النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

طاووس ملك في الديانة اليزيدية

الزوار من محركات البحث: 9 المشاهدات : 451 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: January-2016
    الدولة: بيتنا❤
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 13,205 المواضيع: 2,672
    صوتيات: 26 سوالف عراقية: 100
    التقييم: 4079
    مزاجي: عسل
    المهنة: طالبة ة
    أكلتي المفضلة: بيتزا
    موبايلي: htc
    مقالات المدونة: 129

    طاووس ملك في الديانة اليزيدية

    طاووس ملك في الديانة اليزيدية :
    تقوم الديانة اليزيدية على فكرة إن الله تعالى خلق الملائكة السبعة وجعل من طاووس ملك رئيسا عليهم لأنه الملاك العابد الوحيد وسيد والموحدين على هذه الأرض الذي كافأه الله على عدم تفريطه في عبادته وفي وحدانيته لله بان أوكل الله تعالى إليه مهمة إدارة شؤون الكون وتنظيمه , ودور رئيس الملائكة في الفكر الديني اليزيدي يختلف عنه في الأديان الأخرى اختلافا كليا , فلا وجود لفكرة اله للشر ولا وجود للإبليس وان الله تعالى لم يغضب على رئيس ملائكته ولم يطرده من الجنة وان الديانة اليزيدية لا تعبد الإبليس كما يظن الكثير لأنه لا يعبد النقيضين في وقت واحد .
    ويلاحظ إن النصوص الدينية لم تبحث مسالة طبيعة طاووس ملك ولا مسألة السجود من عدمه مما يزيد من حالة الغموض والإرباك لدى الباحثين وما دمنا نبحث في موضوع طاووس ملك فان من البديهي أن ينصب تركيزنا على طبيعته وتحديد صفاته ونتائج عدم سجوده بوصفها القاعدة الأساسية في رسم ملامح الديانة اليزيدية مع إن النتائج لاتقدم إجابات كافية وواضحة , وبكلمة أخرى فان فرضية طرد إبليس من الجنة لعصيانه أمر ربه غير واردة في الفكر الديني اليزيدي لأنها مسالة تحمل في محتواها الكثير من الشك ، أما السؤال الذي يتعلق بطبيعة طاووس ملك فهي مسالة ترتبط باللاهوت أو علم الكلام والفلسفة الدينية أكثر من ارتباطها بالمفهوم الديني لان الأسئلة المطروحة بشان طبيعة طاووس ملك أو الإبليس هي كثيرة و تتداخل مع بعضها بتشابك معقد و بمراحل تتوالد بعضها من البعض كمسألة أيهما أقدم في الوجود البيضة أم الدجاجة , هذه المراحل في الأسئلة والتطور في المفاهيم ستستمر إلى ما لانهاية لان هناك تيارات واتجاهات مختلفة ومتباينة تفصح عن مواقف يصعب التوفيق بينها ولن تؤدي إلا إلى التعصب والسفسطة والمهاترات والدخول في متاهات و دوائر مغلقة .
    أما مصطلح طاووس ملك ذلك الرمز الديني المقدس الذي يعد أهم سمات العقيدة اليزيدية فقد اختلف الكتاب والباحثون قديما ولا زالوا للان بشأنه , فمنهم من اعتبره( اهريمن ) أو (إبليس ) اله الشر و المخلوق الجان الذي وسوس لآدم وحواء وعصى أمر ربه , ومنهم من عده من الملائكة المخلوق من نور الله وهناك من يؤمن بان الله تعالى قد تجسد بصورة طاووس ملك وبالتالي فانه يمثل صورة من الالوهية أو اسم من أسماء الله أو انه الإله يزدان (15) وآخرون يقولون بأنه ميثرا اله الشمس(16) أو انه الإله نابو(17). هذا الاختلاف والتناقض في الآراء حول طبيعة طاووس ملك وعدم الاتفاق على صيغة محددة بشأنه مرده الى انعدام أو ندرة المصادر الدينية التي يمكن الاحتكام إليها كمرجع موثوق في هذا الشأن , مما فتح باب الاجتهادات على مصراعيه لان تعاليم الديانة اليزيدية غير مدونة ولا تستند على أي كتاب ديني بل هي مجموعة أعراف وشعائر و تعاليم دينية شفاهية محفوظة في الصدور (علم الصدر) الذي يضم التراث الديني والتي يتناقلها القوالون أبا عن جد وهم المسؤولون عن حفظها وتلاوتها في المناسبات الدينية والاجتماعية مع إن هذه الأقوال