هي فرع من بوذية الماهايانا؛ والماهايانا التي تعني حرفياً الحافلة الكبيرة، هي واحدة من فرعين كبيرين في البوذية. نشأت بوذية الماهايانا في الهند. وهي الجماعة الأكبر في البوذية اليوم، حيث تبلغ نسبة أتباعها 56 بالمئة من البوذيين، في حين يتبع 38 بالمئة بوذية الثيرافادا، و6 بالمئة لبوذية الفيرافانا. وضمن نطاق الماهايانا يمكن تصنيف النيشرين والزن.
تدعي بوذية نيشرين أنها تمثل البوذية الصحيحة وتقدم للعالم الأنموذج المستنير علمياً للممارسة الدينية. فهي تعلّم أنه من خلال عبادة الغوهونزون، وهي ماندالا المقدسة، يمكن أن تُجعل حياة المؤمنين في وئام مع الواقع ، منتجة الثروة، والنجاح، والصحة. ومع ذلك، فإن بوذية نيشرين تمثل شكلا متأخراً للبوذية التي تركز علىالمادية. وعلاوة على ذلك، تدعي أنها متوافقة مع المسيحية.
مؤسس الطائفة هو نيشرين. وهو ابن لصياد سمك ياباني. دخل نيشرين الدير وهو طفل، ليطرد منه في سن الثالثة عشرة بسبب آرائه العسكرية. وقد لعب نيشرين دوراً بارزاً في تحضر اليابان للغزو المغولي. من عمر الستة عشرة إلى عمر الثانية والثلاثين درس نيشرين في معابد عديدة في اليابان. واستنتج في نهاية المطاف أن أرقى تعاليم بوذا ( 563 – 483 ق.م. ) موجودة في سوترا اللوتس.
في نيسان 1253، تأمل نيشرين في مانترا تدعى دايموكو أو أودايموكو. والمانترا هي كلمة أو مجموعة كلمات يقال إنها قادرة على خلق تحول داخل المرء. هذه المانترا كانت تعبّر عن تكرّسه لتلك المجموعة من التعاليم. وخلال حياته، كان نيشرين يؤكد بنوع من الحدة على أن ما كان يعاصره من تعاليم بوذية تقدمها الطوائف الأخرى، مثل الزن، كان على خطأ في فهمه للطرق إلى الاستنارة، ومن ثم فقد دحضها علناً وبطريقة لا تخلو من صخب. وبفعلته تلك، أثار حفيظة حكام البلاد وكهنة الطوائف التي كان ينتقدها، فكان أن تعرض للاضطهاد وهو ما تضمن محاولة لذبحه ونفيين على الأقل. بعض مدارس النيشرين ترى في محاولة الذبح تلك نقطة تحول في تعاليم نيشرين، إذ شرع نيشرين حينها بكتابة الغوهونزون، كما كتب عدداً من المقالات الهامة المتعلقة بالمذهب وذلك أثناء سنوات نفيه الثلاث التالية في جزيرة سادو في بحر اليابان. بعد العفو عنه وعودته من النفي، انتقل نيشرين إلى جبل مينوبو حيث قام بناء معبد بالتعاون مع أتباعه. وكان على نيشرين أن يمضي معظم حياته هنا يدرب حوارييه.
أدى ظهور بوذية نيشرين إلى قيام أسئلة دائمة في الدوائر البوذية الأخرى حول تعاليم الرجل وممارساته. فقد كان صوت نيشرين عالياً في انتقاد مدارس أخرى من البوذية، وذلك باستخدام أسلوب بلاغي ، واتهامهم بالمسئولية عن الوضع الكارثي في المجتمع الياباني. وبعض الباحثين يضيف أن نيشرين انتقد بشدة الطقوس الباطنية في المدارس الأخرى.
كانت ردة فعل رد السلطات التي تدعمها مختلف الجماعات البوذية على انتقاد نيشرين وأتباعه شديدة للغاية.ومن وجهة نظر نيشرين ذاته ، كان موقفه المتصلب هو بهدف إنقاذ الناس من المعاناة .
بعد فشل كل المحاولات لإسكات نيشرين أو قتله، تحولت الاضطهادات نحو أتباعه، وكان أشهر من اضطهدهم أتسوهارا، حيث تم قطع رؤوس ثلاثة من البوذيين النيشرين. والتعصب تجاه نيشرين لم يتوقف بعد وفاة المؤسس عام (1282)، وكان الاضطهاد الأقوى هو تلك الهجمات العنيفة على معابد النيشرين في القرن 16، في كيوتو، اليابان: " فقد هوجمت معابد النيشرين في كيوتو من قبل رهبان آخرين عام(1536) وتم إحراق واحد وعشرين من معابد النيشرين... وتشير التقديرات إلى أن عشرات الآلاف من البوذيين النيشرين فقدوا حياتهم ". أدى التعصب تجاه نيشرين البوذية ببعض الباحثين إلى مقارنتها ببدايات المسيحية: يقول أحدهم" يمكن أن نجد في نيشرين البوذية ما هو قابل للمقارنة على نطاق واسع مع المسيحية 'كدين نبوي، مع روحها الاستشهادية، مع وعيها الرسولي، وبالإضافة إلى ذلك، مع تركيزها على التاريخ ". تغير مزاج العوام في التعامل مع بوذية النيشرين بمرور الزمن.وعلى الرغم من أن بعض الجماعات ما تزال تنأى بنفسها عن النيشرين ، فإن معظم البوذيين النيشرين يستمتعون بالتعايش السلمي مع الجماعات الدينية الأخرى ، في مجتمعات تقوم أساساً على حرية الاعتقاد.
وفقا لتفسير نيشرين لتعاليم سوترا لوتس، ينبغي أن ينظر إلى الاضطهاد الذي واجهه النيشرين البوذيينباعتباره نتيجة طبيعية للالتزامهم بمعتقداتهم، كما تم التنبؤ عن ذلك في مختلف فصول هذه السوترا يقال فيها: سيكون هناك الكثير من الجهلة، الذين سوف يلعنوننا ويشتموننا وسوف يهاجموننا بسيوف وعصي، ولكننا سوف نتحمل كل هذه الأمور ". وكان نيشرين يشجع تلاميذه على عدم المشاركة في العنف: حيث يقول" حتى لو ارتدى الآخرون الدروع وقاموا بالتحريض، على تلاميذي أن لا يفعلوا الشيء نفسه أبداً. وإذا كان هناك بعض الذين يعدون أنفسهم للقتال ضمن مجموعتنا، يرجى الكتابة لي على الفور . " بوذيةالنيشرين تؤكد على قدسية الحياة و اللاعنف المطلق:". أن تحرم إنساناً من الحياة هو ارتكاب لأخطر نوع من الخطيئة "، ونيشرين يعتبر أن النقاش أو الحوار هو السبيل الوحيد لحل النزاعات.
تعتمد بوذية النيشرين أساساً لها سوترا اللوتس. والسوترا في الهندوسية والبوذية هي قول مأثور أو مجموعة أقوال مأثورة موجودة على هيئة نص. أما سوترا اللوتس فتقول إن كل الناس لديهم طبيعة بوذا فطرية وهم بالتالي قادرون بالسليقة على الوصول إلى الاستنارة في شكلهم الآني وفي حياتهم الحاضرة. والنيشريون يعتقدون أن انتشار تعاليم معلمهم وتأثيرها على حياة من يمارسها سوف توصل في النهاية إلى مجتمع مسالم، عادل ومزدهر.
يقول نيشرين، إن كل تعاليم بوذا غير سوترا اللوتس إنما كانت تدرّس من أجل تحضير مريديه لتعاليم سوترا اللوتس. إن أبرز مبدأين في سوترا اللوتس، واللذين كانا بؤرة تعاليم نيشرين ومرانه، هما: إمكانية إحراز البوذانية من قبل كل الناس وأثناء حياتهم على الأرض؛ والحياة الأبدية لبوذا التي يُكشف عنها في سوترا اللوتس.
كان نيشرين كاتباً غزير الانتاج. وتفصّل تواصلاته وكتاباته الشخصية لأتباعه إضافة إلى مقالاته العديدة منظوره للشكل الصحيح للعرف المتعلق بيوم الشرع الأخير؛ كما وضح في كتاباته تلك آراءه حول المدارس البوذية، خاصة تلك التي كانت مؤثرة في زمنه، هذا غير إلقائه الضوء على تفاسيره لتعاليم بوذا التي سبقت تعاليمه. هذه الكتابات تعرف بالمجمل باسم غوشو أو غويبون.
العرف الأساسي عند النيشرين هو الترتيل. وهم يرتلون مانترا تقول، إني أكرّس ذاتي للقانون ذاته. والمؤمنون يتلون أيضاً سوترا اللوتس كجزء من طقسهم اليومي. والترتيل يتم أمام نص لنيشرين على شكل مدرجة يدعى غوهونزون. والترتيل يتم عادة ثلاثين دقيقة ليلاً ونهاراً. الملجأ الثلاثي هو أحد المصطلحات الشائعة عند النيشرين ؛ والملجأ الثلاثي يعني بوذا، ذارما أو القانون، وسانغا أو المجتمع. وفي بوذية نيشرين يعتبر أن نيشرين هو ذاته بوذا، في حين أن الذارما موجودة في الترتيل والغوهونزون؛ النص المقدس عندهم، أما السانغا فهي ممثلة في الكهنوت فقط.
.هنالك اليوم العديد من المدارس لبوذية نيشرين، أكبرها هي سوكا غاكاي.
سوكا غاكاي التي تعني " جمعية خلق القيم " هي حركة علمانية بوذية تضم أكثر من 12 مليون شخص حول العالم وتوصف اليوم بأنها الحركة البوذية العلمانية الأكثر تنوعاً وانتشاراً في العالم.
وسوكا غاكاي هي المجموعة الوحيدة البوذية في الغرب والتي اجتذبت كثيراً من الأعضاء متعددي الأعراق. وفي كانون الثاني من عام 2008، كان عدد أعضائها الناشطين في المملكة المتحدة يزيد قليلاً على 10000 شخص. والحركة لديها مراكز كثيرة في كافة أرجاء العالم.
يعتبر الصوم عند البوذيين عموماً عرفاً نسكياً. والأعراف النسكية عند البوذيين الرهبان مكونة من ثلاثة عشر طقساً، أربعة منها تخص الصوم. والصوم له أشكال كثيرة، منها أن يأكل المرء مرة واحدة في اليوم، أو أن ينقص كمية الطعام الذي يتناوله، أو أن يأكل جالساً، وغيرها. والصوم هنا طوعي غير إجباري.
حقبة الصوم القياسية تقدر بثمانية عشر يوماً، لا يُشرب فيها غير كمية قليلة من الماء. وقبل الصوم يمرن الصائم معدته بتناول الخبز الجاف ثلاثة أيام.