بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
رحلت الأجساد معلنة لا بقاء
وأُسقط غصبا هناك علم إستسلام على قبر ذكرى
....
عندما نعيش الواقع وندرك أنه مرير ...نصرخ...نبكي..تتلعثم الألسن
تتخبط الأماني هنيهةً (ذهاباً إياباً) لا يهم...كل ما في الأمر أننا ولدنا لنموت
نذكر أولى خطواتنا نحو حياة مجهولة
وأولى إسهاماتنا في بناء عالمٍ قد اجتاحته الوحوش!
نعايش الواقع وكأنه سباقِ يجري بنا زمراً ..حيث لا موت للنهاية
لا نقتل وحشاً إلا ويجثم الآخر على جثثنا
لا نمحو ألماً إلا وينبثق جرحاً أكبر من بين حنايا الروح
لا نمسح دمعاً إلا ويتفجر جدولاً فنصبح كالشهب في حلكة السواد
هناك في بقعة من الروح يقبع ألماً ليقطع آخر رمق للدبيب في ذاك الجسد الذي أمسى خاوٍ بلا معين
نساير الحياة وكأننا عبيداً لها
هي تأمر ونحن ننفذ
هي تحفر القبر ونحن ننام بأمانٍ فيه
هي ترسم وتخطط ونحن نفجر ونبدع ونتفنن في رسم الصراعات
ما يعبث بهلوساتنا هو أن من حولنا يرمي البعض بتوقعاتهم ويشير بسبابته نحونا...ونحن نكاد لا ندرك ونكاد لا نفقه سوى أننا لسنا نحن من اُتهم بحمل السكين
.....
قد عيت الُمقل أن تستقر ...فنظراتها الساهمة تكاد لا تستقر على أمرٍ واحد
لعبت الأقدار بكحلها وسوادها، مسكينة لم تعد قادرة على أن تواجه الرمد الذي سيكون البطل الأخير من سيسدل الستار حجباً عن الأنظار
..........
ماتت القلوب إثر تقطع وصالها بمن جعلها وكوّنها
وتحطمت الأفئدة لفقدانها علاقتها بالسرمدية
وتكسرت هلوسات وأفكار هواجيسنا لفقداننا آناتنا
أما الروح وهو الجزء الأهم والأخير...فإنها قد ذاقت ما ذاقت وبال أمرها
أصبحت في الحضيض تُعلى ولا تعلو
عزائها المر أن أصْبَحَت دفينة قبر
يحتدم به الصراع أحيانا
ويخبو النفس شيئاً فشيئاً...كأنّما تقضبها قبضة وحشٍ
يبحث عن العرق الذي ينبض بالدم فيهشمه
حتى إذا ما تعالت الأنفاس شهيقاً يرسل لعنته الأخيرة على إصبعٍ كاد أن يعلن الإستسلام ...فيهوي أرضاً إثر سيف الوحش المسلول
مسكين هو...أراد العيش بذلة، فلم يستطع حتى أن يحظى بتلك الحياة
.....
ونحن هناك بين جاهلٍ ومجهول
ننتظر أن يتقلص الطابور فيأتي دورنا للملحمة
وفي ذاتنا نرفض أن نكون وليمة لقبرٍ قبل أواننا
ولكن هيهات....ما للقائد سوى الملعقة الفضية
ولجنوده نصيبٌ من العذاب
..........
عشنا الحياة بحلوها ومرها بجانب من أحببنا ومن أردنا
سلكنا مسلكهم ...وتلاحمت أفئدتنا وأفئدتهم
تبادلنا الضحكات والقهقهات
....
كُنّا نسير معاً ...نذهب ونأتي معاً
ولم يخطر ببالنا بأنه قد يحل بالبيد عاصفة
ولم نترك في الحسبان بأن الموت حق
وأكملنا المسير
.
.
.
.
.
.
.
.
وعندما أُطلقت صافرات الإنذار
..فقدانهم..
فقدنا الأقربون
ودُفنوا في بقاع الأرض التي ستبتلعنا معهم يوما ما
..
..
تشبنا بالذكرى
ولم تكن لنا خير معين
..حلمنا بالرحيل..
ولم نهم له ...ولم نعد الزاد
..أبينا تقبل الأقدار..
ولم نكن في النهاية سوى ]نحن[
نحن...روايةٌ نرويها منذ نعومة أظفارنا...ولن نكمل نهايتها إلا عند حافة قبر
رحلوا...
سلامٌ عليكم أصحاب القبور...أنتم السابقون ونحن اللاحقون