والنصوص الدينية لاتقدم الإجابة الدقيقة عن طبيعة طاووس ملك ولاعن تلك التساؤلات عن شخصيته , مع احتمالات تعرض اغلب تلك النصوص والأقوال للكثير من التغييرات والإضافات والتحويرات وضياع الكثير منها خلال المراحل الزمنية المنصرمة بسبب التداول الشفهي وحفظها في الصدور وعدم التدوين , فلم يبق سوى الاجتهادات والأبحاث الشخصية للمهتمين بهذه المسالة والذي اغلبهم لعجزهم الذاتي اتجهوا الى الأفكار في المعتقدات الأخرى يستمدون منه ما يعينهم على فهم حقيقة هذه الشخصية وليس لنا نحن الخلف إلا أن نأخذ تلك الأفكار ونقلد السلف لنعترف بدورنا بقصورنا الذاتي ونتلقف الفكرة بعد الفكرة من الكتب الدينية الأخرى كيفما اتفق دون مراجعة أوتبصر او روية مما أدى الى ننتهي بالمناقشة حول هذه المسالة الى أن يصبح تحديد ابرز مقدساتنا الى ما يشبه الوعاء يتسع لكل نمط فكري ومجال اختبار وميدان تجارب لاجتهادات متباينة ومتضاربة بل ومتضادة وبالتالي تكوين صورة مشوهة عن ديننا وعن عقيدتنا يتسم بالتبعية اللامسؤولة لجملة أراء لاتمت بصلة إليه .
    وبالرغم من أهمية الأبحاث النظرية في المسائل الدينية فان الاجتهادات أو المجادلات قد تزعزع الثوابت الدينية وتجعلها عرضة للأفكار الغازية والتحويرات والإضافات وذلك لان الاجتهاد يعتمد أساسا على العقل والتفكير بينما الدين (أي دين كان سماويا أو غير سماوي) فانه يعتمد على الإيمان والتسليم بما يأمر وينهي عنه , وينبغي بهذا الصدد التمييز بين فلسفة الدين وبين اللاهوت وعلم الفقه والكلام , فمجال اللاهوت والفقه هو البحث في فلسفة الدين الذي يدافع عن عقيدة هذا الدين أو ذاك بالحجة والمنطق أما فلسفة الدين فإنها تعنى بدراسة وتحليل المفاهيم العامة التي تستخدمها الأديان والبحث في الظواهر العامة للتدين (18) , وان البحث في فلسفة الدين له ثلاثة اتجاهات تاريخية وسايكولوجية وفلسفية , فالاتجاه التاريخي غايته دراسة أصل الأدبان وتطور الفكرة الدينية والاتجاه السايكولوجي المعرفي غايته وصف الحالات النفسية التي تبنى عليها الحياة الدينية أما الاتجاه الفلسفي فمهمته المطالبة بأدلة تبرز النظريات والعقائد الدينية (19) .
    وبالعودة إلى مسالة طاووس ملك فان الملاحظ بهذا الصدد إن النصوص الدينية لم تبحث مسألة طبيعة طاووس ملك ولا مسألة السجود وما دمنا نبحث في هذا الموضوع فان من البديهي أن ينصب تركيزنا على طبيعته وتحديد صفاته وهل اجتاز محنة الاختبار الإلهي بمكافأة الله له ومن ثم تسليمه شؤون الكون والخلق باعتبارها القاعدة الأساسية في تحديد مفهوم الديانة اليزيدية مع أن النتيجة لاتقدم إجابات كافية وواضحة , وبسبب دفاع الصوفية عن إبليس كالحلاج والغزالي وابن العربي فقد تم الخلط بينه وبين طاووس ملك فقد قال عنه الحلاج في كتاب الطواسين "كان أعلمهم بالسجود وأقربهم من المعبود " ثم يذكر عن لسانه مخاطبا الله "إن منعتني عن السجود فأنت المنيع وان أردت أن اسجد له فانا المطيع "(20) , هذا الإبليس الذي دافع عنه الصوفيين هو غير طاووس ملك الذي هو أول الملائكة الذين خلقهم الله من نوره والذي نجح في الاختبار الإلهي ولم يسجد لآدم متذكرا وصية ربه بعدم السجود لأحد غيره فجعله الله رئيسا للملائكة فكان أمر السجود بذلك أمر اختبار للملائكة لم ينجح في هذا الاختبار إلا رئيسهم الذي نفذ مشيئة الله بعدم السجود لآدم ولو شاء الله له السجود لسجد حالا لأنه لاراد لمشيئة الله في إرادته التي هي (كن فيكون ) ولا حرية لرئيس الملائكة في اختيار معصية ربه ولو شاء الله له السجود لهداه إلى الاختيار الصحيح لان (الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ) (21) .

