كرّس الراحل أبو بكر سالم حياته الفنية لخدمة الوطن وصناعة الأغنية السعودية، حيث بدأ حياته باللون الصنعاني والعدني والتزم الرقي ما بين اللحن والكلمة والأداء، وتميز بثقافة فنية عالية كشاعر وملحن وموزع موسيقي في مشواره العريق الذي بدأ في نهاية الخمسينات وقدم خلاله أعمالاً غنائية خالدة بالوجدان ولامست شغف القلوب فكتب اسمه بحروف من ماء الذهب بتاريخ الأغنيه العربية والخليجية.
محطات فنية
قدّم أبو بكر خلال محطاته الفنية أعمالاً لن تنسى وأصبحت تتوارد بين الحين والآخر وكانت أول أعماله التي طرحت في نهاية الخمسينات "أنا يا قلبي" وكانت من كلماته وألحانه. تغنّى الراحل باللون العدني وقدم عملاً عدنياً من الموروث الشعبي بعنوان "يا زارعين العنب" التي أخذت حيزاً كبيراً آنذاك، وفي حقبة السبعينات قدم الأغنية التي تعتبر الأشهر في مسيرته الغنائية وأمتدت من المحيط إلى الخليج بعنوان "سر حبي" من كلمات والحان حسين المحضار، وتغنى بها نجوم الأغنية من الصف الأول في المحافل الفنية.
تألق ونجومية
مروراً بعصر الثمانينات الذي شهد تغيراً كبيراً في مسيرته الذهبية من خلال تقديم الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن أغنية "ماعلينا" وكانت من الحانه، "عاد كلي صغير ، ياسمار ، تصافينا، أحب الفراق"، أعمال مؤرخة صدح بها سالم في الوسط الفني أصبحت ذكرى للأجيال ما بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر .
جوائز وانجازات
حقق الراحل أكثر من عشرين جائزة محلية ودولية تقديراً لما قدمه من عطاء صال بصوته الشامخ الجهوري كان أبرزها منحه الدكتوراه الفخرية في الآداب والفنون من جامعة حضرموت ، وجائزة الأوسكار في الأغنيه العربيه في عام 2002.
سر لا تعرفه عن أبوبكر سالم
سُئل الفنان الكبير ذات يوم عن ندرة قبوله لأي لحن يقدم له من الفنانين الآخرين، فأجاب: "ليس ذلك اقتصارا على أن أغني ما ألحنه فقط، بالعكس هناك فطاحل من الملحنين ولهم معرفة فنية، ولي أصدقاء كثر، ولكن أحب الالتقاء والانصهار في اللحن والكلمة وتوظيف الأغنية"، مبيناً أن "بعض الملحنين يغيب عن باله المعنى، ويصب ذهنه كله في حكاية الاستعراض الموسيقي"، على حد وصفه. وأوضح سالم في سياق حديثه الذي مضى عليه أكثر من 17 عاماً أن الأوركسترا لا تزال حديثة في عمرها الذي لم يتجاوز 40 عاماً، لذا كان يفضل الحفاظ على جمله البسيطة، ويرى أن المتلقين يحبون هذه الألوان واصفاً الأمر بأنه ليس من باب الغرور أو التمنّع.
آخر ظهور له
يشار إلى أن آخر ظهور له على خشبة المسرح كان خلال حفل اليوم الوطني في سبتمبر الماضي وكرّم من خلاله تقديراً له على مكانته الكبيرة وخاطب جماهيره من خلال آداء البسيط لإغنية "يا بلادي واصلي" في ظل ظروفه الصحية، ليرحل ويوارى الثرى امس الأحد "رحمه الله" رحمة واسعة .