المورمونية هي الفرع الرئيس من حركة قديسي الزمن الأخير، التي بدأت برؤيا جوزف سميث في ولاية نيويورك خلال عشرينات القرن التاسع عشر. بعد وفاة سميث عام 1844 تبع المورمون بريغام يونغ إلى ما أضحى اليوم يعرف بولاية يوتاه. معظم المورمون اليوم هم أعضاء في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الزمن الأخير، في حين أن الأقلية هم أعضاء في كنائس أخرى. بعض المورمون هم إما مستقلون أو غير ممارسين. مركز التاثير الثقافي المورموني موجود اليوم في يوتاه، وشمال أميركا فيه من المورمون أكثر من أية قارة أخرى، مع أن معظم المورمون يعيشون خارج الولايات المتحدة.
نما عند المورمون شعور قوي بالجماعية والذي يخرج من مذهبهم وتاريخهم. فخلال القرن التاسع عشر مال معتنقو المورمونية للتجمع في موقع جغرافي مركزي، وبين العامين 1852 و 1890 مارس كثير من المورمون علناً الزواج المتعدد، وهو شكل لتعدد الزوجات. يكرس المورمون وقتاً كبيراً للخدمة الكنسية، وكثير من المورمون يختارون الخدمة في الرسائل التبشيرية كامل الوقت. للمورمون منظومة قواعد صحية تحرم الكحول والتبغ والقهوة والشاي وغيرها من المواد التي تسبب الإدمان. يميل المورمون إلى المحافظة على القيم العائلية، ولهم ارتباطات قوية عبر الأجيال مع العائلة الممتدة. عند المورمون شريعة عفة صارمة، تتطلب الامتناع عن العلاقات الجنسية خارج الزواج وإخلاص صارم داخل الزواج. يعتبر المورمون أنفسهم مسيحيين، مع أن بعض معتقداتهم تختلف عن المسيحية التي نعرفها عموماً. يؤمن المورمون بالكتاب المقدس، إضافة إلى أسفار مقدسة أخرى، مثل كتاب مورمون. للمورمون نظرة فريدة لنشوء الكون، فهم يعتقدون أن كل الناس هم أبناء روحانيون لله. يؤمن المورمون بأن العودة إلى الله تتضمن السير في أمثولة يسوع المسيح، وقبول كفارته عبر شعائر كالعماد. كما يعتقدون أن كنيسة المسيح قد تم احياؤها عبر جوزف سميث، وهي تسير في هدي الأنبياء والرسل الأحياء. يحتل الاعتقاد بأن الله يتحدث إلى أولاده ويستجيب لصلواتهم مكانة مركزية في الديانة المورمونية.
ينقسم تاريخ المورمون إلى ثلاث أحقاب:
1 – التاريخ الأولي وقت كان جوزف سميث على قيد الحياة؛
2 – الحقبة الطليعية تحت قيادة بريغام يونغ وخلفائه؛
3 – الحقبة المعاصرة التي تبدأ بحلول القرن العشرين.
في الحقبة الأولى، حاول سميث بناء مدينة تحت اسم صهيون، والتي كان بإمكان المؤمنين التجمع فيها. في الحقبة الطليعية، صارت صهيون " قرى " في يوتاه. في الزمن المعاصر، ما تزال صهيون أمثولة، مع أن المورمون يتجمعون معاً في أماكن كثيرة لا في موقع جغرافي مركزي.
عدد المورمون في العالم:
الولايات المتحدة: 6100000
البرازيل: 1100000
المكسيك 1200000
الفيليبين 630000
تشيلي 560000
بيرو 500000
الأرجنتين 380000
الاعتقادات:
للمورمون مجموعة نصوص مقدسة تتكون من الكتاب المقدس، كتاب مورمون، ومجموعة من الآيات التي نزلت على جوزف سميث والتي تعرف باسم المبادئ والعهود والخريدة النفسية. لكن المورمون يمتلكون تعريفاً مفتوحاً نوعا ما للنص المقدس. كقاعدة عامة، أي شيء يكتبه النبي أو يقوله، حين يكون في حالة وحي، يعتبر كلام الله. وهكذا، فالكتاب المقدس، الذي كتبه الأنبياء، هو كلام الله، بقدر ما تكون ترجمته صحيحة. كذلك يعتقد أن كتاب مورمون كتبه الأنبياء القدامى، وهو رفيق للكتاب المقدس.
ووفق هذا التعريف، فإن تعاليم خلفاء سميث مقبولة أيضاً كنص مقدس، مع أنها دائماً تأخذ للغاية من النصوص المقدسة للمورمون.
ينظر المورمون إلى يسوع المسيح كشخص أولي في ديانتهم.