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    هذا وان فكرة عدم السجود هي بالأساس فكرة صوفية دافع عنها غلاة الصوفية عن عزازيل ومحنته في عدم سجوده بقولهم انه إذا كان إبليس هو خالق المعصية والشر مع ( إن الخلق لاتكون الالله وحده ) وانه امتنع عن تنفيذ أمر ربه فلماذا إذن خلقه الله وما الحكمة من خلقه إياه , ثم انه عندما خلق الله تعالى الملائكة أمرهم بعدم السجود لأحد غيره وعندما خلق ادم أمر ملائكته بالسجود لآدم فلماذا كان أمر السجود لآدم وبالتالي امتناع رئيس ملائكته عن السجود وهو خير من ادم لأنه مخلوق من نار وآدم من تراب وان عدم سجوده لآدم كان بحسب وصية ربه بعدم السجود لأحد غيره فلماذا إذن أخرجه الله من الجنة وإذا كان رئيس الملائكة هو خالق الشر فلماذا تركه الله ينشر الآثام والمعاصي ولم يقضي عليه ولماذا يبتلي الله ملائكته وهو العليم بما يظهرون وما يبطنون , لذلك فان المتصوفة يرون بأنه لم يخالف ولم يعصي ربه (22) .
    فعدم السجود هو أعظم تجسيد للتوحيد وتقديس للذات الإلهية و إن أمر السجود كان أمر اختبار لا أمر بلاء ولو سجد رئيس الملائكة لآدم لخرج بذلك عن التوحيد ، أما ما يورده البعض من الكتاب والباحثين من إن أمر السجود لاوجود له في النصوص والأقوال الدينية اليزيدية، فاني اعترف أن اطلاعي على النصوص الدينية هي محدودة وربما لم يرد أمر السجود فيه لكن هناك بديهيات متفق عليها في جميع الأديان منها إن هناك أسلوبين في فهم الأديان احدهما متشدد الى درجة الجمود والثاني مشدود الى منطق التطور والتجديد وان ثمة آراء ووجهات نظر أخرى متعددة تقف بينهما , فالأول يأخذ بحرفية النصوص أما الثاني فيستمد المعاني من روحية تلك النصوص , و من جانب آخر هناك ثوابت دينية راسخة ومستقرة لأنها تتعلق بالإيمان والقناعة ومنها مسالة عدم السجود هذه التي استقر عليها موروثنا الأدبي الديني (23) كجزء من إيماننا و كمرتكز ثابت في عقيدتنا , أما الجانب الآخر فهو أن في الحياة هناك أمورا كثيرة تعتبر من المسلمات بها لا نفهمها ولكننا نتداولها و نؤمن بها وخاصة ما يتعلق منها بالمعتقدات الدينية التي لاتقبل الجدل لتبقى سرية وغامضة و لإضفاء هالة من القدسية عليها باعتبارها من المعجزات وما وراء الطبيعة بما يفوق الإدراك حتى يؤمن اكبر عدد من الناس بها لان الإيمان كما نعلم هو شعور لايستند الى أي شكل من أشكال البرهان المنطقي والعلمي لأنه يشكل جزء من الدين بوصفه شيء خارق للطبيعة وقناعاتنا الإيمانية مستقرة على وجود مبدأ السجود وهو ما يميزنا عن غيرنا(24) . ونحن لانملك متخصصين لافي علم اللاهوت الديني ولا في الفلسفة الدينية لا من رجال الدين ولا من غيرهم عدا بعض الاجتهادات الشخصية القليلة من بعض الباحثين الضالعين بالأمور و الثقافة الدينية والذين يتزعزع آرائهم ويتقلب بين الحين والأخر بحسب متطلبات الظروف كقضية السجود من عدمه ، فهناك من يؤمن بفكرة السجود وغيره يرفض هذه الفكرة من الأساس وهذا التضارب في الآراء والمواقف ليس في صالح ديننا في شيء , لذا ينبغي هنا تقريب وجهات النظر وأن يفتح حوارا بين الرافضين وبين المؤيدين وما يتوسطهما من أراء لأن رفض هذه الفكرة بالمطلق غير صحيح ولا قبولها بالمطلق هو الصحيح لان في الحالة الأولى عناد الأطفال وفي الثانية طاعة العبيد , فما من فكرة إلا وتحتمل أن يكون نقيضها هو الصواب ومن خلال الحوار والمرونة والأخذ والرد نقبل بالفكرة أو نرفضها لا أن نؤمن بدون مجادلة ,كما لابد أن يكون هناك توافق بين الإيمان والعقل أو التفكير المنطقي .

