يقول الشاعر السوري المرموق نزار قباني: "إني أتنفس تحت الماء إني أغرق.. أغرق.. أغرق.."، لعله كان يعلم وقتها أن الإنسان سيتمكن يوما أن يتنفس تحت الماء دون أن يغرق أو يموت.
أثناء زيارة إلى صربيا مؤخرا، أطلع نائب رئيس الوزراء الروسي، دميتري روغوزين، الرئيس الصربي على أحدث الاختراعات الروسية، التي تتضمن مشروع التنفس بالسائل، حيث وُضع كلب في حوض مليء بالسائل، وبدأ الكلب بالتنفس بعد ثوان.
كانت تكنولوجيا "التنفس السائل" في نهاية الثمانينيات خيالا استعان به أبطال فيلم "الهوة" للمخرج الأمريكي جيمس كاميرون.
وكان العلماء في العالم كله يحاولون تعليم البشر التنفس بالسائل منذ زمن بعيد. وباءت كل المحاولات التي قام بها العلماء في ستينيات القرن الماضي بالفشل حيث استخدموا سائل "برفتوران" (perftoran) لنقل الأوكسيجين إلى الرئتين، كما استخدموه كبديل للدم. وشكلت صعوبة تطهير السائل بصورة كافية آنذاك مشكلة رئيسية لأن المواد التي يحويها كانت تسمم جسم الإنسان.
وقام العلماء الروس بحل تلك المشكلة إذ استخدموا مواد ناتجة عن البرفوتران، تستخدم في صناعة مواد التجميل لتمرير الأدوية عبر البشرة إلى داخل جسم الإنسان لتزويده بالأوكسيجين.
وقال مدير قسم الدراسات الحيوية والطبية في مؤسسة البحوث الواعدة فيودور أرسينيف، إن الإمكانيات التي يمنحها الاختراع الروسي واسعة جدا، وإحدى تلك الإمكانيات هي مكافحة الضغط الزائد على الغواصين.
ومن المعلوم أن السائل يوزع الضغط بصورة منتظمة في كل الاتجاهات. لذلك فإن الإنسان الموضوع في السائل قادر على تحمل ضغط يزيد بكثير عن الضغط الذي يتحمله آخر يرتدي بزة الغوص.
وعند الغوص في الماء، يزداد الضغط ضعفا بعد كل 10 أمتار. لذلك فإن الغواصين يستخدمون على عمق كبير بزة واسعة معدنية ثقيلة. أما في حال ملء الرئتين بالسائل فإن الضغط داخل جسم الإنسان يعوض الضغط الخارجي. وبمقدور الإنسان تحمل ضغط يزيد عن ضغط 20G الذي يعتبر حاليا الحد الأعلى بالنسبة لجسم الإنسان.
وبذلك، سيساعد الاختراع الروسي طواقم الغواصات المنكوبة في النجاة دون الاستعانة بأجهزة خاصة أو قوات الإنقاذ. كما يمكن استخدام هذا الاكتشاف لإنقاذ الأطفال الخدج أو الذين أصيبوا بحروق في الرئتين.