يؤمن المورمون " بكون صديق "، يحكمه الله الذي سيجلب عمله ومجده الخلود والحياة الأبدية لأولاده. للمورمون منظور فريد من نوعه تقريباً في مسأئل طبيعة الله، أصل الإنسان، وغاية الحياة. فعلى سبيل المثال، يعتقد المورمون بوجود مسبق للإنسان حيث كان الناس حرفياً أبناء لله، وأن الله رسم خطة كانت ستسمح لأولاده بالتقدم وأن يصبحوا مثله. كانت الخطة تتضمن أن تتلقى الأرواح أجساداً على الأرض وأن تمر بتجارب كي تتعلّم، وتتقدم وتتلقى " كمال السعادة ". أهم جزء من الخطة كان يشمل يسوع، أقدم أبناء الله، الذي سيأتي إلى الأرض كابن لله حرفياً، لقهر الإثم والموت فيمكن لأبناء الله الآخرين العودة. وبرأي المورمون، فإن كل من يعيش على الأرض سوف يقوم من بين الأموات، ومعظمهم سيُستقبلون في الأنواع المختلفة لملكوتات المجد. وكي يكون الشخص مقبولاً في الملكوت الأعلى، عليه أن يقبل بالتمام المسيح من خلال الإيمان، التوبة، ومن خلال بعض الشعائر كالعماد ووضع الأيدي.
يقول المورمون إن انحرافاً عن المبادئ المسيحية الأصلية، الذي يعرف عندهم بالردة الكبيرة، بدأ بعد صعود المسيح ليس بوقت طويل. وقد كانت علامة ذلك فساد المذهب المسيحي على يد اليونان وغيرهم من الفلاسفة، هذا غير انقسام الأتباع إلى جماعات أيديولوجية مختلفة. يقول المورمون إن استشهاد الرسل قاد إلى ضياع سلطة الكهنوت المسئولة عن إدارة الكنيسة وشعائرها. ويؤمن المورومون بأن الله استرد المسيحية عبر جوزف سميث. ويؤمن المورمون بشكل خاص أن الملائكة، مثل بطرس ويعقوب ويوحنا ويوحنا المعمدان وغيرهم ظهروا لجوزف سميث وغيره وأسبغوا عليهم سطلة الكهنوت. ويؤمن المورمون بأن كنيستهم وحدها هي الحية والحقيقية بسبب " السلطة الإلهية المستردة عبر جوزف سميث ". يقول المورمون عن أنفسهم بأنهم مسيحيون، لكن غيرهم من المسيحيين، خاصة البيض الإنجيليين البروتستانت، لا يوافقون على هذا الرأي. ينظر المورمون إلى الكنائس المسيحية الأخرى بأن لديها جزء من الحقيقة، فهي تقوم بأعمال حسنة، وتسير بهدي نور المسيح.
رغم النظام الهرمي من فوق إلى تحت في الكنيسة المورمونية الذي على رأسه رئيس\نبي يعطي وحياً لكل الكنيسة، هنالك سمة من تحت إلى فوق أيضاً. فالمورمون يمكنهم الوصول إلى الوحي ذاته الذي يقال إنه يهدي الأنبياء، وهم يشجعون على التماس الحصول على وحيهم الشخصي. فالمورمون ينظرون إلى أول رؤيا لجوزف سميث على أنها الدليل على أن السماء مفتوحة، وأن الله يستجيب للدعاء. وهم يهتمون كثيراً " بالطلب من الله " كي يدلهم ما إذا أمر ما حقيقياً أم لا. معظم المورمون لا يزعمون أنهم امتلكوا رؤى سماوية مثل رؤى سميث التي جاءت استجابة لصلاته، لكنهم يشعرون أن الله يتحدث إليهم في قلوبهم وعقولهم عبر الروح القدس. ومع أن للمورمون عقائد تعتبر غريبة في عالمنا المعاصر، إلا أنهم مستمرون في التمسك بعقائدهم لأنهم يشعرون أن الله يتكلم إليهم.