  3. #3
    من المشرفين القدامى
    إذن فان الفلسفة الصوفية في مأساة إبليس أو عزازيل كان لها التأثير الكبير على الفلسفة الدينية اليزيدية مع فارق نتائج هذا السجود وإذا ما اتفقنا على إن الديانة اليزيدية في مرحلة من مراحل تطورها التاريخي التدريجي كانت طريقة صوفية هي الطريقة العدوية لأمكن فهم سبب تأثير الفلسفة الصوفية على الفكر الديني اليزيدي ودخول اغلب طقوس وشعائر الصوفية على الممارسات الدينية اليزيدية , والمعلوم أن الطرق الصوفية لاتتبع أي دين ولاتتصف بمذهب معين أو دين محدد لأنها طريقة لها فلسفتها ورؤيتها المستقلة الخاصة في أمور الحياة والعبادة أساسها الزهد والتنسك والتعبد وترك الحياة وملذاتها لتحقيق هدف الحلول والاتحاد في الذات الإلهية , كما أن من مرتكزات ومبادئ الطرق الصوفية هي التحلل من أي ارتباط ديني لان الطريقة الصوفية هي لوحدها كافية لتحقيق غاية معرفة الله بدون حاجة لإتباع أي مذهب ديني ولهذا فان الفرائض الدينية وتكاليفها تسقط عن المتصوفة , كما أن هناك تراث ديني واحد يجمع المتصوفة جميعهم وان انتموا إلى أديان مختلفة فهم متشابهون وان اختلفوا في مذاهبهم وأديانهم .
    إذن فالمصادر التاريخية والدراسات الدينية وقناعاتنا الدينية تؤكد ومن خلال استقراء آراء الكتاب الذين بحثوا في هذه المسالة إن أمر السجود هي مسالة محسومة و مرتبطة بهذه الديانة مع فارق أن طاووس ملك هو ليس إبليس خالق الآثام والمعاصي في الأديان الأخرى لان الخلق والتكوين بما فيها الشرور (القضاء والقدر) لاتكون إلا لله تعالى وحده , فمن من الملائكة هو طاووس ملك ؟..

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال