كلنا قد سمعنا تلك النكتة المشهورة: “إذا وافتني المنيّة، قم بمسح سجل المواقع التي زرتها على متصفحي!” يتفهَّم جميعنا تلك النكتة.
لأنَّه مهما كان نشاطنا على الإنترنت غير قابلٍ للشك، لدينا جميعًا عمليَّات بحثٍ غريبة على جوجل، قد لا يفهمها الآخرون إذا ما قُرئت خارج السياق.
كلنا زرنا صفحة شخصٍ ما على الفيسبوك لمرَّات عديدة. ورغم تطور الإنترنت على مستوياتٍ عديدة، يبقى فهمنا لحقوقنا وخصوصيَّتنا على الإنترنت بطيئًا ليوافق ذلك التطور.
لهذا السبب اجتمع فريق المدونات الصوتيَّة الذي يحمل اسم “الأشياء التي لا يريدونك أن تعرفها – Stuff They Don’t Want You To Know” مع ويل بيرسون (Will Pearson) ومانجو هاتيكودور (Mango Hattikudur) في حلقتين خاصتين من سلسلة ” Part-Time Genius” لمناقشة خصوصيَّة الإنترنت.
أولًا، طرح كل من مات فريدريك (Matt Frederick)، بين بولين (Ben Bowlin) ونويل براون (Noel Brown) السؤال الملحّ للغاية: هل بإمكانك حقًا مسح تاريخك على الإنترنت؟ الجواب قد يفاجئك!
منذ تسعينيات القرن الماضي، أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزّأ من الحياة اليوميَّة في العالم بأسره. أكثر من 4 مليارات شخص يستخدمون الإنترنت في الوقت الحاضر. وهذا يفوق نسبة 50% من عدد سكان العالم، حيث ارتفعت النسبة من 7% فقط سنة 2000. لم يعد الوصول إلى الإنترنت أمرًا يعكس الرفاهيَّة، بل أخذ يُعدّ حقًّا إنسانيًا، لأن جزءًا كبيرًا من الحياة أصبح يحوم حول قابليَّة الوصول إلى الإنترنت.
بسبب الاستخدام الضخم للإنترنت على المستوى العالمي، أصبح جمع المعلومات من المستخدمين عملًا كبيرًا. تملك محركات البحث مثل جوجل ومواقع التواصل مثل فيسبوك أحجامًا ضخمةً من البيانات عن حياة مستخدميها وروتينهم اليومي، والتي تعدّ معلوماتٍ مهمةً للغاية عند الإشهار والتسويق.
كما أنها قيَّمة بالنسبة للحكومات، والقراصنة طبعًا. بسبب التسويق المُستهدف، يدرك أناسٌ أكثر اليوم حجم المعلومات التي بإمكانهم الولوج إليها على الإنترنت، وإن حذف حسابك على موقع التواصل الاجتماعي قد لا يكون الحل السحري الذي تطمح إليه.
المشكلة في حذف المعلومات هي أنَّ لا شيء سيختفي حقًّا من الإنترنت. وبسبب بنود الشروط والخدمات التي لا يقرؤها أحد منا ــ لكننا نقبل بها جميعًا ــ من الصعب جدًا أن تتراجع عن معلومةٍ كنت قد نشرتها من قبل.
أنت، ومستخدمو ذلك الموقع قد لا ترون تلك المعلومة المحذوفة، لكنها تبقى مخزَّنة في مكانٍ ما. وفي بعض الحالات، قد تخسر ملكيَّة ذلك المحتوى.
على سبيل المثال، سيكون عليك تقديم طلب لإدارة الفيسبوك من أجل حذف حسابك بشكلٍ نهائي، وستُبقِي جوجل معلوماتك بشكلٍ دائم لاستخدامها كيما أرادت الشركة. قد يحذف يوتيوب مقطع فيديو، لكنه يبقى موجودًا على الخوادم.
هواتف الأندرويد باستطاعتها التنصّت على محادثاتك وتسجيل مقاطع صوتيَّة دون أخذ إذنٍ منك. وهو أمرٌ شرعي في الولايات المتحدة على الأقل: صوَّت الكونغرس في مارس 2017 على قرارٍ يسمح للشركات بجمع بيانات تصفّح مستخدميها وبيعها. (لا ينطبق الأمر نفسه على أوروبا)
ولا يسعى فقط وراء المعلومات تلك الشركات التي تريد بيع ما تجمعه من أشياء؛ فقد استفادت وكالة الأمن القومي (NSA) من هذا الموضوع. لقد قام كلٌّ من مات، وبين ونويل بتغطيَّة الكثير من الأمور التي قامت بها الوكالة خلال المدونة الصوتيَّة السابق ذكرها.
لكن ما يهمّ أنَّ الحكومة تريد معلوماتٍ حول المواقع التي يستخدمها أشخاصٌ معيّنون والغايات خلف ذلك الاستخدام. تحت غطاء “الأمن القومي”، جرَّبت الحكومة كل شيءٍ، من استخدام بيانات أجهزة الآيفون لتحديد مواقع الإرهابيين المشتبَه بهم، إلى محاولة اكتشاف هؤلاء الأشخاص الذين استخدموا مواقع معيَّنة للاحتجاج على تنصيب الرئيس الأمريكي ترامب.
سيؤول الأمر في النهاية إلى معارك قانونية لتحديد الفائز في القضيَّة: المواطنون أم الأمن القومي.
ما عدا عدم استخدام الحاسوب مجدّدًا، ما الذي بإمكانك فعله لحماية معلوماتك؟