يرجع المورمون أصلهم إلى رؤى جوزف سميث التي يقال إنها بدت له في بداية عشرينات القرن التاسع عشر حين كان يعيش في إحدى ضواحي نيويورك. عام 1823 قال سميث إن ملاكاً قاده إلى كتاب مطمور مكتوب على ألأواح ذهبية يحتوي القصة الدينية لشعب قديم. ثم نشر سميث ما قال إنه ترجمة لهذه الألواح في آذار 1830 تحت اسم كتاب مورمون، الذي يحمل بدوره اسم مورمون، النبي المؤرخ الذي جمع الكتاب، وفي 6 نيسان 1830، أسس سميث كنيسة المسيح. امتدت الكنيسة غرباً حيث أرسل سميث رسلاً للتبشير بالإنجيل الجديد. وعام 1831، انتقلت الكنيسة إلى أوهايو، حيث جذب المبشرون عدداً كبيراً من المؤمنين، وبدأ سميث بوضع الأسس لموقع في جاكسون كاونتي، ميسوري، حيث خطط لبناء مدينة صهيون، أو القدس الجديدة. عام 1833، قام مستوطنو ميسوري، الذين أرعبهم التدفق السريع للمورمون، بطرد الأخيرين من جاكسون كاونتي، فانتقلوا إلى كلاي كاونتي القريبة، حيث رحب بهم السكان المحليون. وبعد أن قاد سميث إرسالية، تعرف باسم مخيم صهيون، بدأ ببناء معبد كيرتلاند في ليك كاونتي، أوهايو، حيث ازدهرت الكنيسة. وحين طلب من المورمون لاحقاً بمغادرة كلاي كاونتي عام 1836، احتفظوا بأرض ما أصبح يدعى كالدويل كونتي.
انتهت حقبة كيرتلاند عام 1838، بعد فشل المصرف الممول للكنيسة الذي أدى إلى انشقاقات واسعة، فأعاد سميث تكوين الجماعة مما تبقى من الكنيسة في الغرب الأقصى، ميسوري. وخلال خريف 1838، تصاعدت الصراعات لنصل إلى حرب المورمون مع مستوطني ميسوري القدماء. وفي 27 تشرين أول، أمر حاكم ميسوري بأنه " على التعامل مع المورمون كأعداء " ولا بد بالتالي من طردهم من الولاية. وهكذا، أبعد حتى نيسان 8 آلاف مورموني شرقاً إلى إلينوي. عام 1839، حول المورمون مستنقعات على ضفاف نهر المسيسيبي إلى ناوفو، إيلينيوي، ثم بدأوا ببناء معبد ناوفو. المدينة صارت المبنى الجديد للكنيسة ومكان الاجتماع، ونمت بسرعة، وقد ساهم في ذلك جزئياً المهاجرون القادمون من أوروبا. في تلك الآونة، أدخل سميث طقوساً في المعبد لربط العوائل ببعضها إلى الأبد، إضافة إلى مبادئ التقدّم الأزلي أو التمجيد، وتعدد الزوجات. خلق سميث منظمة خدمية للنساء اسمها Relief Society، إضافة إلى منظمة دعيت، مجلس الخمسين، تمثّل " مملكة الله " الثيوديمقراطية المستقبلية على الأرض. نشر سميث أيضاً قصة رؤيته الأولى، والتي ظهر فيها الآب والابن له حين كان في الرابعة عشرة من العمر. بعد وفاة سميث بزمن طويل، صارت تعتبر هذه الرؤيا من قبل بعض المورمون الحدث الأهم في الحياة البشرية بعد ولادة يسوع المسيح ورسالته وقيامته.
عام 1844، تصاعدت التحيزات المحلية والتوترات الداخلية، والتي غذتها الفردانية المورمونية والانشقاقت الداخلية، حتى وصل الأمر إلى صراعات بين المورمون وأعدائهم. ويوم 27 حزيران، 1844، قتل جوزف سميث وأخوه هيروم على يد الرعاع في قرطاج، إيلينوي.
لأن هيروم كان الخليفة المنطقي لجوزف، أدى موتهما إلى أزمة خلافة، فتولى بريغام يونغ القيادة على رأس غالبية القديسين. كان يونغ زميلاً حميماً لسميث كما كان رسولاً بارزاً ضمن مجموعة الإثني عشر. لكن مجموعات أصغر من قديسي الزمن الأخير تبعت قادة آخرين لتشكيل جماعات أخرى من حركة قديسي الزمن الأخير. بعد موت سميث بعامين، تصاعدت الصراعات بين المورمون وسكان إيلينوي الآخرين. من أجل منع الحرب، قاد بريغام يونغ الطليعة المورمونيين إلى المقام الشتوي وأخيراً ( في بداية 1847 ) إلى ما صار يعرف بإقليم يوتاه.
بعد أن فشل المورمون في بناء صهيون ضمن حدود المجتمع الأمريكي، بدأوا ببناء مجتمع منعزل، قائم على قيمهم وعقائدهم. والأخلاق التعاونية التي خلقها المورمون في العقد ونصف العقد الأخيرين صارت هامة لهم كمستوطنين ينتشرون ويتسعمرون منطقة صحراوية كبيرة وهو ما يعرف اليوم بالممر المورموني. الجهود الاستعمارية ينظر إليها كواجبات دينية، والقرى الجديدة حكمها أساقفة مورمون، وهو ما سمح لهم ببناء جماعة زراعية في الصحراء.