديم أن الظن هو نوع من أنواع المعرفة الأربعة، وهي: الإحساس، والظن، والاستدلال، والتعقل، أما الظن فقد أطلق عليه فهو إصدار الحكم على الأمور المحسوسة بما هي عليه، و الحكم يختلف بإختلاف الموضوع، فإذا كان الموضوع له صلة بالمحسوسات المتغيرة بما هي عليه، فبناء على هذا يكون الحكم معرفة ليس لها علاقة بعلة، بمعنى أنه ظن، ولا يجب تعليم الظن على أنه علم لتبيان للأموربما تحتويه من علل .
علاوة على ذلك فإن الظن ليس أمرا ثابتا فهو بين احتمالين إما أن يكون صادقا وإما أن يكون كاذبا، والعلم صادق، ولهذا السبب الظن ليس معلوما للآخرين، والظن في حالة ما إذا كان صادقا يعد إلهاما، أما الظن الذي يحمل الشك إما الصدق أو الكذب فإنه يعد تخمين.
ثانيا الشك :
عرف الشك لغة على أنه المعنى العكسي والنقيض لليقين ،كما ذكر في معجم لسان العرب ، وفي معجم المعاني الجامع عرف الشك :شك بالأمر أي أنه تردد فيه وارتاب ولم يستطيع الوصول إلى اليقين ، فإذا قيل شككت في كذا أوكذا، وارتابته الشكوك، والشك يعكس وجود التردد في موضوعين من الممكن أن يتأرجح إحداهما عن الأخر أو يكونا متساوويين في كل أمورهما .
عرف الشك لدى الأصوليين أنه جواز أمرين متساوويين ولا ميزة لواحد فيهما على الآخر، ففي حالة إذا تميز واحد منهما في الإجازة فهذا لايعتبر شك وإنما يصبح ظن أوهم.
الشك في الفلسفة :
كما استخدم ديكارت في الفلسفة القديمة الشك ليستطيع إثبات الوهم الذي يشغل العقل خلال إستيعابه للأمور المتعددة في الطبيعة، حيث كان لديه اعتقاد أنه هناك شيطان يخدع الإنسان ويجعله غير قادر على معرفة الأشياء بشكل واضح، ومن هنا لخص أنه يجب على المرء أن يشك بكل شيء حوله، واستمرت حالة ديكارت في الشك حتى وصل إلى أنه يفكر، وأن التفكير حقيقة لا يمكن إنكار وجودها،وبناء على مبدأ ديكارت مكتشف مبدأ الشك ،أنه هناك أمرا واحدا لايمكن الشك به وهو التفكير ، ومن هنا استطاع التوصل إلى المبدأ المعروف عنه وهو (أنا أفكر إذاً أنا موجود).
و الشك عند ديكارت يعتبر شيئ مؤقت،فهو بداية للتوصل إلى الحقيقة ، وقد ذكرالشك في القرآن الكريم في عدة مواضع منها: الشك في ذات الله قال تعالى: (لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ * فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ).