بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين







قال الإمام الصادق عليه السلام: «مَن تَكهَّن أو تُكُهِّن له، فقد برئ من دين محمّد صلّى الله عليه وآله».


نظراً لأهميّة هذا الموضوع فقد اختارت «شعائر» نصّاً للمرجع الدينيّ الراحل السيّد أبو الحسن الأصفهاني قدّس سرّه، يورد فيه إجماع الفقهاء على حرمة السحر والكهانة.
والنصّ منقول -بتصرّف- من كتاب (الذنوب الكبيرة) للعالم العارف الشهيد دستغيب رضوان الله تعالى عليه.



جاء في (وسيلة النجاة) للسيّد الأصفهاني في تعريف السحر: «المُراد بالسحر ما يُعمل من كتابة أو تكلّم أو دخانة أو تصوير أو نفث أو عقد، يؤثّر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله، فيؤثّر في إحضاره أو إغمائه أو تحبيبه أو تبغيضه ونحو ذلك»
.
أمّا الكهانة، فهي الإخبار عن الأمور المستقبليّة والتنبّؤ بها اعتقاداً بوصولها من طوائف الجنّ، أو بمقدّمات وأسباب تُنبئهم بالمستقبل، مثل أن يكتشف من خلال كلمات وحالات وتصرّفات السائل بعض الأمور الآتية، أو الخفيّة، وذكر صاحب (النهاية) [الشيخ الطوسي] أنّ هذا القسم من الكهانة يُقال له العرافة.

إلّا أنّ مشهور الفقهاء يرون أنّ الكاهن هو من لديه رفيق من الجنّ يخبره بالأمور الخفيّة، مثل معرفة موضع المال المسروق، أو معرفة السارق، أو مكان المال الضائع، أو يُخبره بالأمور المستقبليّة بنحو التنبّؤ.
والكهانة حرام باتّفاق جميع العلماء، كما أنّ تعلُّم السحر وتعليمه وعمله، والذهاب للكاهن لأجل التكهُّن حرام أيضاً، بل ذكر بعض الفقهاء أنّ الكهانة من أقسام السحر.
عن الإمام الصادق عليه السلام: «مَن تَكهَّن أو تُكُهِّن له، فقد برئ من دين محمّد صلّى الله عليه وآله».
وفي صحيحة الحسن بن محبوب عن الهيثم قال:
«قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّ عندنا بالجزيرة رجلاً ربّما أخبر مَن يأتيه يسأله عن الشيء يُسرق أو شبه ذلك، أفنسأله؟
فقال عليه السلام: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَن مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذّاب يصدّقه فيما يقول، فقد كفر بما أنزل الله من كتاب»
.
يقول الشيخ الأنصاري في (المكاسب): وظاهر هذه الصحيحة أنّ الإخبار عن الغائبات على سبيل الجزم محرّمٌ مطلقاً، سواءً كان بالكهانة أم بغيرها.

صلاح الناس في عدم معرفة الأمور المستقبليّة


يجب أن يعلم أنّ الحكمة والمصلحة في تحريم الكهانة ونظائرها هي أن ّالله الحكيم تعالى لم يُرد أن يُطلع الناس على المُغيّبات وعلى الحوادث المستقبليّة، وصلاحُهم في جهلها، لأنّها إذا كانت حسنة وموافقة لميولهم، فإنّ مجرّد العلم بها لا يعجّل حدوثَها، بل لعلّ حدوثها مشروطٌ بالإتيان ببعض الأعمال الصالحة، كالدعاء والصدقة، وسوف يُحرم الإنسان منها نتيجة عدم إتيانه بتلك الأعمال. وإذا كانت تلك الحوادث المستقبليّة من الأمور السيّئة، وعلى خلاف ميول الشخص، فسوف ينزعج انزعاجاً شديداً لدى علمه بها، مع أنّه من المحتمل أن لا تكون حتميّة الوقوع، ويمكن أن يقع فيها البداء. وما أكثر الحوادث المترقَّبة التي تندفع ببركة الدعاء والصدقة وأعمال الخير، مثل اندفاع البلاء عن قوم يونس بعد اقترابه، بسبب التوبة والدعاء، كما ذكر تعالى ذلك في القرآن الكريم.
رُوي في كتاب (الاحتجاج) عن الإمام الصادق عليه السلام حديثٌ خلاصته، أنّه بعدما مُنع الجنّ والشياطين من صعود السماء -أي بعد ولادة رسول الله صلّى الله عليه وآله- تعذّر عليهم أن يحصلوا على أخبار الأمور السماويّة، ولم يمكنهم أن يخبروا إلّا عن بعض الأمور الجزئيّة الأرضيّة، وبنحوٍ ناقص، وكما يوجد بين البشر صادقون وكاذبون، فكذلك في طائفة الجنّ. وعلى ذلك يمتنع الاعتماد على قول الكاهن.


قذارة السحر والكهانة

ويكفي لمعرفة حرمة هذا العمل ما يذكره أهل المعرفة من الأعمال التي يتوقّف عليها تحصيل السحر والكهانة، من أنواع الشرور والجناية والخيانة، والتي منها ترك جميع الأمور الخيّرة، وارتكاب الأفعال الشنيعة، وهتك الحرمات الإلهيّة.
والخلاصة، يلزم أداء بعض الأعمال التي يقترب بها من الشياطين، بل يكون من سنخهم وأسوأ لكي يتمكّن من السحر والكهانة.
فما أسوأ حظّ البشر الذي يستطيع ببركة أعمال الخير، واتّباع مقرّرات الشرع المقدّس أن يكون من سنخ الملائكة بل أفضل منهم، ويحرم نفسه من هذه الدرجات ويلتحق بأسفل السافلين، وهو أسفل من الشياطين.


السحر والكهانة في أحاديث أهل بيت العصمة عليهم السلام


* رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ثلاثة لا يدخلون الجنّة: مُدمن الخمر، ومُدمن سحر، وقاطعُ رَحِم».
* أمير المؤمنين عليه السلام: «مَن تعلّم شيئاً من السحر قليلاً أو كثيراً فقد كفر، وكان آخر عهده بربّه وحده أن يقتل إلّا أن يتوب».
* وعنه عليه السلام: «المُنجِّم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر! والكافر في النار».


..يستحق اللعنة

*عن أمير المؤمنين عليه السلام: «أقبلت امرأة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقالت: يا رسول الله! إنّ لي زوجاً وله عليّ غلظة، وإنّي صنعت به شيئاً لأعطفه عليّ. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أفٍّ لك، كدَّرتِ دينَك! لعنتك الملائكةُ الأخيار، قالها ثلاث مرات، لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة الأرض».


آية من كنز العرش

عن أمير المؤمنين عن رسول الله الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: «لَمَّا نَزَلَتْ آيةُ الكرسي نَزَلَتْ آيَةٌ مِنْ كَنْزِ الْعَرْشِ، مَا مِنْ وَثَنٍ فِي الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ إِلَّا وَ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ ".." لَا يقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةُ فِي بَيْتٍ إِلَّا وَلَا يَحُومُ الشَّيْطَانُ حَوْلَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .. إِلَى أَنْ ذَكَرَ ثَلَاثِينَ يَوْماً، وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ السِّحْرُ أَرْبَعِينَ يَوْماً.
يَا عَلِيّ: تَعَلَّمْ هَذِهِ الْآيَةَ، وَ عَلِّمْهَا أَوْلَادَكَ وَجِيرَانَكَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ آيَةٌ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا».